معجم المصطلحات الكبير
دَوْرة تمحُّطِية
الحتاكة

مجموعة من الأحداث الحِتاكية المتتالية والدورية، والتي تمتدّ فترتها من 400 إلى 500 بِسان، تبدأ بقارّة، ثمّ تمزّق هذه القارّة، ثمّ انفتاح محيط بها وانغلاقه لاحقا بانطهاس الصفيحة المحيطية، لتستعيد القارّة مرّة أخرى كتلتها وتصبح قارّة كبيرة واحدة من جديد مع بروز سلاسل جبلية. نشأ هذا المفهوم في جامعة تورنتو في كندا، على يدي جون توزو ولسون John Tuzo Wilson (1908-1993)، صاحب فرضية الفوالق الناقلة للحركة، فالأنماط الرهاصية والظواهر البِنوية التي نشاهدها على سطح الأرض تُعزى إلى انفتاح المحيطات وانغلاقها في مراحل متتالية خلال فترات زمنية طويلة جدّا، تبدأ:

  • 1- بمرحلة جنينية stade embryonnaire: كما في مثل، شمال البحر الأحمر، وقعر خليج عدن؛
  • 2- مرحلة المحيط الشابّ stade d'océan jeune: جنوب البحر الأحمر، وبحر كورتيس أو خليج كاليفورنيا السفلي؛
  • 3- مرحلة النضج stade de maturité: المحيط الأطلسي حاليا؛
  • 4- مرحلة التدهور stade de déclin: حيث يلعب الانطهاس subduction دورا كبيرا في استهلاك القشرة المحيطية، وحيث تتطور الأحواض القوسية (الأحواض الحافية للمحيط الهادئ الحالي)؛
  • 5- المرحلة النهائية، وهي مرحلة الانغلاق الكامل، مثلما حدث للسَّرْهَد téthys في أواخر «الإيوسين»، والمرحلة التنادخية النهائية stade collisionnel ultime، والتي أنتجت التجمع العام للقارّات المتجاورة المعروفة باسم السَّاهِرة pangée، واللحكة الرثدية suture ophiolitique، لتنتهي الساهرة بالتشظي أيضا، وما إلى ذلك. 

الظاهر أن هناك علاقة بين التكوّن المتتالي للسواهِر، وبين الرُّسابات الفلزّية، وكذلك مع بعض التجلّدات الكبرى؛ لا يمكن أن يكون هناك سوى قَلَسة جليدية كبيرة مع قارّة كبيرة جدا تحت قطب، أكبر على سبيل المثال من النكباء الحالية. يبدو أن دورات التمحّط الأولى كانت سريعة جدًا في البداية في الأوْزم hadéen أو في بداية الأوهر archéen، ثم تستقر خلال فترة ما قبل الكمبري، حيث تتبع كل من ساهرة أور pangées d'Ur وساهرة رودينيا Rodinia بعضهما بعضا.

 

828.jpg

 

مَقَدّات تبيّن المراحل المتتابعة لتطوّر محيط من بداية انفتاحه إلى مرحلة انغلاقه.

 

تقوم الدورة التمحّطية على مرحلتين أساسيتين، الأولى انفتاح المحيط، والثانية انغلاقه. تبدأ المرحلة الأولى:

  • 1- بأَرِيز قارّي مستقرّ؛
  • 2- ثمّ تضخّم هذا الأريز craton وارتفاعه إلى أعلى بصعود بقعة ساخنة من أسفل؛
  • 3- ومع استمرار صعود البقعة الساخنة يتمدّد الأريز ويتشقّق، وتظهر كتلتان، تبتعد كلّ واحدة منهما عن الأخرى وتنجرف، وتصبح الحافة الفاصلة بينهما حافة تباعدية marge divergente؛
  • 4- ثمّ يرتفع المهل ليملأ الفراغ الناشئ بينهما، فتتشكّل نتيجة لذلك قشرة محيطية تكون عبارة عن سَتَلة رَثَدية série ophiolitique، وتعتبر هذه أوّل عملية انفتاح حقيقية في الدورة التمحّطية، ومثال ذلك في وقتنا الحاضر البحر الأحمر، والأخدود الإفريقي العظيم؛
  • 5- تستمرّ الكتلتان في التباعد مع تجدّد قعر المحيط وتخلّقه بصعود المهل، ثمّ تصلّبه عند الأخدود. يستمر الحوض المحيطي في التوسّع إلى مئات أو آلاف الإقاسات، وعندما يكتمل نمو قشرته، ويظهر المِنْجَد في وسطه يُسمّى حينئذ بالنمط الأطلسي، لأنّه يشبه في هذه المرحلة المحيط الأطلسي في زمنه الحاضر.

