معجم المصطلحات الكبير
فجْوة رقْمِية
الإعلام والاتصال

درجة التفاوت بين المجتمع الذي يملك المعرفة والقدرة على الوصول إلى المحتوى الرقمي في شبكات الاتصال والاستفادة من الصنعات الرقمية وتطبيقاتها وخدماتها وبين المجتمع الذي لا يستطيع أن يحقّق ذلك لأسباب اقتصادية ومعرفية واجتماعية وسياسية. فالفجوة الرقمية هي درجة التفاوت في مجال امتلاك وسائل الاتصال وصنعياء المعلومات، والمعرفة باستعمالها أو إنتاجها من مجتمع إلى آخر، ومن بلد إلى بلد، أو من تكتّل إلى تكتّل، أو بين مناطق البلد الواحد، وهذا يعني أنّ المزايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي يوفّرها الاتصال الرقمي تُوزّع بطرائق لا تتّسم بالمساواة البتّة. على الرغم من أنّ مفهوم الفجوة الرقمية نتج في الأساس من عوامل اقتصادية واجتماعية وارتكز على القدرة على النفاذ إلى مصادر المعلومات وامتلاك الوسائل لذلك، فإن مفهوم الفجوة الرقمية ارتكز وتعلّق أيضا بالاستغلال الأمثل لتلك المعلومات وحالة المعلومات ذاتها، ممّا يعني أنّ المفهوم قد تحوّل من حالة الاقتناء أو الحيازة إلى حالة التأثير الفاعل، لتحقيق النمو وتحسين مستوى حياة الأفراد الشخصي والمهني، ثمّ تحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية للجماعة من جانب آخر.

ظهر مصطلح الفجوة الرقمية أوّل مرّة على مستوى محلّي في الولايات المتّحدة سنة 1995م، وقد تعرّض إلى نقد كبير، وكانت له إيحاءات مضلّلة، لكنّه ظلّ يُمثِّل أكثر الاختزالات الشائعة استعمالا للفجوات بين من لديهم اتصال بالصِّنْعياء الرقمية والمحرومين منه. كان الصحافيون هم أوّل من استعمل مفهوم الفجوة الرقمية، ثمّ تبنّاه بعض أعضاء إدارة الرئيس الأمريكي «بيل كلينتون» بحماسة. وبقيادة «آل غور» Al Gore نائب الرئيس وقتها ظهرت سلسلة من المبادرات والتقارير القومية التي كانت تهدف إلى سدّ الفجوة بين من لديهم اتصال سهل بالإشباكة وغيرهم ممّن يفتقرون إلى ذلك. كانت أوّل بطاقات التقرير هذه هو التقرير الذي حمل عُلْوان: «السقوط من فتحات الشبكة» falling through the net : defining the digital divide, 1999 والذي صدر من قسم المعلومات والاتصالات الوطنية NTIA لدى وزارة التجارة الأمريكية حيث لفت الأنظار إلى الفارق الكبير بين فئات المجتمع الأمريكي في استعمال الحاسوب بشكل عام واستعمال الإشباكة بشكل خاصّ، وقد وصف هذا القسم في عدّة تقارير أخرى أنّ صنعياء المعلومات حقّ من الحقوق المدنية المكفولة.

على الرغم من أنّ هذه التقارير كانت تسلّط الضوء على من يمتلكون الحواسيب والشوابيك (الشابوك modem) ومن لا يمتلكونها، فإنّ مصطلح الفجوة الرقمية سرعان ما انتشر بعيدا عن موطنه المحلّي ليصنع جدلا واسعا في العالم وتساؤلات حول المبرّرات والحدود، مثل: مدى إمكانية قصر مفهوم الفجوة الرقمية فقط على توفّر وسائل النفاذ إلى المحتوى الرقمي، ومدى ارتباط الفجوة بالقدرة على استعمال تلك الوسائل بشكل منتج وبنّاء، ومدى ارتباطها بالوعي الاعتلامي، ودور المحتوى الرقمي في تقليص هذه الفجوة، ومؤشّرات قياسها، وإمكانية تناول الفجوة من جهة العرق (أسود، أبيض) أو التوزيع الإراضي (ريفي، مدني) أو الجنسي (ذكر، أنثى)، والفجوة الرقمية بين الأجيال الجديدة والأجيال القديمة، وعلاقتها بحجم الإنفاق الحكومي، وإمكانية ربط الفجوة بمستوى التعليم والظروف الاقتصادية، وتأثيرها على اللغات، ودور المكتبات في تقليصها، إلى غير ذلك من النقاشات والدراسات المتشعّبة حول هذا الموضوع. تتفاوت مستويات الفجوة الرقمية من مجتمع إلى آخر، كما تتفاوت أيضا من فرد إلى فرد في المجتمع نفسه، ويمكن تحديد ثلاثة مستويات رئيسة للفجوة الرقمية:

 

  • 1- الفجوة في النفاذ إلى المعلومات information accessibility ترتبط أكثر بالحالة الاقتصادية التي قد لا تسمح بالولوج إلى صنعياء المعلومات؛
  • 2- الفجوة في استغلال المعلومات information utilization وترتبط أكثر بالبيئة الاجتماعية التي لا تسمح بالحصول على المعلومات لمعالجتها والخروج بقيمة مضافة إليها بالاستعانة بالوسائل التي تطرحها صنعياء المعلومات لهذا الغرض؛
  • 3- الفجوة في قبول المعلومات information receptiveness وتتعلّق بمدى قدرة الفرد على استغلال المعلومات وقيمتها المضافة في تحسين نمط حياته بواسطة الإثراء الفكري والثقافي.

 

أمّا أسباب الفجوة الرقمية في العالم العربي فيمكن وضعها في ثلاث نقاط، الأولى: افتقار العالم العربي إلى بنية تحتية فعّالة للولوج إلى المحتوى الرقمي على الإشباكة، بل إنّ بعض الدول العربية يعاني أيضا من الفجوة الكهربية التي لم تحظ بالاهتمام التي حظيت به الفجوة الصنعيائية الرقمية، الثانية: تدنّي مستوى التعليم وضعف الميزانيات المخصّصة لمناهجه في أغلب الدول العربية. الثالثة: حاجز اللغة، حيث تسيطر اللغة الكلزية على القسم الأكبر من المحتوى الإشباكي، مع إغفال الدول العربية للترجمة والتعريب إغفالا تامّا في شتّى المجالات، واحتقار العرب للغتهم، ممّا جعل العربية تتأخّر عن استيعاب العلم والحضارة ومن ثمّة تأخّر العرب أنفسهم.

لغة كلزية

digital divide
digital gap
لغة فرنسية

fracture numérique
مراجع

  • المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت، نظرة على التخطيط الاستراتيجي العربي والعالمي. الربيز: رامي عبود. العربي للنشر والتوزيع، سنة 2013م. القاهرة، مصر.
  • مؤشرات قياس الفجوة الرقمية في المجتمعات العربية. الأستاذ الربيز: محمد نوار العوا. اللغة العربية في عصر المعلوماتية، المؤتمر السنوي الخامس، دمشق، 1-3 ذو القعدة 1427. مجمع اللغة العربية بدمشق.
  • الحياة الرقمية، الثقافة والسلطة والتغير الاجتماعي في عصر الإنترنت. المؤلف: توماس فيرنون ريد، المترجم: نشوى ماهر كرم الله. الناشر: العبيكان للنشر، 1438-2017م. الرياض، المملكة العربية السعودية.
  • الاقتصاد الرقمي. رضوان أبوشعيشع السيد، مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع، 2018م. القاهرة، مصر.