معجم المصطلحات الكبير
فالِق
الحتاكة

صدع في الطبقات الصخرية مصحوب بإزاحة كتلتين صخريتين أو فِلْقتين من الجانبين بالنسبة لبعضهما بعضا بالتوازي مع خالِم الصدع. بعبارة أخرى هو صدع يجعل كتلة صخرية تحلّ محلّ كتلة أخرى. تُقاس الفوالق بقيمة التحرّك النسبي الذي يحدث بين الفلقتين على جانبي سطح الفالق، قد تكون الحركة عَمَدية أو أفقية أو مائلة، وقد تكون حركة صغيرة جدّا يصعب اكتشافها فلا تتجاوز بضعة مئقاسات، أو حركة كبيرة تتسبّب في اضطرابات مذهلة، وتصل إلى عشرات الإقاسات، قد تحدث هذه الحركة بسرعة، فتنشأ عنها الزلازل، أو تكون بطيئة، من دون أن تنشأ عنها زلازل يمكن الشعور بها، وتؤدّي هذه العملية المعروفة باسم الزحف الرِّهاصي tectonic creep إلى أضرار بطيئة على البِنى العمرانية. تحدث الفوالق في فترة زمنية واحدة أو على فترات متلاحقة، وتختلف أطوالها من عدّة قاسات إلى مئات الإقاسات. كما تتواجد في كلّ أنواع الصخور، إلاّ أنّها تظهر واضحة جلية في الصخور الرُّسابية، قد يوجد بعض الفتات الصخري المهشّم في الفوالق، حيث ينتج عن حركة الكتل الصخرية، والذي يكون عادة حادّ الجوانب وغير مدملق، يسمّى هذا الفُتات برَتَم الفالق fault-breccia.

 

646.jpg 

جَوْسم يُبيّن عناصر الفالق الرئيسة.

 

يتميّز الفالق بوجود مجموعة من العناصر، هي:

- خالِم الفالق fault plane : يُعْرف أيضا بسطح الفالِق، وهو سطح متموّج إلى حدّ ما، يفصل بين فِلْقتي الفالق المرتفعة والمنخفضة، ويكون أملس في معظم الأحيان، لا سيّما إذا كان الصخر المتفلّق صلبا، فكأنّه خضع لعملية صقل، يُسمّى في هذه الحالة بمرآة الفالق. يحتوي خالم الفالق على خسوق من رُكاف الكُلاس والخُراز، تأخذ اتّجاه الإزاحة.

- مَضْرب الفالق fault strike : اتّجاه الفالق أو امتداده، وهو الخطّ الناتج من تقاطع سطح الفالق مع خالم أفقي، ويُقاس بالزاوية التي يشكّلها هذا الخطّ مع الطِّيلان (خطوط الطول) والتي تتردّد بين 0° و360°.

- ميل الفالق fault dip : يعبّر عنه بالزاوية الحاصلة بين خالم الفالق وخالم أفقي، تتردّد قيمتها بين 0° و90°.

- الفِلْقة block : الفِلْقتان هما الكتلتان الصخريتان الواقعتان على جانبي الفالق. في الحال التي يكون فيها خالم الفالق مائلا، تُسمّى إحدى الفلقتين بالإجّار hanging wall block والأخرى بالمَرْهص footwall block. الإجّار الفِلقة التي تكون أعلى من خالم الفالق، والمَرْهَص الفلقة التي تكون أسفل هذا الخالم، وقد يكون كلّ من الإجّار أو المرهص الفلقة المنخفضة أو الفلقة المرتفعة.

 

663.jpg 

1- فالق اعتيادي، حيث يتوضّع الإجار أعلى خالم الفالق، 2- فالق اعتكاسي حيث يتوضّع المرهص أسفل خالم الفالق. يقابل الإجّار الوجه الأعلى لخالم الفالق، ويقابل المَرْهَص الوجه الأسفل لخالم الفالق.

