تجربة نفسية مرهقة تُحدِث ضررا في الشخصية وتولّد تأثيرا نفسيا وجسديا يصعب تجاوزه بسهولة، وتخلّف جرحا نفسيا عميقا ذا طبيعة مستدامة، فهي رِجاع (ردّ فعل) طبيعي ينتج بسبب التعرّض بطريقة غير إرادية لأحداث صادمة، كالكوارث الطبيعية، والأمراض الخطيرة التي تهدّد حياة الشخص، والحروب الأهلية. عادة ما تكون الصدمة النفسية أشدّ وطأة على الضحيّة عندما يكون العنف المُسبِّب لها من صنع البشر، والمُمارَس على بعضهم بعضا، كالحروب، والأنظمة المتطرّفة، والنزاعات المسلّحة الإقليمية، وحوادث السيّارات، والاغتصاب، والاختطاف، والهجر الوالدي، والعنف الجنسي، والعنف الأسري. يشعر الشخص المصدوم نفسيا أنّ حياته مهدّدة، والموت محدق به، ويرافق ذلك الشعور مجموعة من المشاعر الأخرى كالهلع، والعجز، والاستسلام، ويلجأ إلى ميفاق دفاعي تلقائي لحماية نفسه، يصعب في الكثير من الأحيان فهمه، سواء من لدن الشخص المتضرّر بالصدمة أو من لدن أولئك الذين يحيطون به ولم يعيشوا تفاصيل الحادث المسبّب لها. يشعر بعض الذين تعرّضوا لمثل تلك الحوادث الصادمة بأنها غير حقيقية، أو كأنهم كانوا خارج الحدث ويراقبون أنفسهم من الخارج، وبالتالي ينسون أحيانا تفاصيل حدثت لهم ذات أهمية كبيرة.

بيّنت بعض الدراسات أن نصف إجمالي السكّان قد تعرضوا في مسار حياتهم ولو مرّة واحدة على أقل تقدير لحدث صادم، ويتمّ تشخيص اضطرابات ما بعد الصدمة النفسية لدى زهاء 8% من المتعرضين للصدمات النفسية. يعود الفضل في اكتشاف الاضطرابات ما بعد الضغوط الصدمية إلى الحرب الأمريكية الفيتنامية، في سبعينيات القرن الماضي، فقد كشفت الدراسات النفسية عن وجود نصف بلف محارب أمريكي يعانون من الاضطراب بعد مرور 15 سنة على انتهاء تلك الحرب، وتوصّلت دراسات أخرى إلى أنّ أعدادا كبيرة من الفيتناميين والكمبوديين الذين عانوا لعقود من الحروب الأهلية مصابون بأعراض هذا المرض النفسي، فقد كشفت الدراسات أنّ أكثر من 20% منهم يعانون من أعراضه، منها: الكوابيس، والأحلام المزعجة، والحزن، والهمّ، والتوتّر، والغضب، والسلوك العدواني اللفظي والجسمي، والعزلة، والعزوف عن ممارسة النشاطات الممتعة، والفتور، والتبلّد العاطفي، وعدم القدرة على التعبير عن مشاعر الحبّ بين الزوجين، الذي يؤدّي في بعض الأحيان إلى الطلاق، وغير ذلك. يستعمل اللفظ عموما مع مضمون أن أثر الخبرة أو التجربة باقٍ، وأنّه يعوق أداء الوظائف على نحو سوي ويتداخل مع أدائها.

«المعاناة الإنسانية هي بناء اجتماعي من حيث إنّها تنشأ نتيجة لنوع معيّن من التفاعل البشري، وليست موجودة فقط في ذهن الشخص الذي عانى الصدمة النفسية. أمّا الصدمة النفسية التي تنشأ من فعل من صنع الإنسان، وذلك خلافا لتلك التي تنشأ عن الكوارث الطبيعية، فهي صدمة يكون تقبّلها وتجاوزها أصعب. والتعذيب هو شكل من أشكال التفاعل البشري الذي يُمارس بنيّة التسبّب بالألم من أجل انتزاع إفادة زائفة تتّفق مع مطالب المعذِّب. وفي هذا الصدد فإنّ التعذيب يمثّل أيضا علاقة قوّة، فإذا اتّضح أنّ من يقوم بالتعذيب هو شخص كان متوقَّعا منه أن يوفّر الحماية، كفرد من أفراد العائلة أو السلطات التابعة لدولة الشخص نفسه، فإنّ مشاعر التعرّض للخيانة تُضاف إلى الإهانة والذلّ الناجمين عن موقف الضعف هذا» (نظريات العلاقات الدولية، تيموثي دن وآخرون).