معجم المصطلحات الكبير
جَرّ بالمُجاوَرة
اللغة والأدب

الجرّ بالمجاورة هو الجرّ الذي يلحق الاسم لوقوعه بجوار كلمة مجرورة بعوامل الجرّ المعروفة، في حين أنّ الأصل فيه ألاّ يكون مجرورا، يكون مرفوعا أو منصوبا. يُجرّ الاسم إذا ما وقع بعد حرف جرّ، أو أن يضاف، أو أن يعطف على مجرور، أو مجيئه تابعا لكلمة مجرورة، أمّا الجر بالمجاورة أو الجِوار، فيحصل للاسم من غير داع إلاّ لأنه مجاور لاسم مجرور. من أمثلة ذلك ما نجده في المثال المشهور الذي لا نكاد نجد كتابا من كتب النحو يخلو منه، وهو: «هذا جحرُ ضبٍّ خَرِبٍ»، فكلمة «خربٍ» في هذا المثال صفة للجحر والأجدر أن ترفع، إلاّ أنّها جاءت مجرورة، وهذا لا لشيء إلاّ لكونها جاورت كلمة ضبٍّ المجرورة، حيث أخذت الحركة نفسها وهي الكسرة. ومن هنا يمكن أن نستنتج أن حركة المجاورة ليست حركة بناء ولا إعراب، إنّما هي حركة إتباع يُؤتى بها لمجرّد المناسبة والتوافق بين اللفظين المتجاورين، وبالتالي لا تحتاج لعامل للإتيان بها. مثل ذلك قولهم: «هذا أثاثُ غرفةٍ نظيفٍ»، فالصفة «نظيف» من حقّها أن تكون مرفوعة لأنّها صفة لكلمة «أثاث» المرفوعة، ولو كانت صفة لكلمة «غرفة» لأتت مؤنّثة، وقلنا: غرفةٍ نظيفةٍ، لكنّها أتت مجرورة لمجاورتها الكلمة المجرورة ليس غير، وكقول الشاعر:

كأنّ ثبيرا في عرانينِ وَبْلِهِ ⁂ كبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مزمَّلِ

حيث أتت الصفة «مزمّل» مجرورة لمجاورتها الاسم المجرور «بِجاد»، وهي في الحقيقة يجب أن تكون مرفوعة لأنّها صفة للاسم «كبير» المرفوع بأنه خبر «كأن».

هناك عدّة أبواب نحوية يدخل عليها الجرّ بالمجاورة، مع اختلاف النحاة في ذلك بين مؤيّد ومعارض، ويُعدّ النعت أو الصفة من أشهر الكلمات التي تدخلها هذه الظاهرة، ويقع أيضا في التوكيد، وهو قليل إذا ما قورن بالنعت. الجرّ بالمجاورة سماعي وغير قياسي، وينصح الربيز: عباس حسن بعدم الالتفات إلى أمثال هذه الحالات الشاذّة في كلام العرب، ولا بالقياس عليها، وهذا لقلّة ورودها في كلام العرب؛ حتّى إنّ المثال المشهور الذي يتداوله النحاة فيما بينهم للاستدلال على هذه الظاهرة، قد وصل حدّ الابتذال جرّاء كثرة استعماله. يقول في كتابه النحو الوافي: «واتّفق الأئمة على أنّ الجرّ بالمجاورة ضعيف، أو ضعيف جدّا، وعلى هذا لا يصحّ القياس عليه، وإنّما يقتصر على الوارد فيه، المسموع عن العرب».

تعليق

يذهب بعض النحاة المعاصرين إلى أنّ الجرّ بالمجاورة شبيه بالجرّ على التوهّم، لما في هذا وذاك من بُعد عن الأصول، وتعنّت في الاستعمال، وهو أن يجرّ الاسم المعطوف على اسم يُتوهّم أنّه مجرور بالباء الزائدة. من أمثلته، قولهم: «ليس المؤمن متأخّرا وقاعدٍ عن إغاثة الملهوف»، فكلمة قاعدٍ معطوفة، توهّموا العبارة على الوجه التالي: «ليس المؤمن بمتأخّر» فعطفوا عليها «قاعدٍ»، على الرّغم من أنّ الباء غيرُ موجودة هنا في خبر «ليس».

مترادف

جَرّ بالجِوار

مصطلح قريب

مراجع

  • الجر بالمجاورة في الدراسات النحوية. الربيز: خليل حميش. مجلة الممارسات اللغوية، المجلد 2012، الجزء 9 (31 يناير/كانون الثاني 2012م). جامعة مولود معمري، تيزي وزّو. الجزائر.
  • المعجم المفصّل في النحو العربي. إعداد الربيزة: عزيزة فوّال بابتي. دار الكتب العلمية، 1413، 1992م. بيروت، لبنان.
  • النحو الوافي. الربيز: عباس حسن. الطبعة الخامسة، 1975و. دار المعارف. القاهر، مصر.