 

- المَزْحَن displacement : إذا تعرّضت المحاشات الصلبة القَصِفة إلى ضغط أو شدّ جانبي فإنّها تتكسّر، والفوالق كسور في الصخور حدثت بسبب تعرّضها لضغط أو شدّ، وتختلف الفوالق عن السلوع بأنّها تنشأ عنها حركة في الصخور تحدث على مستوى الكسر الذي يمثّل الفالق، أمّا السلوع فهي كسور غير مصحوبة بأي حركة ملحوظة، والمَزْحن هو مدى هذه الإزاحة الناجمة عن التفلّق. يمكن قياس الحركة النسبية للفوالق، فالمسافة العمدية تسمّى بالرمية throw وهي المَزْحن العَمَدي، والمسافة الأفقية تُسمّى بالزاحة أو الزيحة heave وهي المزحن الأفقي، أمّا المسافة المقيسة بموازاة خطّ التقيّص فهي المَقاص slip.

 

662.jpg 

جَوْسم يُبيّن إزاحات الفالق المختلفة. لو افترضنا جَوْسما نظريا لفالِق يؤثّر على طبقات أفقية، فسنميّز: - خالِم الفالق (م) الذي يتحدّد بمَضرَبه وميله. دط= المَزْحَن displacement (rejet, rejet vrai)، الذي يتطابق مع الإزاحة النسبية للفلقتين، وينقسم المزحن إلى: (1) در= المَحْدر (rejet pente) الذي يقاس وَفقا لقيمة المنحدر الكبرى، (2) دل= المَقاص strike slip (rejet horizontal longitudinal)، ويُقاس بموازاة خطّ التقيّص، الذي هو خط ينشأ من تقاطع خالم الفالق مع الخالم الأفقي. ينقسم المَحْدَر بدوره إلى: (1) دو= الرَّمية throw (rejet vertical)، وتعطي فرق الارتفاع بين الفلقتين، وتمثّل المزحن العَمَدي، (2) ور= الزاحة أو الزِّيحة heave (rejet horizontal transversal)، وتُعطي في حالة الفالق الاعتيادي قيمة الاستطالة elongation (allongement)، وفي حالة الفالق الاعتكاسي قيمة الاعتراز shortening (raccourcissement)، والزاحة هي المزحن الأفقي نفسه، في مقابل المزحن العَمَدي. أمّا الزاوية (ى) الناشئة من تقاطع خَسْق مع خالم أفقي فتُسمّى باللِّفات pitch. 

 

- شَفِير الفالق fault wall : حافة الفِلْقة المنزاحة، أو حافة الطبقات التي قطعها المَحْدَث الرِّهاصي tectonic accident، لذلك يوجد الشفير المعلّق أو المرتفع، والشفير المنحطّ أو المنخفض. قد يحدث في بعض الأحيان أن يتكّون بين شفيري الفالق حشو من الفتات الصخري، على شكل هشيم صخري يتألّف من شظايا مزوّاة ناتجة من الكتل المتصدّعة نفسها.

- مَحاجِن الفالق drag folds : انحناء مفاجئ في أطراف الطبقات الملامسة لسطح الفالق، بسبب الحركة النسبية للفلقتين، ويكون اتّجاه الالتواء معاكسا لاتجاه الإزاحة. عندما تكون قيمة الدوران الخارجي مجهولة، فليس من الممكن معرفة ما إذا كان الفالق في الأصل اعتياديا أو اعتكاسيا. تحدث الحالات الأكثر تعقيدا، كما هو شائع عندما تتصدّع الصخور في وقت التغضّن. غالبا ما يُلاحظ أن الطبقات تتصدّع مع الانحناء؛ في هذه الحال، يمكن الإشارة إلى مَحْجَن الفالق. من الواضح أن شكل هذه المحاجن مختلف تماما اعتمادا على ما إذا كان الفالق اعتياديا أو اعتكاسيا.

 

691.jpg 

(1) محاجن فالق اعتيادي، (2) محاجن فالق اعتكاسي.

