الكتبيل، هو كلّ كتاب سماوي مُوحى به من الله جلّ وعزّ إلى أحد أنبيائه، كالقرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل الذي أُنزل على عيسى، وصحف إبراهيم، وزبور داود عليهم الصلاة والسلام، ويسمّيه أهل الكتاب: بالكتاب المقدّس، أي المطهّر، من قَدُس قُدْسا وقُدُسا أي طَهُر وتنزّه وتبارك، كما يُعرف أيضا بالكتاب السماوي، أي الذي جاء به جبريل عليه السلام من السماء، في مقابل الكتب الدينية التي يضعها البشر فمنشأها أرضي. الواجب على المسلم الإيمان بكل ما أنزله الله تعالى من الكتب على أنبيائه ورسله على وجه العموم، أما الإيمان بالكتب السماوية على وجه التفصيل، فلا يجب إلا بما أخبر به الله تعالى، والإجماع منعقد على وجوب الإيمان بأربعة كتب هي: التوراة والإنجيل والزبور والقرآن، وبصحف إبراهيم، وصحف موسى. من شروط صحّة الكتبيل، والتسليم به:
- 1- أن يكون النبي الذي يُنسب إليه الكتبيل قد ثبتت نبوّته وعلم صدقه يقينا بواسطة دلائل النبوّة المعروفة من معجزات وغيرها؛
- 2- أن يُذكر ذلك النبي صراحةً وبوضوح أنّ الله سبحانه وتعالى أوحى به إليه، ويثبت ذلك بالدليل التام، أو بالكتبيل نفسه إن كان معجزا؛
- 3- أن تكون نسبة الكتبيل إلى النبي، وصلت إلينا بالطريق القطعي، وذلك بأن يثبت أوّلا أنّه كتب بين يديه، وضُبط من قِبَله، ثمّ تلقّاه الأخلاف عن الأسلاف جيلا بعد جل؛
- 4- ألاّ يكون الكتبيل متناقضا أو مضطربا، يهدم بعضه بعضا.
يرى الفيلسوف اليهودي الهولندي باروخ سبينوزا (1632- 1677م) أنّ القاعدة العامّة التي يجب اعتمادها لتفسير السِّفْريل (الكتاب المقدّس)، هي ألاّ ننسب إليه أية تعاليم سوى تلك التي يثبت الفحص التاريخي بوضوح تامّ أنّه قال بها. ثمّ يحدِّد الأسئلة التي يجب طرحها قبل اتّخاذ القرار النهائي بمصداقية الكتبيل، وهي:
- 1- سيرة مؤلّف كلّ كتبيل وأخلاقه، والغاية التي يرمي إليها، ومن هو، وفي أي مناسبة كتب كتبيله، وفي أي وقت، ولمن، وبأي لغة كتبه؟؛
- 2- الظروف الخاصّة بكلّ كتبيل على حدة، كيف جُمع أوّلا، وما الأيدي التي تناولته، وكم نسخة معروفة مختلفة من النصّ، ومن الذين قرّروا إدراجه في السفريل؟؛
- 3- كيف جمعت كلّ الأسفار المقنّنة أي المعترف بها رسميا، وجعلتها الكنيسة قانونية في القرن الرابع الميلادي في مجموعة واحدة.
ويرى أنّه لا بدّ من قرار حاسم، بأنّ لا نُسلّم بشيء لا يخضع لهذا الفحص، ولا يُستخلص منه بوضوح تامّ على أنّه عقيدة مؤكّدة للأنبياء، وبعد أنّ ننتهي من فحص الكتاب على هذا الأساس، نعمد إلى دراسة فكر الأنبياء والروح القُدُس، لكي نصل إلى النتيجة المنطقية التي نصنّف على أساسها الكتبيل، فهو يجعل علمية البراهين التاريخية هي الأساس في تفسير السفريل وتصديق روايته.