معجم المصطلحات الكبير
عَجاج
الإراضة

غبار أو رمل دُقاق تحمله الريح وتجفله. فهو عاصفة رملية أو غُبارية حسب الطبيعة الصخرية لسطح الأرض، يكثر العجاج في الفصول الانتقالية، الربيع والخريف، ويمكن أن يظهر في الشتاء والصيف، إنّ السبب الرئيس في تكوّنه، هو هبوب جبهة هوائية باردة، ترفع الهواء عَمَديا مع سرعة تتجاوز 7 قاس\ثان. يعمل الريح مثل المياه المتحركة حيث يلتقط الفتات الصخري الرهيش، وينقله من مكان إلى آخر، كما هو الحال في الوديان والأنهار، تزداد سرعة الريح مع الارتفاع عن سطح الأرض، يختلف نقل الرسابات بفعل الرياح عن نقلها بواسطة المياه الجارية، حيث تتميّز الريح بانخفاض كثافتها مقارنة بكثافة الماء، لذلك فهي لا تحمل إلاّ الموادّ الدقيقة وتعجز عن حمل المواد الغليظة، زيادة على أنّ الرياح لا تسلك في جريانها قنوات خاصّة بها كما هو الشأن في الجداول والأنهار، فيمكنها أن تنشر الرسابات في مناطق واسعة، وحتّى مرتفعة في السُكاك.

يتحرّك حُباب الرمل الذي تنقله الريح على سطح الأرض بعملية الوثب، حيث تبدأ حركته عندما تصل الرياح إلى سرعة تكفي للتغلّب على القصور الذاتي الكامن في هذا الحباب، وفي أثناء حركته يصطدم بعضه ببعض، وقد يقفز بعضه في الهواء، فيُحمل حينئذ إلى الأمام بواسطة الرياح، ثم لا يلبث أن يعود فيسقط على سطح الأرض مرّة أخرى، وعلى هذا النحو لا يبتعد حُباب الرمل أبدا عن السطح، وحتّى عندما تهبّ الرياح بقوّة، فإنّه قلّما يتجاوز ارتفاع الرمال الواثبة قاسا، ولا يزيد عن نصف قاس، أمّا الحباب الضخم فيصعب عليه الوثب في الهواء، إنّما يُدفع إلى الأمام بطاقة الريح وبطاقة تصادم الحباب الصغير، تشير التقديرات إلى أنّ ما بين 20 إلى 25% من الرمل المنقول بواسطة العواصف الرملية ينقل بهذه الطريقة.

خلافا للرمل، يمكن لأجزاء التراب أن تتناثر في السُّكاك بواسطة الريح، وأن تبقى محمولة في الجو لساعات أو أيّام، وأن تحمل إلى مسافات بعيدة، ويعود السبب في ذلك إلى أنّها تتكوّن غالبا من دُقاق مسطّح له مساحة واسعة مقارنة بوزنه. يُحمل الدقاق بواسطة الرياح ولكن ليس من السهل التقاطه بداية، والسبب في ذلك أنّ سرعة الريح تساوي صفرا، عندما تتواجد قريبة جدّا من سطح الأرض، ولذلك لا يمكن للريح أن ترفع الرسابات بذاتها، وبدلا من ذلك تتناثر أجزاء الغبار في الهواء المتحرّك ضمن حباب الرمل أو نتيجة اضطرابات أخرى، حيث تبدأ غيمة سميكة من الغبار في التشكّل والارتفاع. على الرغم من أنّ الحمل المعلّق في الريح يتركّف على مقربة من مصدره نسبيا، إلاّ أنّ الرياح القوية تقدر على حمل كمّيات كبيرة من الغبار ولمسافات طويلة. ويظلّ أهمّ أسباب العجاج وصول سرعة الريح إلى أكثر من 7 قاس/ثان، مع وجود تربة جافّة ومفكّكة، واضمحلال الغطاء النباتي، والجفاف.

 

770.jpg

 

خريطة تبيّن حركة العجاج نحو المحيط، وتقدّر الرُّسابات الحتاتية ذات الأصل القارّي التي تُلقي بها الرياح والسيول وغيرها في المحيطات بنحو 20 جَلْف طن كلّ عام، يضاف إليها بقايا الطحالب الكلسية، وقواقع الحيوانات، وبقايا الهياكل العظمية.

