معجم المصطلحات الكبير
تَبْرِير
النفسياء

ميفاق دِفاعي، تُقدَّم فيه أسباب معقولة لتسويغ سلوك غير مقبول أو فعل أو رأي، أو لتعليل قصور شخصي، فالتبرير عملية غير شعورية، يخدع بها الفرد نفسه والآخرين، وحيلة تدفع عن الذات الواعية ما يؤذيها، ويسبّب لها الألم أو الشعور بالفشل والذنب، لذلك فهو يعين على التخفيف من شدّة القلق. يختلف التبرير عن الكذب، الذي هو عملية شعورية يدرك الفرد في أثنائها أنّ ما يقدّمه من أسباب أو مبرّرات لسلوكه غير حقيقي، بينما التبرير عملية لا يكون الإنسان فيها مدركا لدوافعه الحقيقية، ولا يدرك أنّه يخدع نفسه، قبل خداع الآخرين، وذلك كي يبعد الأنا عن نفسه شعور التوتّر، أو مشاعر الذنب والامتهان، فالموظّف الذي يسرق أموال المؤسّسة، ويُضبط متلبسا بالسرقة، قد يقول: «لم أكن أنوي السرقة، لكنّني كنت أمرّ بظروف مالية صعبة ولم يكن لدي خيار آخر». هنا، يحاول الموظّف إقناع نفسه والآخرين بأن سلوكه كان اضطراريا وليس غير أخلاقي في جوهره. ومن الأمثلة المشهورة عن التبرير، قصّة «العِنب الحِصْرِم» و«الليمون الحلو» التي وردت على لسان ثعلب، حين حاول أن يصل إلى كرمة العنب، ولمّا لم يستطع، ذكر للآخرين وأقنع نفسه أنّ العنب حامض، وما يزال حصرما، أي أنّ ما لم يستطع الحصول عليه أو خسره ليس له قيمة كبيرة. أمّا «الليمون الحلو» فيشير إلى الظاهرة العكسية للعنب الحامض. والتفسير أنّنا نميل إلى التقليل من قيمة ما نفقده أو يتعذّر علينا الحصول عليه (العنب الحصرم)، ونميل إلى المبالغة في تقدير قيمة ما نحصل عليه وما نملكه (الليمون الحلو)، وتهدف كلّ هذه الحيل إلى حماية أنفسنا من مشاعر الذنب، والإبقاء على احترامنا لذواتنا ودفع الأذى والنقد عنها.

تعليق

يرى بعضهم أن كلمة تسويغ هي الكلمة الصحيحة لمعنى تبرير، فقد أنكر كلمة تبرير تصريحا وتلميحا وعدّها من المُحدث الذي لا وجود له في صريح اللغة، ويمكن تسويغ استعمالها لأنّ المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية في القاهرة قد ذكرها وإن كان قد عدّها أيضا من الكلمات المُحدثة.

التبرير والتحييد : التمييز بين المصطلحين.

• التبرير rationalization : ميفاق دفاعي غير شعوري يسعى فيه الفرد إلى تقديم أسباب منطقية أو مقبولة لسلوك غير مقبول، أو لتعليل قصور شخصي، من دون أن يكون مدركا لدوافعه الحقيقية. يهدف التبرير إلى تخفيف مشاعر التوتر، والقلق، والذنب، والحفاظ على الصورة الذاتية للفرد أمام نفسه والآخرين. على عكس الكذب، الذي يكون عملية شعورية يدرك فيها الفرد أنه يقدم معلومات غير صحيحة، فإن التبرير يتم من دون وعي كامل، حيث يخدع الشخص نفسه قبل أن يخدع الآخرين. مثال ذلك: الشخص الذي يشتري سيّارة غالية، فلكيلا يشعر بالغبن أو أنّه بذّر أمواله في غير طائل، يقول: «السيارة الغالية توفّر المال في النهاية».

• التحييد neutralization : يختلف عن التبرير، فهو عملية شعورية تُستعمل لاستباق الإدانة أو صرفها أو تخفيفها، بحيث يتخلّص الشخص من الشعور بالذنب قبل أن يرتكب الفعل أو بعده، أو يقلّل من خطورته في نظر الآخرين والمجتمع. بخلاف التبرير، الذي يحدث بعد الفعل لتخفيف تأنيب الضمير، فإنّ التحييد يُستعمل عادةً كميفاق لتبرير الفعل، حتّى يبدو مبرّرا ومقبولا للفرد. تشمل سَنافات التحييد: إنكار المسؤولية «لم أكن أنا من فعل ذلك، بل الظروف أجبرتني» أو «من منّا لا يغشّ»؛ إنكار الضرر «شركة التأمين ستتكفّل بالخسائر» أو «لقد بذلنا قصارى جهدنا، وهذه الأمور تحدث»؛ إلقاء اللوم على الضحية «هي من طلبت ذلك»؛ إدانة من يحكم على الفعل «من يحاسبني ليس أفضل مني».

مترادف

تسويغ

لغة كلزية

rationalization
لغة فرنسية

rationalisation
مراجع

  • معجم علم النفس والطب النفسي، الجزء السابع. إعداد الربيز: جابر عبد الحميد جابر، الربيز: علاء الدين كفافي. دار النهضة العربية، 1991م. القاهرة، مصر.
  • علم النفس الصناعي - جزء – 13. سلسلة علم النفس. كامل محمد محمد عويضة. دار الكتب العلمية، 1996م. بيروت، لبنان.

الثعلب والعنب الحصرم.