 

   - الخُسوق striae : فروض دقيقة مستقيمة تنشأ عندما تتحاكك فِلقتان بالنسبة لبعضهما بعضا، وبالتالي يؤدّي ذلك إلى صقل خالم الفالق، والذي يُسمّى في هذه الحالة بمرآة الفالق، يكون الصقل في الكثير الغالب غير منتظم، كما هو الشأن في الصقل الجليدي، حيث يترافق معه نشوء خسوق، وبالتالي، يمكن للمرء بفضل هذه الخطوط، معرفة اتجاه حركة الفالق بسهولة وتحديد قيمة الإزاحة باستعمال التنحّز stratification. لذلك، تعتبر الخسوق وسيلة ضرورية جدّا لتحديد إزاحة الفوالق. عندما يتكّشف سطح الفالق، فإن ملاحظة الخسوق والنمو المعدني للكُلاس أو الخراز، يسمحان في معظم الحالات بتحديد نوع الفالق، إذا ما كان اعتياديا، أو اعتكاسيا، أو متقيّصا، سانحا أو بارحا، ومن خلال القياسات المناسبة، يمكن تحديد الاتجاه الحقيقي للإزاحة، في حين أن العلاقات الهندسية الإجمالية للفِلْقات لا توفّر سوى معرفة مقدار الرمية واتجاه الإزاحة الظاهر. يصنع الخَسْق المستقيم على خالم الفالق مع خالم آخر أفقي زاوية تُسمّى اللِّفات، وتعرف باسم pitch عند المؤلّفين الأنغلوسكسون.

 

656.jpg 

 اتجاه الأنواع المختلفة من الخسوق التي يمكن أن تؤثّر في خالِم الفالِق. الحركة (1) لِفالق اعتيادي؛ الحركة (2) لفالق اعتكاسي؛ الحركة (3) والحركة (4) لِقاص، (3) قاص سانِح، (4) قاص بارِح، في الحالات المتوسّطة (حينما يكون اللِّفات بين 0 و90°)، فإنّنا نميّز على التوالي الأنواع التالية: (5) فالق اعتيادي سانح (اللفات أكبر من 45°)؛ (6) قاص سانح اعتيادي (اللفات أصغر من 45°)؛ (7) قاص سانح اعتكاسي (اللفات أصغر من 45°)؛ (8) فالق اعتكاسي سانح (اللفات أكبر من 45°)؛ (9) قاص بارح اعتيادي.

 

- يمكن تصنيف الفوالق وَفْقا لميل الخالم إلى فوالق مائلة inclined faults، وأخرى قائمة vertical faults؛ ويمكن تصنيفها إلى نوعين بحسب علاقة ميل سطح الفالق باتجاه رميته، وهما الفالق الاعتيادي والفالق الاعتكاسي.

(1) الفالق القائم vertical fault : فالق تتحرّك فيه الكتلتان الصخريتان على جانبي خالِم الفالِق حركة عَمَدية فقط، وتكون زاوية الميل في هذه الحال 90°. تُعدّ الفوالق القائمة حالة نادرة في الطبيعة، فالفوالق المائلة والمتقيِّصة هي الأكثر شيوعا. اعتمادا على ما إذا كان خالِم الفالِق عَمَدِيا أو مائلا، يُقال إن الفالِق نفسه قائم أو مائل.

 

660.jpg 

فالق قائم، وفالق مائل.

 

655.jpg 

جواسم تبين العلاقة بين التضريس وفالق قائم : (1) جُرْف الفالق، (2) جرف خطّ الفالق، (3) تسوية الفالق، (4) الجرف المعكوس لخطّ الفالق.

