زخارف هندسية استعملها المسلمون في عمائرهم وعلى تُحفهم، وهي دوائر متماسّة ومتجاورة، وجدائل وخطوط منكسرة ومتشابكة، وأشكال هندسية متداخلة كالمثلّث والمربّع، وأشكال المعيّن والمخمّس والمسدّس، وأهمّ هذه الزخارف الأطباق النجمية، وهي زخارف متعدّدة الأضلاع يُركّب بعضها إلى جوار بعض بحيث يتألّف منها شبه طبق في وسطه شكل نجمي، وقد كان لتلك الرسوم أصول أوّلها تقسيم محيط الدائرة إلى أجزاء متساوية، ثمّ توصيل النقط بعضها ببعض للوصول إلى الأشكال المختلفة. كثُر استعمال الزَّمَك في العصر السلجوقي وفي عصر المماليك، إلاّ أنّ بدايات استعمال هذا النوع من الزخارف كان منذ القرن الخامس في مصر وسوريا. عرفت بعض الشعوب التي سبقت الإسلام ضروبا من هذه الأشكال الهندسية، إلاّ أنّها كانت في الكثير الغالب إطارات لغيرها من الزخارف، أمّا في الإسلام فقد أضحت عنصرا أساسيا من عناصر الزخرفة، حيث لا يراد بمصطلح الزَّمَك تلك الرسوم الهندسية البسيطة كالمثلّثات والمربّعات والأشكال المخمّسة والمسدّسة، ولا الأساليب الهندسية التي كان لها شأن يُذكر في الزخارف الساسانية البوزنطية، كالدوائر والعصائب والجدائل المزدوجة والخطوط المنكسرة، إنّما المراد به تلك الأشكال التي امتازت بها الفنون الإسلامية، لا سيما تلك التراكيب الهندسية ذات الأشكال النجمية المتعدّدة الأضلاع، والتي ازدهرت كثيرا في عصر المماليك بمصر وذاعت، واُستعملت في زخارف التحف الخشبية والنحاسية، وفي مُزّانات المصاحف والكتب، وفي زخارف السقوف وغيرها، وقد أتقن المسلمون هذا الفنّ وانصرفوا إلى الابتكار والتعقيد فيه.
ليس معلوما أنّه كانت ثمّة كتب عند المسلمين تشرح أصول هذا الفن وتعطي أمثلته، ولكن المرجّح أنّ هذه الزخارف كانت صنعة يتلقّاها الصبيان عن معلّميهم في الفنّ والمهنة، والمعروف كما يقول زكي محمّد حسن أنّ الزخارف الهندسية التي استعملها البوزنطيون والقبط انتقلت إلى إرلندا، حيث اُستعملت في تزيين الصور التوضيحية في المخطوطات، ولكن لم يكن لها الوفرة والتعقيد اللذان كانا لها عند المسلمين، وقد أشار العالم الفرنسي «بورْغُوان» الذي درسها في كتابه «عناصر الفن العربي» سنة 1296 (1879م) إلى ثلاثة فنون عظيمة، هي: الفنّ الإغريقي، والفنّ الياباني، والفنّ العربي الإسلامي، وشبّهها بالفصيلة الحيوانية والنباتية والمعدنية على الترتيب، إذ أنّه شاهد في فنّ الإغريق عناية بالأشكال التجسيمية، وبدقائق الجسم الإنساني والحيواني، بينما عَرَفَ في الفنّ الياباني دقّة تمثيل الأوراق والفروع، أمّا في الفنّ الإسلامي فقد ذكّرته الأشكال الهندسية المتعدّدة الأضلاع بالأشكال البلّورية التي توجد عليها بعض المعادن. وقد أُعجب الغربيون بالزَّمَك العربي الإسلامي، وقلّده بعضهم، حتّى ليروى عن ليوناردو دا فينشي أنّه كان يقضي الساعات الطِّوال يرسم فيها هذه الزخارف الإسلامية.