 

تهب الرياح الرملية والترابية الصحراوية الأكثر تواترا ووفرة والتي تُرى بالمناشيص من إفريقيا باتجاه المحيط الأطلسي، محمّلة بكمّيات هائلة من الرمال والغبار إلى البحر. في الكثير الغالب ما تتساقط الرمال بالقرب من الساحل، ولكن يمكن أن تصل بسهولة إلى جزر الكناري، حيث تسمى مثل هذه الرياح المحمّلة بالرمال والغبار كاليما calima. يذهب الغبار الدقيق جدّا إلى أبعد من ذلك، ويصل إلى جزر الهند الغربية وخليج المكسيك. لرياح الغبار هذه عواقب بيئية مختلفة. عندما يسقط الغبار على سواحل البحر الكاريبي والمكسيك، فإنه يضرّ بنمو الشعاب المرجانية. من ناحية أخرى، فإن الغبار المتساقط في وسط المحيط يجلب معه الحديد إلى طبقة المحيط السطحية. ومع ذلك، فإن نقص الحديد هو عامل يحدّ من نمو العوالق النباتية. مثل هذه الرياح الترابية تُعدّ سمادا رئيسيا للمحيطات.

تشير الدراسات أنّ كلّ أنواع المنخفضات الجوّية يمكن أن يصاحبها عجاج، كما وجدت عواصف ترابية مصاحبة لحركة المرتفعات الجوّية، ولو أنّها نادرة الحدوث. يتفاوت طول فترة العجاج بين يوم إلى ستّة أيّام. العجاج المرافق للمرتفع الجوي يكون قصير المدى نسبيا، بينما المصاحب للمنخفض الجوي يكون عميقا وبطيء الحركة ويستمرّ لفترة أطول. يقطع العجاج مسافات طويلة إذا توافرت الظروف من حيث استمرار سرعة الريح المطلوبة، وقد رصدت المَناشيص (الأقمار الاصطناعية) عجاجا فوق المحيط الأطلسي مصدره الصحراء الكبرى، كما أنّ العجاج قد يعبر الخليج العربي إلى إيران، ويمكن أن يصل إلى أفغانستان. تتميّز المنطقة العربية بهبوب الرياح الشديدة، التي تستمر في كثير من الحالات لعدّة أيّام، وتكون محمّلة بالغبار أو دقاق الرمل، وتقتلع الأشجار وتقوّض الخيام، ويطلق على هذه الرياح المحلّية أسماء عديدة، تبعا للمناطق الإراضية، فالتي تهبّ من صحارى الهلال الخصيب ذات الضغط المرتفع في أيّام الشتاء وهي رياح صحراوية جافّة وباردة، يُطلق عليها اسم الرياح الشرقية، وتكون باتّجاه المنخفضات الجوّية المتمركزة فوق البحر المتوسّط، والتي تهبّ في الصيف تكون حارّة وجافّة، وتسمّى في السعودية برياح السموم، وفي مصر رياح الخمّاسين، وفي ليبيا رياح القبلي، والجزائر والرباط رياح السيروكو، ورياح الشَّهِيلي في بعض مناطق شرق الجزائر، ويستعمل سكّان ساحل الكويت وفي بغداد كلمة الطُّوز، ويُقال لها «رياح الطوز»، بإمالة الواو، أمّا في لهجات البدو في الكويت فيقابلها «العَفْر».