 

(2)- الفالق الاعتيادي normal fault : هو الذي يكون فيه الميل في الاتجاه نفسه للرمية، حيث تنزلق إحدى الفِلقتين نحو الأسفل وباتّجاه ميل خالم الفالق، ويكون الإجّار منخفضا والمَرْهص مرتفعا، تتردّد زاوية الميل في أغلب الأحيان بين 40° و60°. ينشأ هذا النوع من الفوالق بسبب قُوى الشدّ الجانبي. عادة ما يكون الصخر أقوى على مقاومة الضغط، ويكون أضعف كثيرا على مقاومة قُوى الشدّ، وتحت تأثير قُوى الضغط الجانبي فإنّ طبقات الصخور قد تنثني من دون أن تتكسّر لتتكوّن الفوالق، وهذا عكس ما يحدث في حالة تعرّضها لقوى الشدّ الأفقية، وعلى ذلك تكون الفوالق الاعتيادية أكثر انتشارا من الفوالق الاعتكاسية، ومن هنا جاءت تسميتها بالاعتيادية.

(3)- الفالق الاعتكاسي reverse fault : هو الذي يكون فيه ميل الخالم في عكس اتّجاه رميته، حيث يرتفع الإجّار وينخفض المرهص، يُشكّل خالم الفالق الاعتكاسي مع الأفق أو مع خوالم التنحّز زاوية بقيم متعدّدة، يُصبح الفالق الاعتكاسي تسنّما thrust أو انتكافا overthrust، إذا ما كانت الزاوية صفرية أو قريبة من خالم الأفق. تتقلّص كتلة القشرة الأرضية في منطقة الفالق الاعتكاسي بمقدار الزاحة، لذلك يعتبر الفالق الاعتكاسي تحرّفا ناجما عن قُوى الضغط المؤثّرة في القشرة الأرضية، وهو مثل الأغضان أو الغضون، ينشأ بسبب قُوى الضغط الجانبي، لذلك توجد الكثير من الفوالق الاعتكاسية ملازمة للغضون.

 

671.jpg 

شكل يبيّن فالقا لاحقا لتغضّن، حيث يقطع هذا الفالق الخالم المحوري للغَضَن، فيظهر حينا كمَحْدَث انتقاصي subtractive accident (accident soustractif)، وحينا آخر كمحدث ازديادي additive accident (accident additif). حيث نلاحظ فالقا اعتكاسيا يقطع ستلة متغضّنة سابقا. في الموقع (ب) يكون مَزْحَن الفالق اعتكاسيا ولكن في (أ)، يظهر الفالق نفسه كمحدث انتقاصي؛ في العمق، يظهر لدينا انطباع بوجود فالق اعتيادي.

 

(4)- القاص أو الفالق المُتَقيِّص strike–slip fault : فالق عَمَدِي أو قريب من العمدي تكون فيه الإزاحة أفقية والحركة موازية لمضرب الفالق. توصف الحركة على طول الفالق بأنها بارِحة sinistral إذا تحركت الفِلْقة الموجودة على جانب الفالق المقابل للمراقب إلى اليسار وتوصف بأنها سانحة dextral إذا تحركت الفلقة إلى اليمين. منطقة فالق سان أندرياس San Andreas fault في أمريكا هي مثال مشهور لهذا النوع من الفوالق المُتقيِّصة.

 

647.jpg

 

1- فالق اعتيادي، ينتج عن قوى شدّ في القشرة الأرضية، يتبعها كسر، وانتقال فِلْقتي الصخر في اتجاه قوى الشدّ على مستوى الصدع، وعلى ذلك فإنّ الفالق الاعتيادي يتميّز بميل في اتجاه رمية الفالق إلى أسفل، ويلاحظ في الجَوْسم أنّ طول المسافة الأفقية يزداد في الفوالق الاعتيادية. 2- فالق اعتكاسي، يحدث بقوى ضغط جانبية تؤثّر على الطبقات الصخرية، حتّى إذا ما زادت هذه القُوى عن مقدار ما يمكن أن يتحمّله الصخر، حدث كسر وانزلقت الكتل على جانبي الفالق في اتجاه مضاد لما يحدث في تكوّن الفالق الاعتيادي، ويحدث في الفوالق الاعتكاسية تقلّص المسافة الأفقية التي كانت تشغلها الطبقات، ويبيّن هذا الشكل جوسما لفالق اعتكاسي، حيث يلاحظ أنّ الطبقات أعلى خالم الفالق (الإجّار) هي التي ارتفعت، وغطّت طبقات أسفل الخالم (المَرْهَص)، وتسبّب ذلك في توضع الطبقات القديمة فوق الأحدث منها. 3- قاص أو فالق متقيّص 4- قاص سانح اعتيادي. (5) قاص سانح اعتكاسي.

