معجم المصطلحات الكبير
كارِثة
البيئة

يدلّ مصطلح الكارثة على موقف ناتج عن تحقّق مَغَرّة risk واحدة أو عدد من المغرّات، يسود فيه بشكل عام: (1) تعطّل الأداء الطبيعي للمجموعة السكّانية المتضرّرة منها أو المجتمع بشكل كبير؛ (2) نجوم خسائر بشرية أو مادّية أو اقتصادية أو بيئية كبيرة؛ (3) المَحاط المعني بالكارثة غير قادر، بالموارد المتاحة له والقدرات، على مواجهة الظروف والعواقب المترتّبة عنها. تنتج الكارثة عن بروز مَغرّة (أو في بعض الأحيان أكثر من مغرّة واحدة) في إقليم توجد فيه عناصر ذات قيمة معرّضة لكارثة. ولمّا كانت المغرّة هي عواقب ضارّة محتملة وغير مؤكّدة لحدث ما على شيء ذي قيمة، تصبح الكارثة حينئذٍ تجسيدا أو تحقيقا للمغرّة. هناك تعريفات كثيرة للكارثة، منها: «حدث مفاجئ بفعل الطبيعة، يهدّد المصالح الوطنية للبلاد، ويخلّ بالتوازن الطبيعي للأمور، وتشارك في مواجهته أجهزة الدولة المختلفة كافّة. تكون الإصابات أو التدمير شاملا للممتلكات، والتي تتجاوز في مواجهتها الإمكانيات والجهود العادية لخدمات الدفاع المدني والشرطة والإسعاف، الأمر الذي يتطلّب معونات خارجية» المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، مصر. «حدث طبيعي أو من صنع الإنسان، مفاجئ أو متوقّع يؤثّر بشكل كبير على مجريات الحياة الطبيعية، ويخلّف عددا من الوفيات والإصابات، ممّا يترتّب على المجتمعات أن تتّخذ إجراءات استثنائية لمجابهتها بقدراتها الذاتية أو بمساعدة خارجية» (زياد القطارنة). تعرّف الكارثة أيضا بأنّها: «اضطراب مأساوي مفاجئ في حياة مجتمع ما. يقع بمُنذِرات بسيطة أو من دونها، يهدّد أو يتسبّب بإصابات خطيرة أو موت أو تشريد أعداد كبيرة من أفراد هذا المجتمع، تفوق قدر وإمكانيات أجهزة الطوارئ المتخصّصة والسلطات المحلّية، للتعامل معها في الحالات العادية، ومن ثمّ تتطلّب تحريك وحدات مماثلة لها من أماكن أخرى لمساعدتها في مواجهة الكارثة والسيطرة عليها». تعرّف كذلك على أنّها «ارتباك خطير في أداء المجتمع المحلّي أو المجتمع يسبّب خسائر بشرية ومادّية واقتصادية أو بيئية على نطاق واسع»، وهي «الحدث يسبّب ضررا جسيما للأشخاص أو أضرارا جسيمة للممتلكات، ويتطلب تدابير مناسبة وغير عادية من جانب المجتمع لدفع تلك الأضرار أو التقليل من آثارها قدر الإمكان».

تصنّف الكوارث على معيار سرعة وقوعها، حيث نجد الكوارث السريعة الحدوث، مثل: الزلازل، والبراكين، والمواجِل (السُّنامي)، والأعاصير؛ وكوارث بطيئة الحدوث، مثل: الجفاف، والتصحّر. كما تصنّف أيضا على معيار مصدرها، حيث نجد الكوارث البشرية، والتي تكون من صنع الإنسان كالحروب، والحرائق العمدية، والاضطرابات السياسية، والحوادث الصناعية. ثمّ الكوارث الطبيعية natural disasters التي لا دخل للإنسان في حدوثها، والتي تقسّم إلى كوارث أرضية، وكوارث خارِضية، فالكوارث الأرضية هي تلك التي تحدث في الأرض، بسبب عوامل ناشئة في الكُراضة، كالزلازل ونحوها، ثمّ الكوارث الخارضية، التي هي كوارث طبيعية إلاّ أنّ منشأها يكون خارج الأرض، مثل: سقوط الزجال. وهناك الكوارث المركّبة التي تنشأ من تفاعل سبب بشري مع آخر طبيعي.

