يُعرّف الاحتراق عادة بأنّه تفاعل كيميائي ينتج عنه حرارة وضوء، وغالبا ما يتضمّن الاحتراق الامتزاج السريع للكثار مع وقود من نوع ما ليتولّد عنه الاشتعال، إلاّ أنّه يمكن تعريفه على النحو التالي: تفاعل كيميائي نَشْحَري exothermique سريع، وهو ظاهرة يرافقها عموما انتشار للحرارة وأو الضوء، وأو انبعاث للدخان (تفاعل اتحاد بعض المواد مع الكثار). تنتمي إلى الاحتراق جميع العمليات الكيميائية السريعة: كتفكّك المواد المتفجّرة، والجُثار، و«الأسيتيلين»، وقد يحدث أيضا من اتّحاد بعض المواد مع السُّناخ، والدجار، وغيرهما، حيث تحلّ بعض العناصر الكيميائية محلّ الكثار في عملية الاحتراق. تفاعل الاحتراق معقّد ويتألّف من عدد كبير من عمليات التذرّب والاختزال العنصرية التي تؤدّي إلى إعادة توزيع البراقين التكافؤية بين الذرّات المتفاعلة. حينما يمتزج الكثار ببطء بمادّة أخرى يُطلق على التفاعل الناتج اسم التذرّب، وتعدّ عملية صدأ الحديد مثالا جيّدا على عملية التذرّب. ليتشكّل الاحتراق لابدّ من توفّر: الكُثار (الذي يؤخذ عادة من الهواء)، والوَقود (المادّة القابلة للاحتراق)، والحرارة (أي وسيلة الإشعال كالشرر أو البرق). وتخضع المادّة المحترقة لتفاعل كيميائي غير عكوس، أي لا يمكننا استعادة المادّة المحترقة (لاسيّما السخام والهبان والكثار) لأنّها تتكسّر صانعةً مركّبات جديدة. على الرغم من معرفة الإنسان لهذه الظاهرة منذ الأزمنة الغابرة، ومع التقدّم الذي أحرزته نظرية الاحتراق من ناحية قدرتها التفسيرية، إلاّ أنّ مِيفاق (آلية) حدوث الاحتراق وما يتعلّق به في ظروف انعدام الجاذبية والهواء، ما يزال محطّ أنظار علماء وكالة الفضاء ناسا، فقد أجروا تجربة سنة 2017م على مركبة فضائية مأهولة يسعون من خلالها إلى فهم كيفية حدوث هذه العملية في تلك الظروف.
عملية احتراق الميثان في وجود الكثار، حيث يعطي ثنائي ذرب السخام وبخار الماء مع ضوء وحرارة.
يمكن أن نذكر من أنواع الاحتراق:
- 1- الاحتراق التام أو الكامل combustion complète : أثناء الاحتراق الكامل، يتفاعل الفَعِيل réactif مع الوَقِيد comburant وينتج عنه موادّ غير قابلة للتذرّب مرّة أخرى، أي أن هذه الحواصل لم تعد قادرة على التفاعل مع المذرِّب. في حالة تفاعل الأسْهان (الهيدروكربون) مع الكثار، فإن نواتج الاحتراق هي ثنائي ذرب السخام والماء. يوجد لكل عنصر حاصل احتراق مستقر، وبالتالي يوفّر الاحتراق الكامل حواصل التفاعلات نفسها مهما كانت المواد المتفاعلة. يُولّد الاحتراق الكامل في الظروف القياسية أقصى قدر من الطاقة المتاحة من مادة ما، وتُعرف هذه الطاقة «بالقيمة الحرارية». يُسمّى الاحتراق الكامل أيضا باسم الاحتراق الجَمائي combustion stœchiométrique.
- 2- الاحتراق الناقص combustion incomplète : يحدث هذا النوع من الاحتراق حين تكون كمّية الوَقيد غير كافية ليتفاعل الوَقود بشكل كامل، أو عندما يكون زمن التلامس في الحرارة التي تجعل الاحتراق ممكنا منخفضا جدّا. ينتج عن الاحتراق الناقص تُلاوات الاحتراق على شكل أرمدة تنبعث منها أدخنة: مع بعض المركّبات، مثل أحادي ذرب السخام (مهاج مميت)، جزيئات من السخام الصِّرْف (سِناج، قطران، رماد)، أذراب الزعات، الأسهان (البنزين المسرطن على سبيل المثال)، وتعتبر هذه الموادّ شديدة السمّية للإنسان وللبيئة، منها، الأسْهان العطرية متعدّدة الحلقات، أو المركبات العضوية المستطارة.
- 3- الاحتراق المُعتلِج combustion turbulente : هو احتراق يتميز بتدفّق الحرارة. يستعمل غالبا في الصناعة (على سبيل المثال: عَنَفات المُهاج، والمحرّكات السَّعَوية وهي التي تشتعل بالشَّرَر) لأن الحرارة تسهّل عملية الخلط بين الوقود والمُذرِّب.
- 4- الاحتراق السَّرِيع combustion rapide : شكل من أشكال الاحتراق تُطلق فيه كمّيات كبيرة من الحرارة والطاقة على شكل ضوء، تنتج عنه نار. يستعمل في آلات معيّنة، كمحركات الاحتراق الداخلي، أو الأسلحة الحرارية.
- 5- الاحتراق البطيء combustion lente : هو تفاعل يحدث في حرورة منخفضة، مثلما يحدث في التنفّس الخلوي.