 

648.jpg 

نماذج لفوالق مترافقة conjugate faults (failles conjuguées) ومتناظرة مع المحور الرئيس المقابل للتحرّف deformation وحقل القَسارة. (1) فالقان اعتياديان، (2) فالقان اعتكاسيان، (3) قاصان.

 

(5)- الفالِق المُتَصغّي listric fault : يشبه الفالق الاعتيادي، إلاّ أنّ خالمه منحن، حيث يكون أكثر استقامة بالقرب من السطح، ثم يأخذ شيئا فشيئا الشكل القريب من الأفقي كلّما ازداد العمق إلى أن ينعدم، ويصبح في شكله العام قريبا من شكل المِغرف المقعّر إلى الأعلى. يؤدّي ذلك في العادة إلى دوران الفِلَق، غالبا ما تنتمي الفوالق المتصغّية إلى أنظمة الشدّ غير المتكافئة، المرتبطة بالتوسّع المحيطي، ويصل امتدادها في الغالب إلى عدّة إقاسات.

 

649.jpg

 

فوالق متصغّية في نظام شدّ، نتجت عنها كتل متراجحة tilted blocks وهي أجاجير نشطة.

 

(6)- الفالق الحَنَوي (faille courbe) : الفالق الذي تراجحت إحدى فِلقتيه. حينما يقترب انحناء الفالق في شكله من قوس الدائرة، يؤدّي ذلك بالضرورة إلى تراجح الفلقة المنخفضة.

 

657.jpg 

فالق حَنَوي، تعرضت إحدى فلقتيه للتراجح.

 

(7)- الفالِق المُتدوِّر rotatory fault : هو الفالق الذي تتحرّك فِلْقتاه على جانبيهما حول محور متعامد مع خالِم الفالق، وفي هذه الحال ينخفض جزء من كلّ كتلة ويرتفع جزء آخر، حيث يصبح الفالق اعتياديا في جهة، واعتكاسيا في جهة أخرى. يُعرف الفالق المتدوّر أيضا بالفالق المُتَمفْصِل والفالق المِحوري.

 

651.jpg 

فالق يفصل بين فِلقتين بميلين مختلفين. تنعدم الإزاحة في النقطة «ل». الفالق المتدوّر في هذا الشكل اعتيادي في الجهة الأمامية، واعتكاسي في الجهة الأخرى.

 

(8)- الفالق المُتصاقِب synthetic fault : هو الفالق الذي يكون اتّجاه إزاحته displacement هو الاتجاه نفسه لإزاحات الفوالق الموجودة في منطقة التفلّق الرئيسة، وذلك عند رؤيته في مَقَدّه العَمَدي. تُحاكي إزاحة الفالق المتصاقب في نظام التمدّد إزاحة الفالق المتصغّي عن طريق تشكيل إجّار hanging wall block نَشِط.

(9)- الفالق المُتناوِح antithetic fault : الفوالق المتناوحة هي فوالق اعتيادية صغيرة مرتبطة بفالق رئيس، تميل في الاتجاه المعاكس لخالم الفالق الرئيس، ولميل الطبقات الرسابية المصاحبة له، والفوالق المتناوِحة نقيضة للفوالق المتصاقبة، وتقوم على زوايا كبيرة في مواجهة الفالق الرئيس.

 

653.jpg 

أمثلة عن الفوالق المتصاقبة والفوالق المتناوحة، يجب التنبيه على أنّ تعريفات هذه الأشكال لا تصح إذا ما تجاوز الدوران الخارجي أو الداخلي بعض القيم. يدلّ الخِضاف في الوضع الأفقي على مَحدَث ازديادي، ويدلّ الخِضاف في الوضع العَمَدي على مَحْدَث انتقاصي، والمحاور على خوالم الفوالق واتجاه ميلها.