يشكّل العجاج خطرا كبيرا على المنطقة العربية، وله آثار اقتصادية واسعة على المدى القريب والبعيد، وقد أشارت بعض الدراسات (UN JAPU, 2011) أن زيادة هبوب العجاج من شأنه أن يؤدّي إلى خسائر تقدّر بنحو 12,7 جَلْف دولار أمريكي سنويا في الناتج المحلّي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحدها، مع مراعاة أنّ العراق وإيران والكويت والمملكة العربية السعودية وسوريا والأردن وتركيا باعتبارها إقليما فرعيا في المنطقة متضرّرة بالعجاج أكثر من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبالتالي قد يكون مقدار خسائر الناتج المحلّي الإجمالي السنوية فيها أكبر بكثير. ومن أمثلة ذلك العَجاج الرملي الذي اجتاح شمال مصر عام 1997م بسرعة بلغت 90 إقاس في الساعة، والذي خلّف 12 قتيلا، و50 جريحا، ودمّر المباني واقتلع الأشجار وقوّض الرفائف الإشهارية، وحطّم السيّارات، وعطّل الملاحة الجوّية. أمّا في الكويت، فلا يكاد يمرّ شهر من دون أن يهبّ عليها العجاج الذي يؤدّي إلى خسائر فادحة في تصدير النفط، ففي صباح يوم 15 أفريل من عام 1977م، تعرضت مدينة الكويت لعجاجة شديدة، هبط فيها مدى الرؤية إلى الصفر لساعات طويلة من ذلك اليوم. كما أنّ للعجاج آثارا سلبية على العاملين في المنشآت النفطية وعلى سير العمليات العسكرية في المناطق الصحراوية، حيث يقلّل من مدى الرؤية، ويحدّ من القدرة على العمل، وعلى المهام القتالية، وقد تعمل الرمال الدقيقة التي تذروها الرياح على تعطيل أجهزة الاتصالات والمعدَّات والأسلحة المستعملة في الميدان الصحراوي. ويعمل أيضا على تدهور البيئة، واضمحلال الغطاء النباتي والمزروعات، وردم الطرق جزئيا أو كلّيا في بعض المناطق.

العواصف الرملية والعواصف الترابية ليست سمة خاصّة بالأرض، بل العجاج موجود وبكثرة على المريخ أيضا، يشهد هذا الكوكب هبوب عواصف عجاجية من وقت إلى آخر، لا سيّما عندما يصل الكوكب نقطة الحضيض، أي في أقرب نقطة له من الشمس، حيث تصل سرعة الرياح نحو 100 قاس في الثانية، وتؤدّي هذه السرعة الكبيرة للرياح إلى ثوران الغبار من السطح وانتقاله إلى السُّكاك، ويظلّ معلّقا في الجو لعدّة أسابيع، تختفي من جرّائه معالم سطح المرّيخ، وتشير الإحصائيات أنّه يمكن أن تنشأ 100 عجاجة رملية خلال العام المرّيخي الواحد، وقد وصلت سرعة الريح على سطح المريخ والتي سجّلتها مركبة فايكنغ-1 زهاء 20 إقاس في الساعة. هناك نوعان من العجاج على المريخ. عجاج محلّي، وآخر كوكبي، يغطّي كوكب المريخ بأكمله لمدة شهر على الأقل. تنشأ هذه العواصف الشاملة كل ربيع تقريبا في النصكرة الجنوبية، عندما يتصاعد الجليد السُّخامي للقلسة الجنوبية.

تعليق

العَجَاج في اللغة، الغبار إذا ثوّرته الريح، وتشيع هذه الكلمة في العراق، وفي الجزائر يُقال له العَجّاج بتشديد الجيم الأولى. العجاج كالسَّحاب زِنة، واحدته عَجاجة كسحابة، جمعها في القلّة عجاجات كسحابات. تطلق كلمة العجاج، على الريح المحمّلة بالرمل، وعلى الريح المحمّلة بالغبار أيضا، إنّما يفرّق بينهما بنسبة الرمل إليه أو التراب، فيُقال العجاج الرملي sand storm، والعجاج الغباري dust storm، أمّا الريح المحمّلة بالثلج، فتُسمّى بالنَّوْجة snow storm، والتي تعمل على جعل الثلوج في شكل طبقات تُسمّى بالرُّكاف الثلجي. الجمع نَوْج، كموج جمع موجة.

في الثلاثينيات الميلادية من القرن الماضي، شهدت سهول الحبوب في وسط الولايات المتّحدة وجنوبها ظاهرة مناخية تُعرف في الكلزية باسم «جَفْنة الغُبار» dust bowl، وفي العربية باسم التعجّج أو ظاهرة العَجَاج. بعد الإساءة في استعمال الأرض من خلال الزراعة المكثّفة، والعدد المضاعف في تربية المواشي، وإلغاء نظام الإراحة، تعرّت الأرض في بعض الأماكن، وتراجعت نسبة التبخّر، وبالتالي معدّل الأمطار. هبّت رياح عاتية اقتلعت التربة الجافّة، وعرّت الصخور وظهرت الإيدامة وهي صخر الأديم، فلم يعد بإمكان الإنسان الزراعة من جديد. يذكر «دون شتاينبيك» في روايته التي تحمل عُلوان «عناقيد الغضب» The Grapes of Wrath، في عام 1939م تفاصيل النزوح الذي نتج عن هذه الظاهرة المناخية.

