الحِواثة، نوع من العِرافة الحِشائية haruspicy التي تمارس من خلال فحص كبد الحيوان المضحّى به وقراءة شاماته وتشوّهاته لمعرفة الغيب وإرادة الآلهة، شاعت هذه الطريقة في بلاد ما بين النهرين القديمة لا سيما عند البابليين، وشاعت أيضا عند الأُتْرور والرومان، الذين كانوا يعتقدون أنّ الكبد هي مقرّ الحياة والبصيرة الإلهية، وأنّها تعكس حالة العالم. في مدينة ماري Mari القديمة في بلاد ما بين النهرين، وهي المدينة التي كانت مهووسة بمعرفة الغيب وكشف أحداث المستقبل، كان يُضحّى بما بين 300 و700 خروف كلّ شهر، وعُثر فيها على نماذج من أكباد الأغنام مصنوعة من الطين، تحمل ملاحظات تاريخية، كحصار المدن، والحروب، والقبض على الجيوش. عبد الأترور الأوثان كما عبدها الإغريق، وأقاموا المجالدات بوصفها تضحيات إنسانية في المآتم والتي أصبحت مجموعة من الممارسات الدينية المعقّدة ثمّ تطوّرت فيما بعد إلى المجالدة الرومانية المعروفة، وقد كان لهم اهتمام كبير بمعرفة الغيب والحياة بعد الموت، فللتنبؤ بالمستقبل قرؤوا أحشاء الحيوانات وشامات الأكباد وزجروا الطيور، وفسّروا الظواهر الطبيعية كالبرق والرعد على أساس أنّها علامات تُظهر إرادة الآلهة، فقد كان للملك أو الحاكم مكانة مقدّسة أخذها من قدرته على قراءة هذه العلامات. تأثّر الرومان بالأترور في كلّ شيء، في عمارتهم وفنونهم وعبادتهم وتقاليدهم الثقافية التي استمرت في روما لقرون عديدة، وأصبح كلّ ذلك جزءا من هوّيتهم الحضارية ومعتقدهم الديني (لا سيّما منذ زمن كلوديوس، العاهل الروماني الرابع، الذي حكم من عام 41 إلى 54م)، وطوّروا العرافة بعد أن أخذوها عن أساتذتهم الأُتْرور، حيث أصبحت نظاما رسميا للنظر في الآجال لاتخاذ قرارات بشأن ملاءمة الأماكن للبناء، وتأسيس المدن والمعابد والمباني الحضرية. في كتابه «عشرة كتب عن العمارة»، كتب المعمار الروماني فيتروفيوس: «عندما يكونون على وشك بناء بلدة أو معسكر، يقوم آباؤنا بذبح الماشية التي ترعى في تلك الأماكن ويفحصون أكبادها. إذا ما وجدوا أنّ لون أكباد الأضاحي الأولى داكنا أو غير طبيعي، ذبحوا حيوانات أخرى. وإذا ما استمروا في العثور على ما هو غير طبيعي، استنتجوا أنّ إمدادات الطعام والمياه في مثل هذه الأماكن غير صحّية للبشر، فكانوا ينتقلون إلى مواقع أخرى، حيث اُعتبرت الصحّة هي الهدف الرئيس لهم».

الحِواثة من الحَوْثاء وهي الكبد.