معجم المصطلحات الكبير
توازٍ لُغَوي
اللغة والأدب

يُعتبر التوازي اللغوي ظاهرة قويّة جدّا في الأدب، ويُعرّف بالميل إلى استعمال الأشكال المتشابهة معا في خطاب مستمرّ. بعبارة أخرى هو تكرار أي عنصر من عناصر المفردات أو تركيب نحوي معيّن في جمل متتالية لأغراض بلاغية. في علم اللغة، يعني التوازي اللغوي استعمال بِنية نحوية متوازية أو متشابه في النصّ. يمكن ممارسته على مستويات مختلفة، من الكلمة إلى مستوى الجملة. وهو شائع في العديد من اللغات حول العالم. يُعتبر التوازي جُهَيْزى device يشتمل عليها التنصيص مع الانزياح اللغوي، وهما يعملان معا لمهامّ وظيفية في النصّ، ويحسّنان قدرة النصّ على إنتاج المعنى، فالأدب الذي يوظّف اللغة غير العادية يكسّر رتابة التلقّي عند القارئ، حيث تُستبدل الآراء ووجهات النظر المألوفة برؤى وإحساسات جديدة ومفاجئة. وهذا يعني أن النصوص الشعرية (ومثلها النثرية) لا تُفهَم من حيث خصائصها اللغوية فحسب، بل وأيضا وبشكل أساسي من حيث وظيفتها، والتي تكمن في تأثيرها الجمالي. ويتوقّف هذا التأثير على حقيقة أنّ الانتباه ينجذب في المقام الأول إلى العلامة اللغوية نفسها، وليس إلى الاتصال خارج النصّ، كما هو الحال في وظائف اللغة اليومية. لذلك يسعى الشعراء إلى تنصيص مثالي وإبراز عناصر معيّنة، ومع ذلك، لا يمكن تحقيقه إلا فيما يتعلق بتضبيب عناصر أخرى، فاللغة في غير الأدب أي لغة الحياة اليومية تكون مُتَلْقنة (أتوماتيكية) في الأساليب والبِنى والمعاني، وتركّز على جانب التواصل، بينما تكون اللغة الأدبية على العكس تماما، فكلّما حضرت التلقنة في الكلام غاب التنصيص، وإذا كان هدف اللغة اليومية هو التواصل، فإنّه في الأدب هدف ثانوي، ويكون التركيز على بعثرة تلقنة الكلام وعلى اللغة والأسلوب، ففي اللغة الشعرية يحقّق التنصيص أعلى مستوى ممكن من القوّة، ويدفع الاتّصال إلى الخلف، ويكون التنصيص نفسه هدفا للتعبير، فهو يُستعمل لذاته وليس للتواصل.

ليحقّق التنصيص foregrounding هدفه يعتمد على جُهَيْزتين متميّزتين في عمليات قراءة النصّ ومعالجته وفهمه، هما: التوازي parallelism، والانزياح deviation، ويعتمد كلّ منهما على عنصر المفاجأة، فالانزياح كلّ مخالفة غير متوقّعة في النصّ، والتوازي كلّ انتظام غير متوقّع في النصّ، والذي يربطهما معا هو عنصر المفاجأة التي تحصل للمتلقّي، لذلك يُنظر إلى التوازي أحيانا على أنه شكل من أشكال الانزياح. يستعمل الانزياح التعبيرات الجديدة للمواقف القديمة، أو يستعمل كلمات مهجورة، أو التفارقات اللغوية، أو ربّما تراكيب لغوية غير ملتزمة بالقواعد المألوفة، أو إضافة أحرف جديدة على الكلمات، بينما يتشكّل التوازي بناءً على التكرار الكامل أو الجزئي، ومن الأمثلة النموذجية للتوازي: الطباق بأنواعه، والمقابلة، والجناس بأنواعه، والسجع، والترصيع، والتصريع، والتناسب، وردّ العجز على الصدر، واللفّ والنشر، إلخ. من النادر (وغالبا ما يكون ذلك عَرَضيا) أن نجد القافية في الكلام العفوي اليومي، وبهذا المعنى، يمكن وصف هذه الميزة بأنها «مُنزاحة» عن المعايير المعتادة للّغة. على الرغم من أنّ هذا صحيح من الناحية النظرية، فإنّ هذا الرأي مضلِّل أيضا، لأنّ وظيفته تختلف تمام الاختلاف عن الجانب الانزياحي كما فُسِّر آنفا. بل إنّه في واقع الأمر عكس ذلك تماما: إذ إنّ طابعه المتكرّر يسمح للقارئ بتوقّع ما هو آتٍ، وبالتالي يمارس تأثيرا مهدّئا بغياب عنصر المفاجأة.

لغة كلزية

linguistic parallelism
لغة فرنسية

parallélisme linguistique
مراجع

  • التفكير واللغة والتفاعل النفسي. الأستاذ الربيز: عبد الله بن محمد المفلح. مركز الكتاب الأكاديمي، 1439، 2018م. عمّان، الأردن.