1- الكوارث البشرية man-made disasters, anthropogenic hazards : هي التي تكون من صنع الإنسان، فيتسبّب فيها عمدا أو سهوا، أو نتيجة الإهمال والتراخي، وهذا الصنف من الكوارث يمكن تجنّبه إذا تمّ التحكّم في أسباب وقوعه، من الكوارث البشرية الحروب؛ العمليات الإرهابية التي تؤدّي إلى ترويع السكّان، وتهجيرهم، وقتلهم، وزرع المتفجّرات؛ ومثل ذلك أيضا سقوط الطائرات، غرق السفن، انحراف القُطُرات؛ حوادث الإشعاع. حرائق المصانع؛ الانفجارات أو تسرب الأمهجة السامّة أو المواد الكيميائية؛ التلوّث؛ نواتج التعدين السامّة والملوّثة، الانهيارات الهيكلية المتعلّقة بالتعدين؛ حوادث النقل؛ انهيار السدود، أو نحوها. أشدّ هذا الصنف من الكوارث فتكا بالإنسان هو الحروب وما تسبّبه من ويلات وكروب؛ فثمانية عشر بَلْف شخص لقوا حتفهم في حرب أممية مدمّرة، ثم لقي أكثر من ستّين بلف حتفهم في حرب أممية ثانية، ثم بعد ذلك بعدة سنوات؛ لقي ثلاثة وعشرون بلف إنسان حتفهم في مئة وثمان وثلاثين حربا في الفترة ما بين عامي 1945 و1989، ولا يزال إزهاق الأرواح الإنسانية في ازدياد.

2- الكوارث الطبيعية الأرضية terrestrial natural disasters : هي تلك التي تتحكّم فيها الطبيعة وليس للإنسان دخل في صنعها أو وقوعها، وقد يتسبّب الإهمال من جهة الإنسان في تفاقم ضررها، وزيادة خسائرها. الكوارث الطبيعية، ما هي إلاّ ظواهر طبيعية عادية في صورة شديدة الوطأة، فالأمطار التي تغذّي الأنهار وتوفّر لنا مياه الشرب التي نحتاج إليها لبقائنا على قيد الحياة، هي نفسها التي تدمّر مساحات شاسعة من الكوكب عن طريق الفيضانات، والتي بلغت معدّلات هائلة في السنوات الأخيرة، والثلوج التي تغذّي الخزّانات الجوفية والتي نستمتع بها، هي التي تسبب دمارا حين تتحوّل إلى تيهور يجرف كلّ شيء يأتي في طريقه، النسيم العليل الذي يحرّك أغصان الأشجار ويلطّف الجو ويحرّك الزوارق بخفّة على سطح الأمواج، هو نفسه الذي يتحوّل إلى عاصفة عاتية تدمّر كلّ شيء تمرّ عليه فتجعله كالرميم. تعطي الأرض وسُكاكُها انطباعا بأنّهما مستقرّان وآمنان، غير أنّ الواقع خلاف ذلك، حيث تتعرّض الكراضة لنحو 1400 زلزال يوميا، وثورة بركانية واحدة أسبوعيا، وتتعرّض المناطق السايَوية (الاستوائية) إلى ما يصل إلى 40 زوبعة وإعصارا سايويا، وإعصارا حلزونيا، بينما تحدث الفيضانات والانهيارات الأرضية والطينية في كلّ مكان بأعداد تفوق الحصر. من الأمثلة عن الكوارث الطبيعية: الفياضانات، الأعاصير، الزلازل، الثورات البركانية، المواجِل (السُّناميات)، التياهير. الدفوق الطينية. حرائق الغابات؛ الصواعق؛ تفشي الحشرات على نطاق واسع، الجفاف. وممّا لا شكّ فيه أنّ الفيضانات هي أشدّ المخاطر الطبيعية فتكا، وذلك من حيث عدد المتضرّرين الذي يبلغ 100 بَلْف شخص في كلّ سنة على أقلّ تقدير، وهو وضع من المرجّح أن يستمر في ضوء المؤشّرات المستقبلية بارتفاع مستوى السَّطْحَر (سطح البحر)، وازدياد هطول الأمطار مع ازدياد الاحترار العالمي.

