فرع من الإناسة، وهي مزيج مثير للاهتمام من الدراسات الاجتماعية والدراسات الحِياوية، تهتمّ بأصل البشر وبتطوّرهم وتنوّعهم وتكيّفهم مع القَسارات constraints البيئية التي يعيشون فيها، باستعمال مفاهيم التطوّر وأسس الحياوة، وتسعى لمعرفة الأسباب والعلل التي تتحكّم في الاختلافات الحياوية عند الإنسان مقارنة بالأنواع الأخرى من الكائنات الحيّة. لا تتعامل الإناسة الحياوية مع الشكل المادّي للإنسان فحسب، كالعظام، والعضلات، والأعضاء، بل أيضا مع كيفية عمل جسم الإنسان لضمان بقائه وتكاثره، فهي تدرس تطوّر الرِّيسِيات primates والشِّنْسِيات hominids من السجلّ الإحاثي، وما يمكن معرفته من علم التشريح المقارن لتفسير بدايات ظهور الإنسان على الأرض، وكيفية تطوره من أشكال الحياة السابقة، وتدرس البِنْية والسلوك الاجتماعي لأقرب أقرباء الإنسان كالقردة monkeys والحِبْنِيات apes التي مازالت تعيش في البرّية أو أسيرة في مستعمرات صغيرة، من أجل فهم السمات التي تجعل كلّ مجموعة متميّزة في ذاتها ومرتبطة في الوقت نفسه مع المجموعات الأخرى، ثمّ إنّ معرفة سلوكها وبيئتها قد تساعد في بقائها وبقائنا على قيد الحياة في المستقبل، لا سيّما أنّ الكثير من هذه الأنواع مهدّدة بالانقراض. تهتم الحِياوة الهَوْكَلية skeletal biology بدراسة الإنسان تشريحيا في المآسن (المواقع الأثرية) عن طريق تحديد الهواكل أو بصمات الحمض النووي، وتسعى إلى فهم الأمراض والظروف التي عانى منها هؤلاء الأشخاص السابقون قبل وفاتهم، ويستعملها الإناسيون الشرعيون للمساعدة في تحديد هوية الأشخاص بعد موتهم، غالبا ما ينطوي ذلك على اعتبارات قانونية كالمساعدة في حل الجرائم.
يركز علماء الحياوة البشرية في دراساتهم على البشر المعاصرين، ولا يهتمون فقط بعلم التشريح وعلم وظائف الأعضاء، بل يفحصون أيضا التكاثر البشري، وتأثيرات الوضع الاجتماعي والعوامل الأخرى على نموهم وتطورهم. نظرا لأن هذه الدراسات تتم في إطار فهم سياق السلوك البشري والثقافة، فإن الإناسة الحياوية تقف كحلقة وصل فريدة بين العلوم الاجتماعية والحياوية. تشمل الاهتمامات البحثية ومجالات الخبرة الأساسية: الحمض النووي القديم، والحياوة البشرية، والحياوة السكانية، والتطور الجزيئي، والحَيْوَنة، والنظام الغذائي، والتغذية، والسخام، والبيئة، والكيمياء الحيوية، والكيمياء العضوية الخلوية. من بين الاهتمامات الأخرى التي يسعى الإناسيون الحياويون لمعرفتها، التغيّرات المرتبطة بالمناخ والموادّ الغذائية وعلاقتها بازدهار التجمّعات البشرية أو اضمحلالها وتدميرها، ويسعون أيضا لشرح أسباب الأنماط المعقّدة للسلوك الثقافي، مثل: الزواج المتكرّر، والزواج من الأقارب، والزواج من الأجانب، وكذلك البحث عن أصول التجمّعات البشرية، كالمجتمع الأمريكي الذي هو خليط من شعوب وأجناس مختلفة، أو المجتمع الجزائري الذي يتكوّن من العرب والمَزِيغ والأندلسيين واليهود ومن الأفارقة ذوي البشرة السوداء، ومن الشعوب المطلّة على البحر المتوسّط، كالأتراك واليونانيين والإيطاليين والمالطيين، ومن الشعوب التي غزت الشمال الإفريقي كالبوزنطيين والوندال. ويبحث في الاختلافات والتجانسات الموجودة بين هذه الأجناس، ويبحث أيضا في أصول العائلات، لا سيّما ذات النفود أو التأثير السياسي أو العلمي أو الثقافي. يمكن القول باختصار إنّ هناك مفهومين أساسيين يميلان إلى ربط الإناسة الحياوية، هما: التطور البشري والتنوع الحياوي الاجتماعي البشري.