 

تصبح التَّسمانية أكثر تعقيدا عندما يتسبب حقل القَسارة stress field في حدوث فوالق وتغيّر في ميل الطبقات أيضا، وهو دوران الطبقات (المعروف بالدوران الخارجي). تأخذ حينئذ الفوالق، الاعتيادية أو الاعتكاسية، والأقياص صفة المتصاقبة أو المتناوِحة فيما يتعلق باتجاه هذا الدوران الخارجي، اعتمادا على ما إذا كانت تُطوِّر زوجًا بالاتجاه نفسه أو باتجاه معاكس. عندما نقصر أنفسنا على وجهة نظر هندسية بحتة، فإننا نتحدث أحيانا عن فالق طَبِيق conformable fault (faille conforme) إذا كان ميل خالم الفالق يأخذ اتّجاه ميل الطبقات نفسه، وعن فالق ضَدِيد unconformable fault (faille contraire) إذا كان ميله في الاتجاه المعاكس لميل الطبقات.

 

659.jpg 

1- فالق طبيق اعتيادي، 2- فالق طبيق اعتكاسي، 3- فالق ضديد اعتيادي، 4- فالق ضديد اعتكاسي.

 

(10) الفالق المُترَيِّم step fault : يحدث التصدّع في الفوالق المتريِّمة على طول الخوالم الفرعية المتوازية بحيث تكون الفِلْقات المنخفضة دائما على الجانب نفسه بالنسبة إلى هذه الخوالم، فالفوالق المتريِّمة هي مجموعة من الصدوع الاعتيادية المتوازية ينتج عنها انخفاض متوالٍ للقشرة الأرضية باتجاه واحد، وبهذا يكون تركيب الطبقات على شكل المراقي أو درجات الرَّيْم. حينما يحدث هذا التشكيل على جانبي كتلة مركزية مرتفعة على الكتل الأخرى، نتحصل على مِهضب رِهاصي uplift block (môle tectonique) أو ميشاز horst؛ من ناحية أخرى، إذا حدثت هذه الظاهرة على نحو عكسي، حيث تنشأ منطقة منخفضة ممتدّة وضيّقة بين نظامين من المَراقي، نتحصّل على أخدود رِهاصي rift trough (fossé tectonique) أو مِيهات graben. يُوزَّع التفاوت بين سَتَلة من الفوالق المتوازية الصغيرة التي تتزايد إزاحتها، يُحدِّد هذا التفاوت سَتَلة من المَراقي المُدَرّجة الواحدة فوق الأخرى.

 

654.jpg 

1- مِهْضَب رِهاصي أو مِيشاز، الجمْع مَواشيز، 2- أخدود رهاصي أو مِيهات، الجمْع مَواهيت.

 

(11)- الفالق المتراسِب synsedimentary fault : فالق ينشأ في الصخور الرُّسابية، ويتشكلّ على نحو متزامن ومستمر مع الترسّب، حيث تتكوّن فيه فِلْقة مُنْخفِضة من تتابع رسابي أكبر سمكا من فلقته المرتفعة.

 

658.jpg 

1- فالق يفصل بين طبقات مختلفة في سَمْكها على الجانبين، ومن الواضح أنّ هذا التشكيل لا يمكن تفسيره إلاّ بافتراض أن الفالق يعمل في وقت الترسّب نفسه، حيث تشكّل الفِلْقة السفلية الجزء السفلي من الحوض الرسابي، من أجل ذلك تراكمت الرُّسابات في هذا الجزء وأصبح سَمْكها أكبر. تختلف الرمية وَفقا للمستوى المرجعي المستعمل. 2- مثال عن الفالق المُتراسِب؛ حيث يقع الرَّتَم على طول الفالق. هذا المثال مستوحى من فوالق «الأوليغوسين» في جنوب فرنسا.