3- الكوارث الخارِضِية extraterrestrial disasters : هي الكوارث التي تأتي من خارج الأرض، فالسماء ترسل على فترات دورية كتلا من الصخور، وقطع من كواكب صغيرة، وزُجال، تترك آثارا على شكل ندوب تبقى شاهدة على ما حدث. هناك من العلماء من يقترح أنّ انقراض البهانِس (الديناصورات) في الزمن الحتاكي القديم كان سببه كارثة خارضية على شكل سقوط قطعة صخرية كبيرة اصطدمت بالأرض وأحدثت تحوّلا بيئيا كبيرا تسبّب في انقراض الكثير من الأنواع الحيوانية والنباتية، إنّ احتمال سقوط الكُسُف meteorites من السماء ما زال قائما، وقد تكون من الضخامة ما يكفي لتدمير منطقة واسعة تشمل منشآت للطاقة النووية. من بين الظواهر الخارضية التي يمكن أن تسبّب ظروفا كارثية على الأرض: الانفجارات النجمية stellar explosions، الغبار البَنْجَمي interstellar dust، خطر الزجال meteors as hazards، الخطر من المذنّبات hazards from comets، المحادث النووية في الفضاء nuclear accidents in space، الاصطدام مع المادة البنجمية collision with interstellar matter، توسع الشمس الكارثي catastrophic expansion of the sun.

4- الكوارث المركّبة complex disasters : هي التي تنشأ بسبب طبيعي، ثمّ يأتي تدخّل الإنسان بعد ذلك ليفاقم من الوضع الكارثي، أو تكون من فعل الإنسان أوّلا ثمّ تقوم الطبيعة بتطوير الوضع ليصبح كارثة مركّبة. والواقع أنّ هذا الصنف من الكوارث لا يعود إلى سبب جذري واحد، وهو أكثر شيوعا في البلدان النامية. قد تؤدّي كارثة معينة إلى حدوث كارثة ثانوية تزيد من تأزّم الوضع، ويغرق الناس في العجز والمعاناة. تتفاقم عادة بسبب فقدان الحماية، والمأوى، والملبس، والغذاء، والرعاية الطبّية. المثال الشائع هو الزلزال الذي يسبب مَوْجَلا، يؤدّي إلى فيضانات ساحلية، فتتسبّب في تلف محطّة للطاقة النووية، مثل: كارثة فوكوشيما النووية. يفرّق بعض الباحثين بين الكوارث المتكررة، مثل الفيضانات الموسمية، وتلك التي تعتبر غير متوقعة، كما نسبت بعض الكوارث التي هي من صنع الإنسان خطأً إلى الطبيعة، مثل الضَّبَخان، والأمطار الحمضية.

تعليق

الفرق بين الأزمة والكارثة، أنّ الأولى، هي سيرورة الأحداث المُهدِّدة نحو موقف ينذر بتغيّر عميق إلى الأسوأ في حال لم تتغيّر الظروف لتنفرج الأزمة، بينما تشير الكارثة إلى تجسّد المغرّة على شيء ذي قيمة، نجد في المغرّة احتمال وقوع الضرر، وفي المَخْطر وجوب وقوع الضرر، على سبيل المثال: السيّارة التي تسلك طريقا جبليا تتعرّض لمخطر السقوط من جرف، ولمغرّة انهيار الأتربة والحجارة من قمّة الجبل، ففي حال سقوط السيارة من الجرف، فإنّ الضرر سيتحقّق بالضرورة، إلاّ أنّ الضرر من سقوط الحجارة على الطريق فمن قبيل الاحتمال وليس بالضرورة أن يتحقّق، فقد تسقط الحجارة قبل مرور السيارة أو بعد مرورها، أو تسقط بعيدا عنها إذا توافق السقوط مع المرور، أو تمرّ السيّارة بسلام من دون أن يسقط أي حجر. المغرّة risque حدث غير مؤكّد من حيث وقوعه أو من حيث زمن وقوعه. المخطر danger، مصطلح عام يعبّر عن موقف أو مجموعة من الظروف التي تُهدِّد بشكل مباشر أو غير مباشر، وبدرجة كبيرة من الخطورة أو بدرجة قليلة، سلامة الأشخاص وأو الممتلكات.

