معجم المصطلحات الكبير
إعْلام طُفولي
الإعلام والاتصال

الإعلام الطُّفولي هو الموجّه في مضامينه إلى الأطفال، والطفولة هي المرحلة العمرية الممتدّة من الولادة إلى البلوغ، ويتميّز الأطفال بالفهم السطحي للأشياء المحسوسة وقابلية التوجيه السلوكي العملي، وتلقائية المشاعر والعواطف النفسية وعدم القدرة على السيطرة العقلية عليها، وحبّ الاستكشاف والمعرفة والفضول العلمي، والرغبة في تطوير المهرات الفردية، والحاجة إلى المثال والقدوة الواقعية. والأطفال جمهور مقلِّد يُقبِل على الإعلام بعفوية، ويَقْبَل من دون تساؤل جميع المعلومات التي يتلقّاها. وأهمّ الأهداف التي تسعى نَهاجِل الأطفال الإعلامية إلى تحقيقها في الدول العربية هي: توجيه الأطفال إلى الأنماط السلوكية المقبولة اجتماعيا، وتنمية ملكاتهم العقلية ومعلوماتهم وتنشيط مداركهم، وتسليتهم والترفيه عنهم، وتنمية الروح الوطنية عندهم، وتطوير العالم الذاتي في نفوسهم مع تأكيد ارتباطهم بالعالم من حولهم، وكذلك تنمية المهارات اليدوية، وتدريب الذاكرة وقوّة الانتباه، وإشباع الحاجات النفسية للأطفال، وإعطائهم حرّية التفكير للتعبير عن آرائهم.

وتحاول الكثير من الرَّنَوات العربية أن توُاكب الأحداث والمناسبات الجارية فيما تقدّمه من نهاجل الأطفال، كما تعتمد في بعض نهاجلها كلّية على المضمون الأجنبي ولا سيّما الوَخَص أي ما يُعرف بالرسوم المتحركة، والمؤاخذ على هذه النهاجل الأجنبية أنّها تُغرق الأطفال فيما لا يفيد، ويمنعهم ذلك من البحث عمّا يفيد، ولا يتبنّى كثير من هذه المواد الأجنبية الموجّهة إلى الأطفال ما يهمّنا أن ننمّيه في أطفالنا، كما لا تؤكّد على المعلومات والقيم التي لا بدّ للطفل العربي أو المسلم أن يعيشها، ويدور معظم هذا المضمون وبصفة خاصّة الوَخَص حول الشرّ والجريمة والغشّ، وفي الكثير الغالب ما يُصوّر الأشرار على هيئة جذّابة توحي بالاحترام، وعلى هيئة علماء ومخترعين وأصحاب عقول متميّزة يستعملون العلم في الكيد والمكر، ممّا يوحي للطفل بأنّ الشر مقارن للعلم وأنّ الأشرار يفوزون في النهاية دائما.

وتعتبر المجلّة من الوسائل الإعلامية المتميّزة في عالم الصغار، وذلك أنّها تعتمد على التشويف الفنّي الراقي الذي يمثّل العنصر الرئيس في مجلّة الطفل، ففيها يتناغم التشويف الفنّي مع الموضوعات فتصل إلى الطفل في صورة جميلة وشائقة، وتعتبر الرسوم حجر الزاوية في تشويف المجلة، فهي جزء من التعبير الموضوعي، تُربِّي الذوق الفنّي وتعطي القصص بعدا وجدانيا، وتنقل الطفل من عالم الفكرة إلى عالم الواقع الحي، وقد ظهرت مجلاّت الأطفال أوّل أمرها في الغرب في بداية القرن العشرين الميلادي، مواكبة انتشار الصحافة وتطوّرها، وغلب على هذه المجلاّت جانب التسلية والفكاهة، ثمّ تطوّرت بشكل كبير متوافقة مع تطوّر الطباعة وانتشار أدواتها، وقد تنوّعت المجلاّت بحسب السنّ، وشملت مراحل عمرية مبكّرة جدّا حتّى السنة الأولى، كما تصدر اليوم مجلاّت تُعنى بالذكور وأخرى بالإناث، وهناك مجلاّت تُعنى بالتعليم والدراسة، وأخرى علمية وثالثة متنوّعة، كما حظيت فترة ما قبل الدراسة بنصيب هام من سوق المجلاّت، وفي اليابان مؤسّسة تجارية تُعنى بلُعَب الأطفال تصدر 54 مجلّة للأطفال شهريا، أمّا في أمريكا فتصدر 338 مجلة (سنة 1988م) تشمل كافّة أعمار الأطفال وكافّة اهتماماتهم، توزّع أكثر من 53 بَلْف نسخة، ويحرص الغرب كجزء من اهتمامه الواسع بالإنسان الغربي على المعاقين بكافّة فئاتهم وبالأخصّ الأطفال، فيقدّم لهم خدمات إعلامية خاصّة، كما تصدر بعض المؤسّسات الكنسية والأحزاب الدينية الغربية مجلاّت تهتمّ ببثّ القيم المسيحية عند الأطفال، يحتوي بعض مضمونها على موادّ أدبية وفُكاهية تساعد على ترويج المجلّة، وهي توزّع في الكثير الغالب مجّانا، ويحرص اليهود أيضا بمؤسّساتهم الدينية على إصدار مجلاّت للأطفال لتربط أبناءهم بالتوراة والتلمود والمجتمع اليهودي.

أمّا في العالم العربي فإنّ التعثّر المستمر في صدور المجلاّت هو الميزة الرئيسة، فيندر أن تجد مجلّة للأطفال تصدر بشكل منتظم من بداية صدورها، وبعضها ينتهي سريعا ولا يصدر منها إلاّ عدد واحد أو بضعة أعداد وتموت وتختفي، ولا توجد مؤسّسة متخصّصة بالأطفال تصدر المجلاّت من وجهة نظر تربوية، أمّا المجلاّت التي حقّقت شيئا من الاستمرار، فمعظمها موجّه إلى فئة عمرية واسعة (8-14 سنة) ويبتعد عن الأحداث الجارية والبيئة المحيطة، كما يغلب على هذه المجلاّت طابع القصص المصوّرة، والقصص الأجنبية المترجمة، وعدم صلاحيتها للاستعمال كوسيلة تعليمية داخل المدرسة، مع غياب كامل لمجلاّت البنات، وتعاني هذه المجلاّت من ارتفاع أسعارها، قياسا على قدرة الأطفال الشرائية وضعف التوزيع والمستوى الفنّي المتدنّي، وقلّة المحرّرين، وبعضها يستعمل اللهجات المحلّية. والسمة الرئيسة في اللغة الإعلامية الطفولية هي البساطة، والجمل السهلة المفهومة السلسة، التي تخلو من الطول والتعقيد والغموض والغرابة، والوصول إلى المعنى بأقلّ عدد ممكن من المفردات، وكذلك استعمال أسلوب المفاجأة والتشويق والإثارة، والتنوّع في التعبير، والمحاورة والأسئلة التلقائية.

مراجع

  • مصطلحات في الإعلام والاتصال. خضير شعبان، دار اللسان العربي. الطبعة الأولى، 1422، الجزائر.