معجم المصطلحات الكبير
لُغة
اللغة والأدب

نسق من الرموز الصوتية يستعملها الإنسان لتحقيق الاتصال ببني جنسه ويعبّر بها عمّا يجول في فكره وخاطِره، وتتميّز بقدرتها على تحديد كلّ المضامين الاجتماعية، المشتملة على كلّ ما يدرك عن طريق الحسّ، أي كلّ الخبرات التي اكتسبها المجتمع عبر تاريخه، فاللغة هي أوضح أنماط السلوك الاتّصالي، وهي محور الاتصال الأوّل في جميع المجتمعات البدائية منها والتي بلغت شأوا عظيما في التقدّم، ويجمع هذا المصطلح لمعناها أيضا الإيحاءات كتحريك الأيدي أو أعضاء الجسم الأخرى، فتنغيمة في جملة مؤدّاة تعبّر عن المشاعر بالقدر نفسه الذي تعبّر عنه إشارة مرئية كتقطيب الجبين أو تحريك الأكتاف، وإذا كان التعبير اللغوي هو الشكل الرسمي الذي يقرّه المجتمع فإنّ الإيحاءات لها أيضا من المدلولات ما يجعلها تعبّر بصدق عمّا نريد إظهاره، مع أنّها تصدر أحيانا على الرغم منّا، ويكتسب الإنسان معاني الرموز من خلال التنشئة الاجتماعية والتعلّم ومن تجاربه الخاصّة في طول حياته.

تتميّز اللغة البشرية بعدد من الخصائص، أهمّها:

  • 1- تتّسع لغة الإنسان للتعبير عن تجاربه وخبراته ومعارفه؛
  • 2- اللغة الإنسانية رموز صوتية اصطلاحية غير مباشرة؛
  • 3- يمتلك الإنسان وعيا بالعلامات التي يستعملها على اعتبار أنّها وسائل لتحقيق الأغراض؛
  • 4- يستعمل الإنسان اللغة في التعبير عن الأشياء العِيانية مثل: «يسقي الماء شجرة التفّاح»، كما يستعملها في التعبير عن الأشياء المجرّدة مثل: «تسقي الدماء شجرة الحرّية»؛
  • 5- يستعمل الإنسان اللغة في التعبير عن الأشياء البعيدة أو الأحداث البعيدة عن المتكلّم زمانا مثل: «انتصر المسلمون في غزوة بدر»، ومكانا مثل: «بيت الله الحرام في مكّة»؛
  • 6- يعمّم الإنسان الألفاظ التي يستعملها في الإشارة إلى أشياء متشابهة، فإذا أدرك شكل المكتب على سبيل المثال فإنّه يشير إلى كلّ ما يشبهه في المواقف المختلفة باسم المكتب؛
  • 7- تتألّف لغة الإنسان من وحدات، ومن قواعد لتأليف الوحدات، الحروف والكلمات والجمل الخ؛
  • 8- يستطيع الإنسان ان يستبدل كلمة بكلمة أخرى في منطوق معيّن إذا تغيّر الموقف، مثلما يقال: «أكرم المعلّم التلاميذ»، وإذا تغيّر الموقف يُقال: «أكرم التلاميذ المعلّم»؛
  • 9- اللغة محكومة بقواعد يفرضها المجتمع، مثل الفاعل مرفوع والمفعول به منصوب؛
  • 10- تتنوّع اللغة بتنوّع المجتمعات؛
  • 11- يكتسب الإنسان اللغة من المجتمع الذي يعيش فيه.

كما أنّ لها عددا من الوظائف أهمّها:

  • 1- الوظيفة النفعية، ويُطلق عليها تعبير «أنا أريد» فهي تسمح للإنسان منذ صغره بإشباع حاجاته كلّها وأن يعبّر بها عن رغباته، وما يريد الحصول عليه من مَحاطه الاجتماعي؛
  • 2- الوظيفة التنظيمية، وتُعرف بعبارة «اِفعل كذا ولا تفعل كذا» وتتمثّل في أفعال الأمر أو الطلب أو النهي، أي أنّ للغة وظيفة الفعل أو التوجيه العملي المباشر، مثل الصيغة الكلامية في عقد الزواج، والذي يتمّ بمجرّد النطق بها، أو صيغة الحكم في القضاء مثل «حكمت المحكمة» حيث يأتي بعدها تنفيذ الحكم؛
  • 3- الوظيفة التفاعلية، وهي وظيفة «أنا وأنت» وتُستعمل اللغة للتفاعل مع الآخرين في المَحاط الاجتماعي؛
  • 4- الوظيفة الشخصية، وهي استعمال اللغة لإثبات هُوّية الشخص وكيانه الشخصي ويقدّم أفكاره، كما أنّ الوظيفة الرئيسة للغة هي نقل الخبرة الإنسانية والتعبير عن الفكر واكتساب المعرفة، فهي ضرورة حتمية لتطوّر العلم وتقدّم المدنية، لذلك تخدم ثلاثة أغراض كما يبيّنها «جيفونز» Jevones، أنّها وسيلة للتفاهم، وأداة صناعية تُساعد على التفكير، وأداة لتسجيل الأفكار والرجوع إليها؛
  • 5- الوظيفة الاستكشافية، ويستعملها الإنسان لاستكشاف محاطه الذي يعيش فيه، حيث يسأل غيره عن الجوانب التي لا يفهمها حتّى يستكمل معارفه عن هذا المحاط؛
  • 6- الوظيفة التخيّلية، حيث يستعمل اللغة في الشعر والأغاني والأهازيج، والترويح ورفع الروح المعنوية للجماعة؛
  • 7- الوظيفة الإعلامية، فمن خلال اللغة يستطيع الإنسان أنّ ينقل إلى أقرانه معلومات جديدة وخبرات متنوّعة، وتمتدّ هذه الوظيفة إلى التأثير والإقناع؛
  • 8- الوظيفة الرمزية، يرى بعضهم أنّ اللغة تمثّل رموزا تشير إلى موجودات في العالم الخارجي، ومن هنا تحدّدت الوظيفة الرمزية لها.

وأهم وظيفة للغة هي التواصل، الذي يتألّف من عناصر ثلاثة، متحدّث أو مرسل، مستمع أو مستقبل، نظام إشاري أو لغة مشتركة يتكلّمها المرسل ويفهمها المستقبل، والتواصل باللغة يحدث من خلال نشاطين رئيسين هما الكلام والاستماع، فعند الكلام يضع المتحدّثون الأفكار في كلمات تحمل مضامين إخبارية أو تعبيرية شعورية وُجدانية أو إقناعية، إلاّ أنّ هناك فرقا بين الكلام وبين اللغة يُبيّنها «فرديناند دي سوسير» Ferdinand de Saussure مؤسّس علم اللغة البنوي من خلال الأفكار التالية:

  • أ- اللغة نظام، ينبغي دراستها على هذا الأساس أي بالنظر إلى أجزاء هذا النظام؛
  • ب- اللغة ظاهرة اجتماعية تستعمل لتحقيق التفاهم بين الناس، لذا ينبغي أن نضع في اعتبارنا العلاقة المتبادلة بين الصوت والمعنى، لأنّ هذه العلاقة أساسية في عملية الاتصال؛
  • ج- دراسة اللغة تتمّ من خلال منظورين، تطوّري وثابت في فترة معيّنة.

ميّز «دي سوسير» بين ثلاثة مفاهيم هي: «الكلام» parole وهو ما ينتجه أي متكلّم، ثمّ «اللسان» langue وهو السلوك المشترك، أو الكلام اللغوي لكلّ المتكلّمين الذين يشتركون في التفاهم بلغة معيّنة، ثمّ «اللغة» بصفة عامّة langage أي لغة توجد في مكان ما. وقد انحصر عنده الفرق بين اللغة والكلام فيما يلي:

  • 1- يرتبط الكلام باللغة، ويتحقّق كنتيجة لاستعمال اللغة، ويمكن اعتبار الكلام بمثابة عمل أو مظهر لغوي محدّد؛
  • 2- اللغة واقع اجتماعي ثابت بينما الكلام عمل فردي متغيّر؛
  • 3- اللغة نتاج يرثه الفرد تقريبا من خلال الاكتساب، بينما الكلام عمل إرادي يتّسم بالذكاء ويقوم به الفرد؛
  • 4- اللغة هي الجزء الاجتماعي من عملية الكلام فهي تكمن خارج نفوذ الفرد الذي لا يستطيع أن يعدّلها، وبالتالي يمكن أن تُدرس دراسة مستقلة عنه؛
  • 5- بما أنّ اللغة ظاهرة اجتماعية والكلام ظاهرة فردية، فإنّ الموافيق (ميكانيزمات) اللازمة لتفسير الجمل متماثلة لدى كلّ الأعضاء في المجتمع اللغوي؛
  • 6- اللغة كامنة أو سلبية، وبالتالي كلّ الأنشطة المرتبطة باللغة تنتمي إلى الكلام.

لغة كلزية

language
لغة فرنسية

langage
مراجع

  • مصطلحات في الإعلام والاتصال. خضير شعبان، دار اللسان العربي. الطبعة الأولى، 1422، الجزائر.
  • سيكولوجية اللغة والمرض العقلي. الربيز: جمعة سيد يوسف. عالم المعرفة، جزء: 145. يناير 1990م.