 

يتجلّى التحرّف على أشكال متنوعة للغاية؛ من ناحية، يمكن أن يكون عبارة عن حركات صغيرة جدّا بحيث يصعب اكتشافها، ومن ناحية أخرى قد يتسبب في حدوث اضطرابات مذهلة، مثل إزاحة مئات الإقاسات المكعبة من الموادّ على مدى يصل إلى عشرات الإقاسات. من الصعب عمل تقسيمات منطقية في مثل هذا النطاق الواسع. يُبيّن التصنيف الوصفي وجود: التحرّف المتقطع discontinuous deformation (déformation discontinue) الذي يتجلى أساسا من خلال خوالم الصدوع، أي الفوالق؛ والتحرّف المستمر continuous deformation (déformation continue) الذي هو في الأساس مجال الغضون. ومع ذلك، لا ينبغي أن يغيب عن بالنا أن هناك قيما كثيرة بين هذين النوعين من التحرّفات، أي بين الفوالق والغضون التي غالبا ما تكون مرتبطة مع بعضها بعضا ومتزامنة. هناك أيضا كل الحالات الوسيطة بين الصدوع ذات الإزاحة (cassures à rejet) والأخرى التي لا إزاحة لها، أي الفواصل الرِّهاصية (joints). نتحدث عن الفالق عندما يتحرك الجزءان الصخريان اللذان يفصل بينهما الصدع بالنسبة لبعضهما البعض وبالتوازي مع الكسر (fracture). يختلف ترتيب مدى هذا المَزْحن -أو المَقاص- اختلافا كبيرا (من مئقاس إلى عدة عشرات من الإقاسات)؛ ينشأ مفهوم الصَّدْع (cassure) في حالات الإزاحة القليلة؛ أمّا السَّلْع diaclase فيتحدّد عندما تكون الإزاحة النسبية صغيرة جدا أو معدومة. تعمل البِنى الصخرية المتفلّقة كمسالك للمحاليل الحَرْماوية، ففي فوالق المناجِد المحيطية (dorsales océaniques) تركّز الأدخنة السوداء كمّيات معتبرة من الكَبَر الفلزّي metal sulphide. ثمّ إنّ الهَتَم mylonite وبُذوح الشدّ (fentes de tension) كثيرا ما تتشرّب بالأركزة، وتكوّن السامات (filons) والعدسات.

تعليق

الفالِق والفَلْق والسِّلْع والسَّلْع والصَّدْع، كلّها في اللغة بمعنى واحد وهو الشَّقّ في الجبل، مصطلح الفالق شائع في المراجع السورية، والصدع شائع في المراجع المصرية. ولتدقيق معنى الكلمتين، يُستعمل مصطلح الفالق faille للدلالة على الكسور التي تنجم عنها إزاحة للكتل الصخرية المتفلّقة، أي المصحوبة بتحرّك الفلقتين، والصدع cassure إذا ما كانت الإزاحة قليلة، أمّا السِّلْع والسَّلْع diaclase، فحينما تكون الإزاحة قليلة جدّا أو معدومة، الجمْع سُلوع وأسْلاع، وجمع الصدع صدوع، وجمع الفالق، فوالِق على القياس، وفُلْقان على السَّماع. من هذه الكلمة الأخيرة قيل في اللغات الغربية للبركان volcan أي فُلْقان، والاسم في أصله فولكانو Vulcano أحد براكين صقلية، وهو جزيرة بركانية تتكوّن من أربعة براكين، ثلاثة منها خامدة، وقد ذكره ابن جبير في رحلته، ومن اسم هذه الجزيرة قلنا نحن بركان مع الإبدال الحرفي، وقال الغربيون volcan. الاسم القديم للبركان في العربية هو أُطْمة، وتأثيلها اِستفانيا دلّ على أنها حَدْبة أي حَدَبَة، ومن أطمة قيل Etna بركان آخر يقع في وسط جزيرة إتنا، ويعتبر أحد أنشط براكين صقلية وأكثرها دراسة في العالم. كان اسمه القديم gibel، وقد تخلّصوا اليوم من هذا الاسم لأنّه ظاهر العروبة وأبدلوه بإتنا ظنّا منهم أنّه لاتيني، إلاّ أنّهم وقعوا على اسم آخر عربي له.

