الاحتكار هو وضع في السوق تنقطع فيه المنافسة، وتتحكّم منشأة واحدة في الكمّية المعروضة من السلعة، وبالتالي التحكّم في السعر، بعبارة أخرى، هو وضع سوقي لا يوجد به إلاّ بائع واحد أو مُنتج (يسمى المحتكر) ولكن مع العديد من المشترين. في سوق المنافسة الكاملة، والتي تضمّ عددا كبيرا من البائعين والمشترين، لا يمكن لمشترٍ واحد أو بائع أن يؤثّر على سعر السلعة. على عكس البائعين في سوق المنافسة الكاملة، يمارس المحتكر سيطرة كبيرة على سعر السلعة في السوق. يمكن للمحتكر أن يرفع سعر البضاعة من دون أن يضع تصرّفات المنافسين في الاعتبار. في سوق المنافسة الكاملة، إذا قامت إحدى الشركات برفع سعر منتجاتها، فإنها عادة ما تفقد حصّتها السوقية حيث ينتقل المشترون إلى بائعين آخرين. إن مفتاح فهم الاحتكار هو فهم هذه العبارة البسيطة: المحتكر هو صانع السوق ويتحكم في كمية السلعة المتوفّرة في السوق. ومع ذلك، في الواقع، لا يستطيع المحتكر في سعيه إلى تعظيم ربحه أن يتحصّل دائما على السعر الذي يريد. نأخذ بعين الاعتبار المثال التالي: تحتكر شركة هوز سوق الطالات الخشبية ويمكنها فرض أي سعر تريده. ومع ذلك، أدركت شركة هوز أنها إذا فرضت مبلغ 10000 دينار لكل طالة خشبية، فلن يشتري أحد أيّا منها، وستضطر الشركة إلى إغلاق مصنعها. وذلك لأن المستهلكين سيستبدلون سلعا أخرى مثل الطالات الحديدية أو الطالات اللَّدَنية بالطالات الخشبية. وبالتالي، ستقوم الشركة هوز بتحصيل السعر الذي يمكنها من تحقيق أقصى قدر ممكن من الربح. ومن أجل القيام بذلك، يجب على المحتكر أولا تحديد خصائص الطلب في السوق.
النظر في المثال التالي. شركة هوز هي البائع الوحيد للطالات الخشبية في بلدة صغيرة. يوضّح الجدول أعلاه حناة الطلب demand curve التي تواجهها الشركة هوز، بالإضافة إلى المِيرادية التي يمكن أن تكسبها من خلال بيع الطالات الخشبية.
يوضّح العمودان الأوّلان حناة الطلب التي يواجهها المحتكر. إذا قام المحتكر بتزويد السوق بطالة خشبية واحدة فقط، فيمكنه بيع تلك الطالة مقابل 10 دنانير. إذا قام المحتكر بإنتاج وتوريد طالتين خشبيتين إلى السوق وأراد بيعهما، فيجب عليه خفض السعر إلى 9 دنانير. وبالمثل، إذا قام المحتكر بإنتاج وتوفير ثلاث طالات خشبية، فيجب عليه خفض السعر إلى 8 دنانير لبيعها جميعا. يبيّن العمود الثالث الميرادية الكلّية total revenue التي يمكن للمحتكر كسبها من خلال بيع كميات مختلفة من الطالات الخشبية. ويبيّن العمود الخامس الميرادية الحدّية للمحتكر. وهي الميرادية الإضافية التي يحصل عليها المحتكر عندما يزيد الكمية المباعة في السوق بوحدة واحدة.
بالنسبة للمحتكر، تكون الميرادية الحدّية دائما أقل من سعر السلعة أو تساوي هذا السعر. وينشأ هذا لأن المحتكر هو البائع الوحيد في السوق، وبالتالي يواجه حناة طلب السوق الذي ينحدر نحو الأسفل. على سبيل المثال، إذا قامت الشركة هوز برفع الإنتاج والعرض من ثلاث طالات خشبية إلى أربع طالات خشبية، فإنّ الميرادية الكلّية ستزيد بمقدار 4 دنانير فقط، على الرغم من أنها تتقاضى 7 دنانير لكل طالة خشبية. تعتمد التكاليف التي يواجهها المحتكر على طبيعة عملية الإنتاج. خذ مثال المحتكر الذي يريد توسيع الإنتاج. تتطلب السلعة التي ينتجها المحتكر كمّية كبيرة من العمالة الماهرة لإنتاجها، والعمالة الماهرة غير متوفّرة. وبالتالي، فبينما يزيد المحتكر إنتاجه، يتعيّن عليه أن يدفع المزيد مقابل العمالة الماهرة (مع تزايد ندرة العمالة الماهرة، فإن سعرها سيكون أعلى). ويؤدي ذلك إلى مواجهة المحتكر لحناة التكلفة الحدّية الصاعدة كما هو موضح أدناه.
ينتج المحتكر تلك الكمية من السلعة التي تعكس نقطة التوازن للميرادية الحدّية والتكلفة الحدّية. التكلفة الحدّية هي التغيّر في التكلفة الكلّية للإنتاج عندما يزيد الإنتاج بمقدار وحدة واحدة. يعتمد السعر الذي يتقاضاه المحتكر على حناة طلب السوق.