الخبر هو معلومة صَرِيفة (طازجة) غير منشورة من قبل، وغير عادية، وتثير الاهتمام. العناصر الأولى غالبا ما يمكن ترسيخها بأسلوب موضوعي، إلاّ أنّ العنصر الأخير، والمتمثّل في إثارة الاهتمام، هو دائما الذي يسبّب كلّ الجدال والاحتراب داخل قاعات تحرير الأخبار. إن حادثة مقتل عدد من الأشخاص في تحطّم طائرة تحمل رئيس الجمهورية فوق مجمّع سكني، تشكّل خبرا مدويا، بالمقابل فإن شراء سيّارة جديدة، لا يعتبر خبرا على الرغم من أنّه صريف وغير منشور سابقا. لأنّه لا يهمّ سوى الأسرة، وبائع السيّارات وربّما مدير الحاز. الحوادث التي تقع بين هذين الحدّين هي التي تثير الجدال والنقاش بين الصحافيين، وذلك في محاولتهم لتحديد ما إذا كانت القصّة قوية أو مثيرة، وكم تستحق من كلمة، وأين يكون موضعها، هل في موجز الأخبار أم في علوان عريض على الصفحة الأولى؟ هناك بعض النقاط العملية والتفصيلية المفيدة في هذا السياق. لا شكّ أنّ اختيار الأخبار والحكم على موضوعاتها يخضع لعوامل ذاتية، لاسيّما حين يحاول محرّرو الأخبار اعتبار أحكامهم الشخصية موضوعية، لكن الوعي بهذه النزعة يقي من مبالغاتها وتطرّفها، هناك ثمانية عناصر تتعلّق بالقصّة الخبرية كما حدّدها «ديفيد راندال» كبير محرّري الأخبار في «الإندبندنت»، وعن طريقها تتحدّد القيمة الخبرية للقصّة، وهي: الموضوع، ونمط الخبر، والتطوّر، والمصدر، والمعرفة، والتوقيت، والقرّاء، والسياق.
الموضوع : هو فئات القصص المختلفة، جنائية، بيئية، سياسية، عسكرية، اقتصادية، استهلاكية، الخ. وهي كلّها نظريا متساوية، إلاّ أنّ بعضها أكثر أهمية من غيرها، فالجريمة أعلى قيمة من الجديلة، وفي موضوع الجريمة نجد القتل، والاختطاف، والاغتصاب، والابتزاز، والسرقة، والمخدّرات، إلخ. وعموما فإنّ الموضوع الأكثر ندرة هو الذي يحظى بقيمة أكبر، كالاختطاف إذا ما قورن بالسرقة أو الاعتداء، لأنّه أقلّ شيوعا.
نمط الخبر : متعلّق بالأحداث العادية التي تأخذ فجأة أهميّة كبيرة وطاغية وغير متوقّعة، فتظهر في الأخبار والوعي العام وتتناولها التقارير بشكل لا يتناسب مع حجمها. مثل: استعمال السيّارات لاقتحام الممتلكات الخاصّة، العنف في الملاعب، لصّ يهاجم الضحايا من الخلف ويخنقها لسلب أموالها، عنف الطرقات، إلخ، إلاّ أنّ الفحص الهادئ والمتروي للمعطيات المتعلّقة بهذه الظواهر، يكشف أنّ هناك مبالغة فيها وتهويل.
التطوّر : يتّصل هذا العنصر بالحدث المحدّد ضمن الموضوع والتقسيم الفرعي والذي يشكّل مغزى القصّة، والقصّة هنا عبارة عن فرادة هذا التطّور المحدّد. مثال ذلك، في المحادثات التي جمعت إيران بالدول الأوروبية وأمريكا، والذي دام لمدّة طويلة وانتهى بالوصول إلى اتفاق نهائي حول موضوع تخصيب الثُّماج (اليورانيوم) في المفاعلات النووية الإيرانية، تطوّر الخبر كان بانسحاب أمريكا في عهد ترامب من هذا الاتفاق.