المَزْحَن بفتح الميم والحاء، موضع الزَّحْن، يُقال: زَحَن عن مكانه تحرّك، وزحنه عنه أزاله.

اللِّفات مُبدلة من اللِّفْت وهو جانب الشيء وطرفه.

المِيشاز horst، من الوَشَز وهو المكان المرتفع، والمِيهات graben، من الوُهْتة وهي الهبطة في الأرض.

الحَنوي نسبة إلى الحَناة courbe، جمعها حَنَوات.

الفوالق المتناوِحة أي المتقابلة، التناوح التقابل، يُقال في العربية تناوج الجبلان تقابلا، لأنّها تنشأ في الجهة المقابلة للفوالق المتصاقبة، أمّا مصطلح الفوالق المتصاقبة فمعناه المتجاورة والمتجانبة لأنّها تنشأ بجانب بعضها بعضا، وهذا المعنى هو نفسه الموجود فيما يقابله من مصطلح غربي.

مصطلح قريب

لغة كلزية

fault
لغة فرنسية

faille

faille الفرنسية هي نفسها fault الكلزية، سقط منها الحرف «t» في حين بقي في الكلمة الكلزية، لذلك تكون صيغها الأصلية faillet، الحرف «f» يبدل على القاعدة التي لا تكاد تخيب في القياس من «h» فأصلها الأوّل haillet والذي هو في العربية حائط ha-ill-et، لأنّ الفالق يشبه الحائط لا سيما إذا كان قائما أو اعتياديا.

مراجع

  • مبادئ علم الجيولوجيا. الأستاذ الربيز: فاروق صنع الله العمري. دار الكتاب الجديد المتّحدة، 2001م. بيروت، لبنان.
  • الجيولوجيا الهندسية والخرائط الجيولوجية. الربيز: إبراهيم عبيدو. منشأة المعارف بالإسكندرية، الطبعة السادسة، 1982م. القاهرة مصر.
  • Les déformations des matériaux de l’écorce terrestre. Maurice Mattauer. Hermann, deuxième édition, 1980. Paris, France
  • Elément de géologie. J. Guillemot, Editions TECHNIP, 4e édition, 1986. Paris, France
  • Dictionnaire de géologie. Alain Foucault, Jean-François Raoult, Fabrizio Cecca et Bernard Platevoet. Dunod, 2014. Paris, France

فالق اعتيادي في جبال بلزمة، بلدية أولاد عوف، عين التوتة، باتنة، الجزائر. مصدر الصورة: ديوان اللغة العربية.

فالق اعتكاسي في طبقات حُثّية، في طريق وادي الموت Death Valley، في كاليفورنيا. الولايات المتحدة. تصوير: Eileen M McNamee، مصدر الصورة: فليكر.

خسوق على خالم شبه عَمَدي، نلاحظ بعض التغيّر الخفيف والمؤقّت في اتجاه الإزاحة (جزء من فالق في نظام شدّ، يعود إلى الأيوسين في جنوب وسط كلومبيا البريطانية) الموقع: طريق وارن كريك Warren Creek، بالقرب من غرينوود Greenwood، كولومبيا البريطانية. المقياس في الأسفل بالقَوْس (الجزء الأسود) وبالمئقاس (الجزء الأبيض). تصوير: Jon Dev. مصدر الصورة: فليكر.

مَحاجن فالق اعتيادي، نلاحظ في حافات الراقّات بموازاة الفالق حَنوات نتيجة الإزاحة، تصوير: jtweedie1976، مصدر الصورة: فليكر.

فوالق متعدّدة. تصوير: Steve Young، مصدر الصورة: فليكر.

محاجن فالق اعتكاسي. تصوير: Franz Geopage، مصدر الصورة: فليكر.