معجم المصطلحات الكبير
تواصُل
الإعلام والاتصال

فعل إنساني رمزي لغوي بين طرف مؤثّر وآخر متأثِّر، يكون القصد منه التعبير عن إحساس أو عن حالة أو عن نظرة فريدة إلى العالم أو إلى الذات، أو يكون القصد منه الإخبار، أي وصف موقف معيّن على نحو أكثر موضوعية، أو يكون القصد منه الإقناع بواسطة أدلّة تحمل المتلقّي على الانخراط في رأي ما. وهذا التعريف مبني على تعريف «فيليب بروطون» Philippe Breton, 2006. يُستعمل في العربية التواصل مترادفا للاتصال، ويعتبر الاتصال أوسع منه في المعنى، فهو يغطّي كلّ أنشطة الكائنات الحيّة وليس الإنسان فحسب، أمّا التواصل فهو الاتصال الإنساني، أي الاتصال بين البشر الذي يعتمد أساسا على الرموز اللغوية سواء كانت ملفوظة أو مقروءة أو مُرمّزة، من أجل توصيل رسالة مرتبطة بالتعبير، أو الإخبار، أو الإقناع، وهي مجالات ثلاثة غير مختلطة على الرغم من أنّ الحدود بينها ليست دائما بالدقّة التي يفترضها بناء التعريفات، وذلك بفعل ثراء الكلام الإنساني، فهو مجال يُعنى بكلّ ما يتّصل بصياغة الرسائل ونقلها، كما يُعنى أيضا بالدلالة الاجتماعية لمثل هذه العمليات، ويرتبط التأثير أساسا بتغيير البنية المعرفية للطرف المتلقّي، ويرى العالم الروسي رومان جاكبسون (1894- 1964م) أنّ بِنية التواصل تتألّف من ستّة عناصر: السياق، والمُرسِل، والمُرسَل إليه، والقناة، والرسالة، والجُفْرة، لكلّ واحد من هذه العناصر وظيفة خاصّة.

 

02 (1).jpg

 

عناصر التواصل أو الاتصال اللغوي كما بينها  «فيليب بروطون» 2006م.

 

يمكن الحديث عن شكلين من أشكال الاتصال الإنساني، وهما:

(1) الاتصال الناطق، الذي يتمّ عن طريق الكلمات المنطوقة، وهو أوسع جوانب الاتصال، ويدخل تحته الاتصال بين شخصين والاتصال بين الجماعات والاتصال الجماهيري أو الناساني، وهو أكثرها شيوعا وتأثيرا، ولا يتمّ بمعزل عن وسائل التواصل والتفاهم الأخرى كالحركة والإشارة، بيد أنّ استعمال الكلام المنطوق في الاتصال يبقى أكثر دلالة على المعنى، فكلمات مثل: الحرية والعدل والإحسان والحب والجمال، لا يمكن التعبير عنها إلاّ من خلال الكلمات ذاتها، فلا يمكن الإشارة إلى الحرّية من دون كلمة الحرّية.

(2) الاتصال الصامت، وهو التواصل بالوسائل السمعية والبصرية والإشارات والمحاكات للآخرين، فالتواصل عملية اجتماعية وقد تتحقّق بالكلام المنطوق أو المكتوب وأيضا من خلال مجموعة من الأفعال، كالتبسّم والتجهّم والعبوس والمصافحة وهزّ المنكبين والمعانقة، أو بالدفع واللكم والصدّ، كما قد يتحقّق بأساليب أخرى كالمظهر العام واللباس، فهذه الأفعال يمكن أن نطلق عليها الكلام الصامت، لأنّها تؤدّي وظيفة التواصل مثل الكلام والتي قد تكون مصاحبة له في كثير من الأحيان، فالمدير الذي يوجّه تعنيفا لأحد مستخدَميه على الإهمال، يستعمل الكلام المنطوق الذي يحمل معاني التعنيف والتوبيخ، ويكون مصحوبا أيضا بإشارات أخرى غير منطوقة، كالعبوس أو التجهّم والنبرة الحادّة والإشارة بالسبّابة إلى شخصه أو إلى ما سبّب فعل التعنيف، بمعنى آخر حتّى وإن سحبنا الكلام المنطوق من المشهد ولم نترك إلى الجانب الحركي في سياق الحدث فإنّ دلالاته تدلّ بوضوح على أنّ الموقف هو موقف تعنيف.

ويمكن توضيح طبيعة العلاقة القائمة بين الاتصالين، الناطق والصامت، من خلال الخصائص التالية:

  • 1- الإعادة والتكرار، حيث يقوم الاتصال الصامت بإعادة القول المنطوق، كإشارة: تعالى؛
  • 2- التناقض، حيث تضمّ الرسالة كلاما منطوقا وإشارة صامتة تخالف معناه، مثل ما يُعرف بخائنة الأعين، وهو الدعوة أو الأمر بفعل من الأفعال والإشارة في الوقت نفسه من طرف خفي إلى عدم فعله؛
  • 3- البديل، فيمكن أن يكون الاتصال الصامت بديلا عن الاتصال الناطق، ويمكن اعتبار الاتصال الصامت كلاما صامتا، وتقول العرب قديما: ربّ إشارة أبلغ من عبارة؛
  • 4- التكميل: كالابتسامة بعد طلب شيء من شخص؛
  • 5- التأكيد، كالحركات أو تعبيرات الوجه التي تصاحب الكلام لتؤكّد على المعاني؛
  • 6- التنظيم، حيث يمكن للاتصال الصامت أن يقوم بتنظيم التدفّق الاتصالي والربط بين المشاركين، مثل حركة الرأس والعينين خلال الكلام.

مصطلح قريب

لغة فرنسية

communication
communication linguistique
مراجع

  • الحجاج في التواصل، فيليب بريطون. ترجمة محمد مشبال وعبد الواحد التهامي العلمي. الطبعة الأولى 2013م. المركز القومي للترجمة.
  • المنطق الإعلامي بين العالمية والعولمة. الربيز: علي حجازي ابراهيم‎. المعتز للنشر والتوزيع. 2017م. الأردن.