معجم المصطلحات الكبير
صِحافة فَحاثِية
الإعلام والاتصال

هي الصحافة التي تنشر الجرائد والمجلاّت من دون ترخيص من أي جهة رسمية حكومية كانت أو دينية أو حتّى مؤسّسية، كما قد يشير المصطلح أيضا إلى الجرائد المُنتجَة بشكل سرّي في ظلّ الأنظمة القمعية، والتي غالبا ما تكون على ارتباط بالجماعات المقاومة للاحتلال، من أمثلتها «ساميزدات» samizdat و«بيبوا» bibuła اللتين عملتا في الاتحاد السوفيتي وبولندا خلال الحرب الباردة. ظهرت الصحافة الفَحاثِية على نطاق واسع في منتصف القرن السادس عشر الميلادي، وذلك بعد قرن من اختراع المطبعة، حيث تمّ التداول السرّي للعديد من الكتب والكتابات الكالفينية، التي طُبع العديد منها في جينيف. وفي عصر التنوير في فرنسا ظهرت موجة كبيرة غير قانونية من النشر الفَحاثِي شملت أعمالا مناهضة للسلطة الملكية ومناهضة للإباحية أيضا، وذلك في سياق تطلبت فيه جميع هذه الأعمال المنشورة ترخيصا رسميا من الدولة. وابتداء من منتصف القرن التاسع عشر الميلادي ظهرت صحافة فَحاثية في العديد من البلدان حول العالم لغرض توزيع منشورات الأحزاب السياسية الماركسية المحظورة. أمّا خلال الاحتلال الألماني النازي لأوروبا، فقد تم إنشاء مطابع سرية مدعومة من الحلفاء في العديد من الدول المحتلّة، على الرغم من أنه من المستحيل تقريبا بناء أي نوع من الحركة الصحافية الفَحاثية داخل ألمانيا نفسها.

كما نشطت المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي في إصدار العديد من الجرائد، وكانت تطبع أكثر من بَلْفَي نسخة شهريا، ومن بين الأسماء الرائدة في ذلك الوقت Combat, Libération, Défense de la France, Le Franc-Tireur وكانت جريدة «ليبيراسيون» أي التحرير قد ذكرت أنّها لسان حال رجال المقاومة الفرنسية، وتتولّى جريدة «فرانس دابور» Farnce-d’abord أي فرنسا أوّلا نقل أنباء الوطنيين وحركاتهم في فرنسا، وكان أهمّ ما تُعنى به هذه الجرائد هو إذاعة النشرات الحربية بانتظام، وتلخيص التقارير والأخبار العسكرية في دقّة تامّة. وكانت جريدة «لُفرانك تيرور» Le Franc-Tireur ومعناها مطلق النار أو الرامي بالرصاص، وهو اسم اقتبسته عن العصابات الفرنسية التي طردت الجيوش الألمانية في الحرب الفرنسية البروسية، فقد نشرت تحت اسمها «جريدة نصف شهرية إذا أمكن، وإذا سمحت كِياسة الشرطة وبيير لافال». وقد كانت في اليونان 13 جريدة سرّية تكوّن فيما بينها شبكة مطّردة الاتساع والانتشار، ولها مصادر موثوقة للأخبار، وكانت تنشر باستمرار عن الحركات في الميدان الروسي، وفي شمال إفريقيا وفي كلّ مكان. أمّا في بولندا فكانت الجرائد السرّية أكثر من 100 جريدة، ومع أنّ الإنصات إلى الإذاعات الأجنبية جريمة تعاقب عليها السلطات المحتلّة بالموت، فإنّ هذه الجرائد المحلّية كانت تنشر معظم الأخبار الحديثة التي تُذاع من الخارج، مع مقالات سياسية وبحوث تاريخية وطرائف فكاهية، كما تُعنى بنشر أسماء أعوان «الغستابو» السرّيين وأسماء الأشخاص الذين يتعاونون مع الألمان.

في تشيكوسلوفاكيا لعبت الصحافة السرّية دورا عظيم الأهمّية في الأيّام الأولى للاحتلال الألماني، قبيل اندلاع نار الحرب، حين أحسّ التشيكوسلوفاكيون أنّهم غدوا في معزل عن الأصدقاء بعد «اتّفاقية ميونيخ» وأنّ الميدان قد خلا للدعاية النازية، فكان للصحافة السرّية نصيب الأسد في مكافحة هذه الدعاية. وفي قطاع غزّة كانت جريدة «المقاومة» ذات الورقة الواحدة بصفحتيها (الفولسكاب) محاولة مبكرة لتأسيس صحافة سرّية ناجحة، لقد صدرت واتّسع توزيعها على الرغم من شراسة الصهاينة وملاحقات زبانيته، وظلّت تلك الجريدة هدفا ثمينا لأجهزة أمن الاحتلال، حتّى صمتت «المقاومة» مرةّ وإلى الأبد مع الضربة الأكبر للحزب الشيوعي ومراكزه السرّية أواخر عام 1972م. لقد ظلّت هذه الجريدة الشكل الأهمّ والأكثر انتظاما وثباتا في صحافة المقاومة السرّية لقطاع غزّة على مدى ثلاث سنوات متّصلة من الاحتلال الصهيوني 1967-1970م. وفي الجزائر ظهرت جريدة «الأمّة» باللغتين العربية والفرنسية التي أصدرها حزب الشعب الجزائري سنة 1930م في أوساط المهاجرين الجزائريين بفرنسا، وكانت توزّع سرّا في الجزائر، فقد كانت هذه الجريدة التي تظهر حينا وتختفي أحيانا أخرى من أولى الجرائد المنادية بالمقاومة والاستقلال.

مترادف

صِحافة سِرِّية

[مصطلح مرغوب عنه في معنى الصِّحافة الفَحَاثِية، فقد يكون هذا النوع من الصحافة علنيا أيضا حينما يرتبط ببعض المنظّمات التي تنشط من أجل بعض الحقوق المدنية أو الاجتماعية، مثل الجرائد التي تنتجها الحركات النسوية والتي تطالب فيها بالاعتراف بالإجهاض على أنّه حقّ من حقوق المرأة، أو الجرائد التي كانت توزّع خلال حرب الفيتنام، فقد كانت تُنشر بشكل علني ولكن من دون أن تسعى إلى طلب ترخيص بالصدور، أمّا الفحاثِية فهي مأخوذة بالترجمة للكلمة الكلزية underground والتي تقابلها في العربية الفَحاثة بمعنى جوف الأرض أو تحت الأرض، وهي مستعارة من قولهم: ملأ أَفْحاثَه أَي جَوْفَه، وأفحاث الأرض مسالكها الباطنية كالكهوف والمغاور العميقة وأنفاق المناجم ونحوها، أمّا سطح الأرض فيُسمّى الجَدالة، ويُقال في العربية: ضربه فوقع على الجدالة، والمقصود أنها صحافة مستقلّة تموّل نفسها بنفسها ومنبثقة من تحت]

لغة كلزية

underground press
clandestine press
لغة فرنسية

presse underground
underground press
مراجع

  • الصحافة والصحف. عبد الله حسين. وكالة الصحافة العربية.
  • الصحافة سيف ودرع. عبد القادر ياسين‎. مكتبة جزيرة الورد. 2012م. القاهرة، مصر.
  • https://en.wikipedia.org/wiki/Underground_press