الأمولة، تحوّل القوّة من رأسمال التصنيع إلى رأسمال التمويل، أي تحوّل زخم النشاط الاقتصادي من القطاع الإنتاجي مع قطاع الخدمات الأوسع حجما، إلى قطاع التمويل، مثلما حدث في سبعينيات القرن العشرين الميلادي، فالأمولة احتراك جديد للعلاقات الرأسمالية، تتفوّق فيه هيمنة الأسواق المالية والمعاملات على الإنتاج والتجارة، ويتحقّق الربح في الاقتصاد بشكل متزايد من خلال القنوات المالية وليس من الأنشطة الإنتاجية. على رغم من أنّ الاقتصاديين التقليديين افترضوا دائما وجود ارتباط بين الاستثمار الانتاجي والاستثمار المالي، إلاّ أنّ الواقع أثبت بطلان تلك الفرضية، إذ ليس هناك بالضرورة علاقة مباشرة بين الاستثمار الانتاجي وتكديس الموجودات المالية. تكتسب تجارة النقود عندما تنفصل عن تجارة البضائع في ظروف معينة يحدّدها الإنتاج وتجارة البضائع، تطورا خاصّا بها، فتغدو لها قوانين وأطوار خاصّة تحددها طبيعتها الخاصّة، وقد ارتبطت الأمولة تاريخيا بانهيار التنظيمات المالية فيما بعد الحرب، مثل: نظام بريتون وودز لمعدّلات الصرف الثابتة.

جاءت الأمولة كنتيجة طبيعية للتحوّل «النيوليبيرالي» الذي يعتمد في سياساته على تحرير الأسواق المالية ورفع الضوابط التنظيمية بالإضافة إلى خَوْصَصة المؤسسات العامّة، فتأسّست الأمولة على مستوى الاقتصاد الكلّي من خلال إلغاء القوانين حول المال الاعتمادي الاعتباري، وتحرير معدّلات الصرف التي بدورها تدعّم معدّلات الرِّباوة (الفائدة) العالية التي أدّت إلى عجز عام متزايد في الثمانينيات، وكذلك إلى التقلّب العام في الأسواق المالية العالمية وأزماتها المتكرّرة (المكسيك 1994م، شرق آسيا 1997م، روسيا 1998م، البرازيل 1998م، الأرجنتين 2001م). كما تأثّرت الأمولة بالتغيّرات في الحكم وكيفية عمل الشركات وتنظيمها، فأعادت تشكيل سَنافات الشركات بشكل حاسم، وقد أدّى ظهور الآلات المالية المتميّزة (المال الاعتباري، الأداة المالية المشتقّة، دور المَصْفِق) إلى إعادة توجيه سنافة الشركات إلى قيمة حامل الأسهم، وقد تأثّرت المنافسة بشكل كبير بمتطلّبات أسواق الرأسمال العالمية.

الأمْوَلة اسم مشتقّ من الأموال جمع مال، ويمكن تعريفها بأنّها حيازة الأصول غير الثابتة، عن طريق ادّخار الأموال على شكل سندات ونقد وغيرها، في مقابل الأصول الثابتة كالذهب، والممتلكات العقارية. يعتبر كيفين فيليبس، هو أوّل من استعمل مصطلح «الأمولة» واجترحه في كتابه «نقطة الغليان» 1993م، وكرّس بعد سنة تقريبا، فصلا من كتابه الموسوم «بالرأسمال المتغطرس» 1994م، للحديث عن «أمولة أمريكا» معرّفا الأمولة بأنها «توسيع الشقّ الفاصل بين الاقتصادين الحقيقي والمالي».