يُستعمَل في الفقه الإسلامي مصطلح الجائحة مترادفا للكارثة، فهي كلّ آفة ليست من صنع الإنسان تصيب المال فتهلكه، كالبرد، والجفاف، والريح، والجراد، ونحوها، وهي مأخوذة من الجوح وهو الإهلاك والاستئصال، ويعرّفها المالكية بأنّها: ما لا يُستطاع دفعه، ولو عُلم به، كسماوي وجيش. قال ابن القاسم، أي: كلّ ما أصاب الثمرة من الجراد، والريح، والنار، والغرق، والبرد، والطير الغالب، والدود، وعفن الثمرة في الشجرة، والسموم، وكذلك الجيش يمرّ بالنخل فيأخذ ثمرته، فذلك جائحة. أمّا الكارثة في اللغة فالنازلة العظيمة والشدّة، يقال: كرثته الكوارث أقلقته. يقال: كرَثَه الأمرُ يَكْرِثُه ويَكْرُثُه كَرْثاً، وأَكْرَثه: ساء واشتدّ عليه، وبلغ منه المشقّة. ويقال: ما أَكْتَرِثُ له أي ما أبالي به.

لغة كلزية

disaster
لغة فرنسية

catastrophe
sinistre
désastre
cataclysme
calamité
مراجع

  • مقدمة قصيرة جدّا: الكوارث العالمية. بيل ماجواير. ترجمة: أشرف عامر. مؤسّسة هنداوي، 2014م. القاهرة، مصر.
  • الوسائل الواقية من الإفلاس في الفقه الاسلامي والقانوني. الربيز: فضل بن يسلم صنبور اليماني. دار البشير للثقافة والعلوم، 2021م. القاهرة، مصر.
  • مفاهيم، الأسس العلمية للمعرفة، إدارة الكوارث. إعداد: أسماء الرجال، حسبن علي. المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، 2013م. مصر.

سفينة ركاب كورية جنوبية تغرق ورجال الشرطة البحرية يبحثون عن ركاب في البحر قبالة جزيرة جيندو في 16 أبريل 2014. تصوير: Hyung Min-woo/Reuters/Yonhap. مصدر الصورة: avax.news

أسِرّة متهالكة في مدرسة تمهيدية مهجورة في بلدة بريبيات في 25 يناير 2006 في تشيرنوبيل، أوكرانيا. لن تكون بريبيات والمنطقة المحيطة بها آمنة للسكن البشري لعدة قرون. ويقدر العلماء أن أخطر العناصر المشعة تستغرق ما يقرب من 900 سنة لتتحلل بدرجة كافية لجعل المنطقة آمنة. تصوير: Daniel Berehulak/Getty Images. المصدر: avax.news

القصر الرئاسي في هايتي، تعرض لأضرار بالغة بعد الزلزال الذي ضرب بورت أو برنس، 13 يناير 2010. تصوير: Eduardo Munoz/Reuters. مصدر الصورة: avax.news

جثة أحد الضحايا تحت الأنقاض بعد أن ضرب زلزال كاتماندو، نيبال في 25 أبريل 2015. تصوير: Navesh Chitrakar/Reuters. مصدر الصورة: avax.news

موجة تقترب من مدينة مياكو من مصب نهر هيغاوا في محافظة إيواتي، اليابان، بعد أن ضرب المنطقة الزلزال بلغت قوته 8.9 درجة في 11 مارس/آذار 2011. تصوير: Mainichi Shimbun/Reuters. مصدر الصورة: avax.news

أطفال يجلسون على سرير في منزل غمرته المياه بعد هطول أمطار غزيرة في قرية بمحافظة الحديدة اليمنية على البحر الأحمر، 15 أبريل 2016. تصوير: عبد الجبار زياد/ رويترز. مصدر الصورة: avax.news

فيضان في وسط مدينة بانكوك. مصدر الصورة: avax.news

نيران تلتهم غابة في القدس، مقاطعة ليك، كاليفورنيا، 12 أغسطس، 2015. تصوير: Robert Galbraith/Reuters. مصدر الصورة: avax.news

أحد السكان يراقب النار المشتعلة عند مدخل ممتلكاته على طول طريق مورغان فالي في مقاطعة ليك، كاليفورنيا، 12 أغسطس 2015. مصدر الصورة: avax.news

جبل سينابونغ ينفث دخان الحمم البركانية، كما شوهد من قرية تيغا بانكور في 13 أكتوبر 2014 في بيراستاجي، منطقة كارو، شمال سومطرة، إندونيسيا. تصوير: Ulet Ifansasti/Getty Images. مصدر الصورة: avax.news

أعلن الصومال الجفاف كارثة وطنية في إطار ما تصفه الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية منذ تأسيس المنظمة العالمية عام 1945. راعية مع ماعزها في منطقة صحراوية نائية بالقرب من بندر بيلا في ولاية شمالية شرقية، 8 مارس، 2017. تصوير: Ben Curtis/AP Photo. مصدر الصورة: avax.news