الصحافة المدافعة هي الترويج لرأي أو قضية من أجل تحقيق أهداف معينة. تتّبع قواعد الصحافة العامّة نفسها، لكنها تختلف عنها في نقطة واحدة، وهي الموضوعية. في الواقع، الصحافي الذي يدافع عن قضية ما يتخذ موقفا، لذلك تتبنّى هذا الصحافة من البداية وجهة نظر حيال قضيّة أو موقف، وتكون تقاريرها خليطا من الأخبار والرأي ووجهات النظر، وتظهر في أعمدة الأخبار وليس في أعمدة الرأي. ينتشر هذا النوع من الصحافة لا سيما في المجلاّت والإذاعات. تقوم الصحافة المدافعة على فكرة أساسية ترى أنّ من حقّ الصحافي أن يمتلك وجه نظر شخصية، ومن حقّه أيضا عن يدافع عنها، ولا تعني الحيودة أن يُختزل دور الصحافي في عمل صارات المُراقبة، يقول في هذا الشأن «جاري نايت»: «تُعدّ الموضوعية بمنزلة حبل المشنقة الذي لُفّ حول رقاب كثير من الصحافيين، وهي كلمة ينبغي ألاّ يكون هناك تعارض بينها وبين امتلاك وجهة نظر». تُستعمل الصحافة المدافعة في المقام الأوّل، لإعلام المجموعات المعنية، أو الرأي العام بقضايا محدّدة، وقد تكون خطابا بديلا عن الخطاب السائد. في الواقع العملي، نادرا ما يتعرّض الصحافي الذي يقوم بالدفاع عن قضية من القضايا للضغوط الخارجية، من ناحية أخرى قد يكون صوته معبّرا عن أولئك الذين يجدون صعوبة في إسماع صوتهم، لكن على الصحافي أن يعرف حالة المستفيدين من دفاعه، ويعرف كيف يتحدّث نيابة عنهم. الصحافة المدافعة تهدف إلى التغيير، فهي كفاح طويل، يتطلّب الاستثمار والصبر، ويجب أن تستمرّ ما دام هناك قضايا تحتاج إلى من يدافع عنها.

في خطاب ألقته «سو كارلس» Sue Careless في أبريل سنة 2000م أمام «الجمعية الكندية للصحافيين»، قدّمت فيه تعليقات ونصائح للصحافيين الراغبين في الدفاع عن حقوق الإنسان، والذين يَسْعَون إلى إنشاء رؤية مشتركة للمعايير الصحافية التي يجب أن تُتّبع في هذا النوع من الصحافة، وهي: (1) اعترف بوجهة نظرك سابقا. (2) تحلّى بالصدق والدقة والمصداقية، ولا تنشر الدعاية، ولا تأخذ الاقتباسات أو الحقائق خارج سياقها، و«لا تلّفق أو تزوّر»، و«لا تحكم على الحقائق الحيوية أو تكتمها أو تقدم أنصاف الحقائق». (3) لا تمنح خصومك وقتا متساويا مع وقتك، لكن لا تتجاهلهم أيضا. (4) استكشف الحجج التي تتحدّى وجهة نظرك، واكتب الحقائق المحرجة التي تدعّم المعارضة، واطرح أسئلة حرجة على الأشخاص الذين يتّفقون معك. (5) تجنب الشعارات والصراخ والجدل، وبدلا من ذلك، «اشرح القضايا المعقدة بوضوح وحذر». (6) كن عادلا وشاملا. (7) استفد من المصادر المحايدة لإثبات الحقائق.

بمجرد إتقان جميع الأدوات وتحليل المشكلة بالكامل، بمجرد فهم ادعاءات المجموعة المعنية ونقلها، بمجرد إجراء البحث، سواء من حيث الحجج أو الحلول الملموسة والقابلة للتطبيق لتقديمها، وبما أن هذه الحلول قد غذّت النقاش الوطني، فمن المرجّح أن يحدث التغيير المأمول.