معجم المصطلحات الكبير
نظرِية حُرِّية الصِّحافة
الإعلام والاتصال

تُعدّ هذه النظرية اليوم المبدأ الأساس الذي يحكم عمل الطَّبَع في «الديمقراطيات الليبيرالية» وتمتدّ جذورها إلى القرن السابع عشر الميلادي حين تحرّرت الصحافة الغربية من السيطرة الرسمية وقيودها، وقد لاقت رواجا كبيرا في أوروبا وأمريكا وتبنّتها إنكلترا بعد عام 1688م، وكان ذلك نتيجة التطوّر الصناعي وإزالة القيود عن المجتمع، إذ وسّعت الثورة الصناعية آفاق الحرّية وكسّرت الجمود على المرور والتجارة والعمل وشجّعت على بروز أفكار ومفاهيم جديدة في الحرّية والديمقراطية، وبدأت أفكار «جون ملتون» وعدد آخر من الفلاسفة تأخذ طريقها إلى النور، فأعتقد كثيرون أنّ الإنسان لا يمكنه الوصول إلى الحقيقة والصواب في مسألة من المسائل ما لم يستمع إلى آراء المخالفين له. وتنصّ هذه النظرية في شكلها الأساسي على أنّ الحرّية حقّ للجميع وللفرد الحقّ في نشر ما يريد، كما أنّ ممارسة الأشخاص لحرّيتهم لا يعيق المصلحة العامّة للمجتمع استنادا إلى فلسفة أنّ المصلحة العامّة تتحقّق بتحقّق المصلحة الخاصّة، وهي لذلك تعتبر امتدادا لحقوق أخرى مثل حرّية اعتناق الأفكار والتعبير عنها.

وتختصّ هذه النظرية بتأكيد حرّية الإعلام والترفيه والحصول على الربح، ولكن الغرض الأساسي هو الكشف عن الحقيقة ومراقبة أعمال الحكومة التي تعيق حرّية الفكر، وتقف أمام تحقيق الصحافة لرسالتها في المجتمع. وتتلخّص مبادئها الأساسية في: (1) أنّ النشر ينبغي أن يكون حرّا من أي رقابة سابقة. (2) ينبغي أن يكون النشر والتوزيع مفتوحا لكلّ شخص أو جماعة من دون إذن أو ترخيص. (3) لا ينبغي أن يكون عُرضة للعقاب كلّ من يهاجم الحكومة أو أي مسؤول أو أي حزب سياسي. (4) لا ينبغي الإلزام بنشر أي شيء. (5) إنّ نشر الخطأ والصواب في مجالات الرأي والاعتقاد يجب أن يحظى بالحماية. (6) لا ينبغي فرض القيود على جمع المعلومات ونشرها ما دام ذلك يتمّ بالوسائل المشروعة. (7) لا يفرض أي قيد على الرسائل عبر الحدود. (8) يجب أن يحظى الصحافيون بالاستقلال المهني التام في منظّماتهم. والواقع أنّ هناك العديد من العقبات التي تعترض تطبيق هذه الأفكار التي جاءت بها هذه النظرية، يقول «بول» Pool, I. desola: «إنّ أي دولة لا تُبدي تسامحا لا محدودا تجاه حرّية الصحافة التي تعمل على انقسام المجتمع وتفتح أبواب النقد على مِصراعيه ضد حكومة تمّ اختيارها بحرّية لقيادة المجتمع» ولهذا فإنّ الكثير من الدول رفعت الرقابة عن النشر بشرط أنّ تتحمّل الجرائد مسؤوليتها أمام القانون بشأن أي إساءة للأفراد أو الجماعات أو القيم الشرعية للمجتمع.

وقد وُجّهت عدة انتقادات لهذه النظرية لا سيّما في الآونة الأخيرة عندما سيطرت على الإعلام مؤسّسات عملاقة لها رؤوس أموال ضخمة ومزوّدة بأحدث وسائل التطور الصناعي، فاختزلت رأي الفرد والمجتمع، وغدت هذه المؤسّسات الإعلامية قادرة على التعبير بقوّة عن آراء أقلّية هم مالكوها، وقد شكّل ذلك قيدا على حرّية التعبير مثلها في ذلك مثل التدخّل الحكومي، ومن هنا انتفى الادّعاء برقابة المجتمع على الحكومة عن طريق وسائل الإعلام، وإذا كانت هذه النظرية تسعى لحماية مُلاّك البَلَغ فإنّها لم تستطع أن تعطي تعبيرا مساويا بشأن حقوق الصحافيين والمحرّرين ورؤساء التحرير أو الجمهور، كما أنّها لا تمتلك الكثير لتقدّمه بشأن الوصول إلى المعلومات وخصوصيتها وإن كانت تبدو كأنّها مُصمَّمة لحماية حرّية الرأي والمعتقد. كما بيّن «سيبرت» صاحب كتاب «النظريات الأربعة للصحافة» عدّة مساوئ لهذه النظرية أهمّها: (1) تستغلّ قوتها الهائلة في خدمة أهدافها الخاصّة، فيروّج أصحابها لآرائهم الخاصّة في الشؤون السياسية والاقتصادية على حساب الآراء المعارضة. (2) تضع نفسها في خدمة الأهداف الرأسمالية الكبيرة، وطالما سمحت للمعلنين بالتدخّل في توجيه سياسة التحرير ومادّته. (3) تقاوم التغير الاجتماعي. (4) كثيرا ما تضفي اهتماما زائدا على الأمور التافهة والمثيرة أثناء التلحيص وتتسّم أبوابها الترفيهية بالسطحية. (5) تعرّض الأخلاق العامّة للخطر. (6) تُقحِم نفسها في حياة الأفراد الخاصّة من دون مسوّغ. (7) هناك طبقة اجتماعية اقتصادية واحدة تتحكّم في الصحافة هي طبقة أصحاب الاقتفاد الاحتكاريين، وأصبح من العسير جدّا أن يلج أناس جدد إلى الصناعة الصحافية ممّا يعرّض سوق الفكر الحرّ لخطر محدق.

لغة كلزية

libertarian theory
مراجع

  • الإعلام موقف، الربيز: محمود محمد سفر. الطبعة الأولى 1402. الكتاب العربي السعودي 63.
  • الوظيفة الإخبارية لوسائل الإعلام، الربيز حمدي حسن، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، 1991م. مصر.
  • Pool, I. desola : Newsmen and statesmen-Ader saries or cronies, in W. L. Rivers and N. J. Nyhan, ed., A spen papers on Government and Media. London : Allen and Unwin, 1973. [حمدي حسن، الوظيفة الإخبارية لوسائل الإعلام].