يعرّف الكاتب الفرنسي إرنست رينان Ernest Renan الأمّة، بقوله: الأمّة هي التضامن والتماسك إلى حدّ استعداد الفرد للتضحية بما صنعه في الماضي، واستعداه للتضحية بأي شيء في المستقبل. فالأمّة وفقا لرينان ظاهرة اجتماعية تربط شعوبا برباط العاطفة، وتشجّع الفرد للتضحية من أجلها، ولها امتداد في الماضي وامتداد متلاني في المستقبل. يستعمل رجال السياسة كلمة الأمّة على اعتبارها ليست مترادفة للدولة، وقد تعني عندهم وجود سياسة إقليمية للدولة، ولكن في الاصطلاح الدولي يقصد بالأمّة أحيانا الدولة، بدليل ورودها في تسمية عصبة الأمم، والأمم المتّحدة. ولكن بعبارة بسيطة، الدولة عالم من السياسة المحلّية الذي يربط المواطنين، بينما الأمّة مفهوم ثقافي من التضامن والتماسك الذي يدلّ على اشتراك أفرادها في أمور عامّة فيما بينهم، كما أنّ الأمّة ليست مجتمعا يُعرَّف من خلال قوانينه كالنظام السياسي والتعليمي والحكومة والقانون إلى غير ذلك. إذا كانت الدولة مفهوما سياسيا، والمجتمع مفهوما اجتماعيا، فإنّ الأمّة تعبير ثقافي جماهيري. عند بندكت أندرسون Benedict Anderson، الأمّة تصوّر جماعي imaginary community، ويعني هذا أنّها ليست خيالا، فهي ليست أسلوبا أو أحاديث فقط بل تمتد إلى الأعمال اليومية، وهي مفهوم ذهنيائي يسعى إلى الانتشار، لذلك تختلف عن القومية والعصبية باعتبارهما مذهبا سياسيا قائما على أنّ للناس المقيمين في إقليم محدّد الحق في الانفصال الذاتي. الأمّة لا تتحقّق بالعرق إذا كان العرق يتعلّق باللغة اليومية والمشاكل العرقية والنسب، إلاّ أنّ الأمّة قد تكون بالعرق إذا كان العرق هو تسيس الثقافة politicisation of culture، حيث يصبح العرق مجموعات ترى نفسها ويراها غيرها أنّها تعيش في منطقة ذات ثقافة واحدة، لأنّ العرق هو وحدة اللغة ووحدة الأصل، فوحدة اللغة غير متوفّرة في سويسرا، ووحدة الأصل غير متوفّرة في الولايات المتّحدة.

في الواقع يمكن أن توجد الأمّة من دون القومية كما يقول إرنست جيلنر Ernest Gellner، القومية تصنع أمّة أكثر من أي شيء آخر، ويعني أنّ السياسة تصنع فكرة القومية أكثر من الأمّة التي تطالب بالسيطرة على إقليم أو حكم ذاتي. ربّما يتعلّق الفرق بين مفهومي القومية والأمّة بدرجة التطوّر الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي، حيث تعتبر الأمّة أكثر تقدّما بسبب إطارها أو كيانها السياسي، فالأمّة قومية تمتلك دولة. يمكن أن تتحدّد الأمّة بإقليم أو مقاطعة ويمكن أن تتحدّد من دونهما، فأمّة السود والأمّة الإسلامية أناس منتشرون في بلدان مختلفة، وفي الأصل كما لاحظ جوزيف لوبيرا  Joseph Llobera الأمّة مجتمع ثقافي ذو روابط سياسية، لقد وُضعت السمات الثقافية كاللغة المشتركة والدين والعرق وحتّى الظروف المادّية (الطبقات) باعتبارها احتمالات قائمة لتحديد سمات الأمّة الأساسية. أثبت يورغين هابرماس أن الحصول على هوّية الأمّة أمر ممكن، بل ومرغوب فيه، وهو ما أطلق عليه الوطنية الدستورية، حيث يمكن للمواطنين الشعور بالمجتمع لكونهم يتمتّعون بالمواطنة، ويخضعون لقيادة إقليم بعينه، بينما يثبت آخرون أنّه لا يمكن بناء أمّة من دون القليل من الثقافة، ومن وجود بعض السمات المشتركة حتّى لو بدت مصطنعة، ولهذا يوجد لدى مجتمعات المقاطعات الكثير ممّا يفصلها عن جيرانها، إلاّ أنّ هذه الفروق لا تدعوها بالضرورة إلى السعي نحو استقلال سياسي، فمثلا لدى مقاطعة بفاريا في ألمانيا وشيتلاند في اسكتلاندا أكثر من مادّة ثقافية مشتركة كافية لقيام حركة سياسية، إلاّ أن خيار التوحّد في كيان سياسي جديد غير مطروح على الأقل في الوقت الحاضر، إذن يمكن أن تنشأ أمّة على كثير من الأشياء المشتركة، لكن بشرط نسيان أشياء كثيرة غير مشتركة.

يعرّف بيتر ورسلي الأمّة على النحو التالي: الأمّة تتطوّر تاريخيا كجماعة مستقرّة ولها لغة وأرض وحياة اقتصادية وتكوّن نفسي يجد تعبيره في ثقافة مشتركة. هذا التعريف هو نفسه تعريف القبيلة: جماعة على أرض لها لغة واقتصاد وتكوّن نفسي وثقافة واحدة. فمفهوم الأمّة تطوّر من مفهوم القبيلة. كلمة nation في اللغات الغربية كانت تدلّ أوّل مرّة على القبيلة أو العشيرة إلاّ أنّ هذا المفهوم سقط اليوم من الاستعمال، بعد أن تطّور معناها إلى أمّة وقومية nationalism. معنى nation على قواعد الاستفان هو: «نادِيٌ» بالياء المنوّنة، والنادي العشيرة، الحرف «t» يتعاقب مع الدال، وفي القرآن الكريم، قوله تعالى: «فليدع ناديه». العلق، 17. أي فليدع قومه وعشيرته.