تبدأ المرحلة الثانية وهي مرحلة انغلاق المحيط بفكّ الارتباط بين القشرة المحيطية والقشرة القارّية، عن طريق:

  • 1- انطهاس القشرة المحيطية تحت القشرة القارّية، لتعويض ما يتخلّق من صفيحة صخرية عند المناجد، وهي المرحلة الأولى في بداية الانغلاق، وحين تنطهس قشرة محيطية تحت قشرة محيطية أخرى، ينشأ ما يُعرف بالأقواس الجزيرية arcs insulaires، كما هو الحال في اليابان ومعظم جزر المحيط الهادئ؛
  • 2- يترتّب على عملية استهلاك القشرة المحيطية، سواء على حافة القارّة أو بعيدا عنها، عملية تغيّر في هندسة حافة الصفيحة الرهاصية المتنامية، وخلال هذه المرحلة تتّسع الأرصفة القارّية؛
  • 3- وحينما يتقلّص قعر المحيط، تبدأ أولى مراحل تنادخ الكتلتين القارّيتين الموجودتين عند تخوم المحيط، ويصبح الحدّ الفاصل بينهما عبارة عن نطاق لُحْكِي zone de suture، ويُطلق على الحزام التجبّلي الناتج بفعل التنادخ collision النمط الهيمالاوي؛
  • 4- يؤدّي التنادخ إلى مضاعفة سمك الجِبْلة الناشئة، حيث تميل كلّ كتلة إلى الارتفاع على الكتلة الأخرى، ثمّ ينخفض علوّها إلى مستوى السطحر بفعل عمليات الكثح، بعد ذلك تأتي مرحلة الاستقرار والثبات الرِّهاصي مرّة أخرى.

اُعتمد في تأسيس هذا المفهوم على جانب كبير من التاريخ الرِّهاصي للجِبْلة الأبالاشية الكاليدونية، وهي جبلة معقّدة، إلاّ أنّ هناك مآخذ عديدة على الدورة، منها: أنّها مبسّطة كثيرا بحيث لا تعكس حقيقة الحركات التجبّلية المعقّدة جدّا؛ افتراض أن عملية التنادخ تحدث بين قارتين كانتا متّصلتين، وحافاتهما متناسقة هندسيا، وهذا افتراض غير دقيق، فقد يحدث التنادخ بين كتلتين قارّيتين لم تكونا متّصلتين من قبل؛ إغفال الحركات الرهاصية التقيُّصِية، ذات الأهمّية الكبيرة في تشكيل الجِبْلات.

تعليق

التَّمحُّطِية نسبة إلى التمحُّط، وهو كلّ ما تعلّق بنشوء البحار والمحيطات، والمصطلح مأخوذ بالتوهّم من محيط، ويشبه هذا كلمة تمكّن وأمكن، بمعنى ثبت واستقرّ، فهي مأخوذة أيضا بالتوهّم من مكان، وجذر كلمة مكان، كون، وليس مكن، وهي على مَفْعل، وتوهّم أصالة الحرف يسمح لنا باشتقاق كلمة التمحّط من محط بدل حوط الذي هو جذر كلمة محيط. ومثل هذا عند العرب قديما، تمسكن وتمذهب وتمنطق، وأصلها من سكن وذهب ونطق، اُنظر، مصطلح: مبدأ توهم أصالة الحرف. الأوزم، كلمة منحوتة من أول وزمن أي الزمن الأول، ومثلها الأوهر، من أوّل ودهر أي الدهر الأوّل. الأريز، من قولهم أرز الشيءُ يأرِز، ثبت في مكانه واجتمع.

مصطلح قريب

لغة كلزية

Wilson cycle
لغة فرنسية

cycle de Wilson
مراجع

  • بحوث في الجيولوجيا وعلوم الأرض، تكتونية الأرض (الجيوتكتونيكا). تأليف، الربيز: زكريا هميمي. دار الكتاب الحديث، 1429، 2008م. القاهرة، مصر.
  • Dictionnaire de géologie. Alain Foucault, Jean-François Raoult, Fabrizio Cecca et Bernard Platevoet. Dunod, 2014. Paris, France
  • Dictionnaire de la tectonique des plaques et de la géodynamique. Jean-Marie Vila. Collection Géoscience, Gordon and Breach Science Publishers, 2000. Paris, France