مترادف

عاصِفة رَمْلِية

عاصِفة تُرابية

لغة كلزية

dust storm
sand storm
لغة فرنسية

tempête de poussière
tempête de sable
مراجع

  • الأرض: مقدّمة للجيولوجيا الطبيعية. تأليف: ادوارد جي. تاربوك، وفريدريك ك. لوتجنز، ترجمة الربيز: عمر سليمان حمودة، الربيز: البهلول علي اليعقوبي، الربيز: مصطفى جمعة سالم. منشورات مجمع الفاتح للجامعات، 1989م، ليبيا.
  • المناخ والأقاليم المناخية. الربيز: قصي السامرائي‎. دار اليازوري للنشر والتوزيع‎، 2007م. عمّان، الأردن.
  • الجغرافيا البولويتيكية. ضياء عبد المحسن محمد. دار غيداء للنشر والتوزيع، 2015م، عمّان، الأردن.
  • مقدّمة في علم الفلك الحديث. الفلكي: عماد عبد العزيز مجاهد. دار الخليج للنشر والتوزيع، 2017م. عمّان، الأردن.
  • أطلس المخاطر الطبيعية في المنطقة العربية: أداة لتعزيز قدرة النظم الاجتماعية الإيكولوجية على الصمود والتكيّف. منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم الثقافة (اليونسكو)، 2021م. مكتب اليونسكو في القاهرة، مصر.
  • planet-terre.ens-lyon.fr/ressource/Img702-2021-02-22.xml

رجل في العجاج في شارع من شوارع دبي، 2 أفريل 2015م. تصوير: أحمد جاد الله، رويترز. مصدر الصورة: avaxnews

الجندي براندون فوريس Brandon Voris عمره 19 عاما، من لبنان، أوهايو، من الكتيبة الأولى، في سرية مارينز ألفا، يقف في معسكره بينما يضرب العجاج موقعه النائي بالقرب من كونجاك في ولاية: هلمند، جنوب أفغانستان، 28 أكتوبر 2010م. تصوير: Finbarr O'Reilly، رويترز. مصدر الصورة: avaxnews

طفلان يغرقان في العجاج بينما قافلة من الكَرَوات (سيارات الأجرة) المرافقة تقل مسلمين فارّين من العنف الطائفي تصل إلى مخيم مؤقت للنازحين في مطار بانغي، جمهورية إفريقيا الوسطى، 30 جانفي 2014. تصوير: Siegfried Modola، رويترز. مصدر الصورة: avaxnews

عجاجة ضخمة توشك أن تغطي معسكرا للجيش الأمريكي في العراق، 27 أفريل 2005م (تصوير: الجندية Alicia M. Garcia، مشاة البحرية الأمريكية، رويترز، وزارة الدفاع الأمريكية.

عجاج يجتاح العاصمة بيروت، لبنان، الثلاثاء 8 سبتمبر 2015م. ضرب العجاج غير الموسمي لبنان وسوريا، فقلّص الرؤية، وأرسل العشرات إلى المستشفيات الذين عانوا من الصعوبة في التنفس بسبب الغبار الناعم. (تصوير: حسين ملا، AP Photo. مصدر الصورة: avaxnews

عجاج يعبر البحر الأحمر إلى مصر من السعودية، 13 ماي 2005م. مصدر الصورة: ويكيبيديا.

طبقة رقيقة من عجاج الصحراء الجزائرية، بين رُكاف الثلج في فرنسا، في شهر فيفري، سنة 2021م. تصوير: Frédéric Labaune

صورة مِنشاصية (NASA MODIS) اُلتقطت في 26 فبراير 2000م، تظهر العجاج الذي يهب من الصحراء الغربية وموريطانيا، ويتجاوز جزر الكناري ويصل إلى جزر الأزور.

على اليسار، صورة للمريخ في حالته العادية، 26 يونيو 2001م. على اليمين، كوكب المريخ في ربيع النصكرة الجنوبية، 4 سبتمبر 2001م. لقد غزا العجاجُ السكاكَ كلَّه وحجب سطح الكوكب بالكامل تقريبا. مصدر الصورة: NASA, James Bell (Cornell Univ.), Michael Wolff (Space Science Inst.), and The Hubble Heritage Team (STScI/AURA).