المصدر : تعتمد قيمة الخبر وتطوّره على المصدر الذي يوفّر المعلومة، قد يدلي سياسي معارض بخبر يفيد أنّ الرئيس على وشك الاستقالة، لكن الأمر يختلف إذا كانت المعلومة من الرئيس نفسه، وهو لا يريد أن يكشف عن السبب الحقيقي، ويصبح الخبر أشد تأثيرا إذا كان الصحافي يعرف هذا السبب ويبلّغه لقرّائه.
المعرفة : المعنى في هذا المقام هو عدد الأشخاص الذين عرفوا الحدث أو تطوّره، لأنّ أعلى قيمة ترتبط بالقصص الإخبارية هي الهيئة التي تشكّل التقرير الأوّل لتطوّر الحدث المعروف للجميع، باستثناء المصدر أو المصادر، إضافة إلى الزملاء والأوساط المقرّبة، لكن تنخفض القيمة إذا وصلت القصّة إلى الجمهور بعد نقلها بالجرائد.
التوقيت : تكون قيمة الخبر في أوّل الأمر كبيرة، ثمّ تنقص هذه القيمة بمرور الوقت، إلاّ أنّ الوقت المنصرم لا يمثّل أهم العوامل بحدّ ذاته، لأنّ التطوّر الذي قد يحدث للخبر بعد أسابيع من وقوعه، لا يفقد قيمته إذا بقيت قصّته بعيدة عن علم الجمهور، لا سيّما إذا كانت المدّة بين تطوّر الحدث والتقرير الذي كتب عنه قصيرة. غالبا ما يكون تأخير نشر الخبر عاملا سلبيا، لأنّ ذلك يتيح فرصة أكبر لشيوع قصّته بين الجمهور فيفقد بذلك قيمته.
القرّاء : يمثّل القرّاء أوّل العوامل التي لا تتّصل مباشرة بالجوانب والمقوّمات المحدِّدة للقصّة، والأهمّية التي يحظى بها الجمهور في الحكم على القصص الإخبارية هي التي توجب بذل كلّ جهد ممكن لمعرفة أكبر قدر ممكن من المعلومات عن القرّاء، لكن ينبغي استعمال هذه المعرفة عن القرّاء للاهتداء بها في الأحكام على وجه العموم، وليس للتأثير فيهم باستمرار بطريقة شمولية، كما يجب أن لا يكون هذا العنصر مبالغا فيه على نحو يصبح ما يريده القرّاء غربالا لعزل ومنع القصص التي لا تناسب أحكامهم المتحيّزة، أو إلغاء الأجزاء المزعجة لهم، لأنّ جزءا من رسالة الصحافي هو فضح الخرافات الشعبية وتحدّي الافتراضات المريحة.
السياق : يشمل السياق أي منطقة توزيع (كمجتمع، بلدة، مدينة، منطقة) تتّصل بموضوع الحدث وتطوّره، وتساعد على تقدير مدى ندرته وتفرّده، لهذا السبب تتفاوت قيمة الخبر اعتمادا على مكان وقوعه، فحادثة إطلاق نار في الريف الدانماركي في جريدة دانماركية على سبيل المثال، تعتبر على قدر كبير من الأهمية مقارنة بإحدى الجرائد الشعبية الأمريكية، ففي مكان تعتبر استثناء نادرا، وفي مكان آخر تتكرر عدّة مرّات في اليوم الواحد. ومثل هذا، حادثة يعض فيها كلب رجلا، فلا تعتبر بأي حال من الأحوال خبرا يستحقّ النشر، لكن الأمر يتغيّر إذا كانت سلالة واحدة من الكلاب هي التي تفعل ذلك، وهذا يدعو دائما إلى التذكير بسياق القصّة والإشارة إليه ونقله إلى القرّاء على الدوام.