معجم المصطلحات الكبير
تَمَعّي
اللغة والأدب

يشير مصطلح التمعّي في علم اللسانيات وعلم اللغة الاجتماعي إلى عملية تكوّن لغة هجينة نتيجة الاتّصال الذي يحدث بين لغات مختلفة بسبب التجارة أو الاستعمار على سبيل المثال. حيث تدفع الحاجة إلى الاتصال إلى نوع من «التسوية اللغوية» تكون أوّل مرّة مختزلة في قواعدها ومعجمها وتسمّى الرَّسيسة pidgin، ثمّ تتطوّر هذه الرسيسة بالتدرّج وتصبح لغةً أصلية كاملة لمجموعة عرقية معيّنة تُسمّى المَعاة creole، مثلما حدث في الساحل الغربي لإفريقيا والمناطق الساحلية من الهند والصين، ومضايق ملقة والمحيط الهادئ، والحافة الشمالية الشرقية لأمريكا الجنوبية، حيث أقام التجّار الأوروبيون صلات تجارية مع الشعوب في هذه المناطق. وفي جزر الكاريبي ظهرت تنوّعات كثيرة من اللغات المعاتية بسبب تنافس التجّار والقراصنة البرتغاليون والإسبان والبريطانيون والفرنسيون والهولنديون وقد استعملوا القوّة للاستيلاء على مستعمرات بعضهم البعض منذ القرن السابع عشر حتّى القرن التاسع عشر. وحدث الترسّس والتمعّي بلغات غير أوروبية مثل اللغة الصينية، واللغة العربية، واللغة الهندية التي خرجت منها لغة البازار، والتي هي صيغة مختصرة من الهندية القياسية نشأت في أسواق شمال الهند، ومثلها معاة السانغو sango ذات الاستعمال الواسع النطاق في جمهورية إفريقيا الوسطى.

قد يحدث في بعض الظروف الاجتماعية أن تتجرّد اللغة المعاتية من ملامحها الأساسية وتقترب أكثر فأكثر إلى اللغة القياسية التي خرجت منها، ويحدث هذا التجرّد حينما تبدأ اللغة القياسية في التأثير على اللغة المعاتية تدريجيا وتجعلها تقترب بخصائصها نحو خصائص اللغة القياسية، مثلما حدث للغة الأفارقة الأمريكيين، فقد كانت لهم لغة خاصّة نشأت بسبب العزلة، ولكن عندما اكتسبوا حقوقا أكثر، وبدؤوا في الاندماج في المجتمع الأمريكي، بدأت اللغة الكلزية الأمريكية تُجري تغييراتها وتعديلاتها على لغتهم، هذه العملية التي تؤدّي إلى إزالة التمعّي تُسمّى بالتيعُّم decreolization، أي التجرّد من الخصائص المعاتية والعودة مرّة أخرى إلى اللغة القياسة، إلاّ أنّ المتحدّثين بهذه اللغة ينقلون في العادة بعض الملامح من اللغة المعاتية إلى اللغة القياسية، مثلما حدث في اللغة الكلزية الجامايكية في لندن.

تعليق

التمعّي مأخوذة من قولهم تمعّى السقاء تمدّد واتّسع إشارة إلى توغل اللغة المعاتية وتمدّدها في المجموعة اللغوية التي تتبنّاها، وتوسّعها في معجمها وقواعدها بعد أن كانت بسيطة ومقتصرة على فئة قليلة.

امتدّ مصطلح الكَرْيَلة creolization في اللغات الغربية إلى مجالات أخرى غير علم اللسانيات، مثل الممارسات الثقافية التي يقصد بها نقل الحوارات والممارسات إلى سياق جديد يسهل تكييفها معه. وهذا المعنى لا يقابله مصطلح التمعِّي في العربية، لأنّه مفهوم محلّي لذلك يترجم بالكريلة، وبعضهم يستعمل مصطلح التكريُل. وقد طُوِّر هذا المفهوم في عام 1974م من لدن إدوارد كامو براتوايت Edward Kamau Brathwaite، وهو كاتب من أصل بربادوسي، تُعرّف الكريلة creolization على أنها شكل من أشكال التهجين الثقافي الذي يهدف إلى توحيد الشعوب، بغض النظر عن الأصل العرقي. تظهر الكريلة في المجتمع الكاريبي، وهو هوية متعدّدة بلا حدود تمزج بين الجذور الأوروبية والأفريقية والهندية والجذور الأخرى: إنه خلق ثقافة فريدة جديدة. لتجنّب الوقوع في شكل من أشكال المركزية الأفريقية كما يفعل مفهوم الزنوجية، تحاول الكريلة ربط ليس فقط إفريقيا، ولكن أيضا أمريكا وأوروبا على حد سواء «من حيث لغة شعرية إنشائية أكثر منها لغة استكشاف الخيال» وذلك في عالم أدب جزر الأنتيل (برنابي Bernabé, 1992). يتجلّى هذا التهجين بشكل خاص في عالم الفن، وبالتالي يتجاوز حدود منطقة البحر الكاريبي.

مترادف

كَرْيَلة

مصطلح قريب

لغة كلزية

creolization
مراجع

  • العولمة، المفاهيم الأساسية. تحرير: أنابيل موني، وبيتسي إيفانز، ترجمة: آسيا دسوقي. الشبكة العربية للأبحاث والنشر، الطبعة الأولى، 2009م. بيروت، لبنان.
  • اللغات الهجينة والمولّدة، دراسة لغوية اجتماعية. إبراهيم بن عبد العزيز أبو حميد. مجلة الدراسات اللغوية، المجلد 15، العدد 1. مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. المملكة العربية السعودية.
  • اللغة والاقتصاد، تأليف فلوريان كولماس، ترجمة الربيز: أحمد عوض، مراجعة : عبد السلام رضوان. عالم المعرفة 263. سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. الكويت. شعبان 1421/ تشرين الثاني 2000م. دولة الكويت.
  • erudit.org/fr/revues/etudfr/1992-v28-n2-3-etudfr1071/035878ar/