مقال صحافي يُقدّم صحافة ما وراء الكلمة أو صحافة القيمة، حيث يغوص في الأعماق، فيذهب كاتبه مع موضوعه على الخطوط الرئيسة وعلى الخطوط الفرعية، وينتقل من كليات المسائل إلى تفاصيلها، ابتداء من البعد التاريخي ومرورا بالواقع التحليلي، ووصولا إلى رؤية استشرافية للمستقبل، والفكرة الأساسية في المقال المسترسل أنّه مكان وسط بين المقال المألوف والكتاب أي هو أطول من المقال وأقصر من الكتاب، وهدفه أن يمسك بموضوع معيّن ويستوفيه قدر ما هو ممكن، واضعا فيه إذا استطاع سرعة إيقاع المقال وسِعة إحاطة الكتاب، كما قد يأخذ مساحة كبيرة قد تصل إلى الصفحتين من المقاس الطهيمي للجريدة، ويتضمّن الخبر والتحليل والحوار واللقاء ووجهة النظر، الخ، وكان أوّل من أدخله إلى الصحافة العربية محمد حسنين هيكل بعد أن شاع في الصحافة الأجنبية.
هناك عدد لا بأس به من أكابر الصحافيين والكتّاب في العالم تركوا زحام الجرائد الكبيرة وصفوف المتسابقين إلى صفحاتها وذهبوا إلى مواقع للنشر مختلفة تملك حقّ اختيار قارئها دون أن تلحّ عليه بالإثارة أو غيرها من لوافت الانتباه، مثل عميد الكتّاب الصحافيين في القرن العشرين «والتر ليبمان» الذي ترك جريدة «نيو يورك تايمز» إلى مجلّة «نيويوركر»، فقد أحسّ الرجل أنّه تحرّر من حوافز السبق والتسابق وظهر فيما يكتبه من مقالات مسترسلة كأنّه يتحدّث أو يمشي أو يتجوّل إلى حيث يأخذه موضوعه مفتوحا طليقا، وفعله آخرون من أمثال «منجزلي مارتن» و«ريمون آرون» و«وليام ريس موج» رئيس تحرير «التايمز» السابق الذي وصل إلى إصدار مجلّة يكتب فيها مقالا مسترسلا عن الكتب القديمة وطبعاتها المعتّقة، ومن بينها ما صدر قبل ثلاثة أو أربعة قرون.