معجم المصطلحات الكبير
حِبْر
الكِتابة

سال أو عَقِيد مُلوّن يُستعمل للكتابة والرسم على الورق في الكثير الغالب، ويتولّى نقل الأشكال الطباعية. كان الحبر قديما يُصنع من سُخام المقالي وسُخام الكُحيل وهو النفط، ويصنعه المغاربة من سواد الصوف المحروق، كما يكون أيضا من سواد غير الصوف، يُضاف إليه الصمغ ليجمعه ويمنعه من التطاير، والعسل ليُحفظ على طول الزمن، والصِّبْر ليمنع وقوع الذباب عليه. وأشهر الحبر المتّخذ من بزر الفجل والكتّان، حيث يوضع دهنهما في مسارج وتوقد ثمّ يُجمع سوادهما ويُخلط بالصمغ العربي والماء ويدقّ لعدّة ساعات. وكانت هناك أنواع من الحبر تناسب الكتابة على الرقّ وأخرى تناسب الكتابة على الكاغد، وروى المقري أن بعض المغاربة صنع مدادا يختلف لونه في الكتابة حسب الشعاع الذي يُقرأ فيه، حيث قال: «وحكي أنّ بعض المغاربة كتب إلى الملك الكامل بن العادل بن أيوب رقعة بيضاء، إنّ قُرئت في ضوء السراج كانت فضيّة، وإن قُرئت في الشمس كانت ذهبية، وإن قُرئت في الظلّ كانت حبرا أسود».

في القرن الثامن تمّ اختراع الزيوت الصناعية في أوروبا، والمواد الصمغية المركّبة، فتحسّنت بذلك كفاءة أحبار الطبع تحسّنا كبيرا، فالحبر الذي نستعمله اليوم هو موادّ مضافة إلى بعضها بعضا بنسب معيّنة كي تناسب طريقة الكتابة، أو طريقة الطباعة ونوع الورق، والجفاف السريع أثناء الطبع الذي يتمّ بسرعة أيضا. ومكوّنات الحبر هي الخِضاب، وهو جزيئات صلبة دقيقة تُعطي الحبر لونه، ومقدار قتامته وثباته، وقد يكون الخضاب معدنيا أو عضويا أو صناعيا (أي يتم تحضيره كيميائيا). والناقل، وهو سائل يمتزج به الخضاب والمواد الأخرى المستعملة في تحضير الأحبار، أي قُوام الحبر، ووظيفته نقل الخضاب إلى الورق ليجفّ بعد ذلك، ومنه يأخذ الحبر لمعانه ومقدار لزوجته، أمّا المكوّنات الأخرى فأهمّها المُجفّف، والشمع والدهون، والزيوت والمواد المذيبة والمواد الصمغية.

اُستعملت أحبار الطباعة أوّلا في أوروبا من سواد الدخان المخلوط بالسَّبْرق أو بزيت الصوف المُغلّى، أمّا الأحبار الطباعية الملوّنة فلم تظهر إلاّ في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، ثمّ صُنعت فيما بعد أنواع كثيرة من السبْرق تتناسب مع نوع الطباعة ونوع الورق المستعمل فيها، ومع اختراع أنظمة الطبع المتّصل، تركت السبارق المكان للزيوت المعدنية. وتعدّد أنواع الأحبار وخصائصها يكون حسب مكوّناتها وطريقة صناعتها، وتوجد أنواع كثيرة من الأحبار تحضّر بطرائق صناعية مختلفة وفقا للحاجة والاستعمال، ولكلّ طريقة من الطباعة نوع من الحبر يُناسبها، كما أنّ لكلّ نوع من الورق حبره الذي يُناسبه وتجود الطباعة به. ومن أنواع هذه الأحبار الحبر الرِتابِي، الذي تختلف ميوعته حسب سرعة آلات الطباعة، والحبر العَقَدِي الذي يُشبه الزيت لمّا يسيل.

تعليق

أصل الحبر اللون، يُقال فلان ناصح الحبر، ويُراد به اللون الخالص الصافي من كلّ شيء، والحبر الأثر يبقى في الجلد، فكأنّه أثر الكتابة على الورق، قال المُبرّد: «وأنا أحسب أنّه سُمّي بذلك لأنّ الكتاب يُحبّر به أي يُحسّن، أخذا من قولهم حبّرت الشيء تحبيرا إذا حسّنته». السّال اسم لكلّ ما كان سائلا، والعَقِيد الغليظ المتلزّج من كلّ سال.

مراجع

  • معجم الكتابة، خضير شعبان. الطبعة الأولى، 1419. دار اللسان العربي، الجزائر.