معجم المصطلحات الكبير
نظرِية الرصاصة الإعْلامِية
الإعلام والاتصال

ظهرت هذه النظرية حول تأثير وسائل الإعلام بعد الحرب الأممية الأولى، وذلك حين اُستعملت في هذه الحرب وسائل اِتّصال تِقانية (إليكترونية) بشكل مُكثّف لم يسبق له مثيل، حتّى إنّ هتلر اعتبر تأثير الإذاعة والحرب النفسية التي شنتها دول الحلفاء أحد العوامل الأساسية في هزيمة ألمانيا، وظهرت نظرية الرصاصة الإعلامية أو الحقنة تحت الجلد تأثّرا بالنظرية النفسية الشائعة في تلك الفترة المتعلّقة بالمنبّه والاستجابة التي تفترض أنّ لكلّ فعل ردّ فعل، ويقوم أساس هذه النظرية على الاعتقاد أنّ جمهور الاتصال يتأثّر أفراده منفردين بوسائل الإعلام التي يتعرّضون لها، وأنّ ردّ الفعل إزاء هذه الوسائل تجربة فردية أكثر منها تجربة جمعية، ويتمّ ذلك من دون وسطاء أو تأثير الآخرين. لم تستمرّ هذه النظرية طويلا، فقد عوضتها نظرية استجابة القارئ reader response theory أو نظرية التلقّي reception theory وهي عكس نظرية الحقنة، حيث أجريت العديد من الدراسات الميدانية التي وضّحت أنّ الاتصال عملية معقّدة وتشتمل على عدّة عوامل تساعد على زيادة فعّالية الرسالة الإعلامية، وأنّ المسائل الأخرى مثل العرق أو الدين أو السن أو الأصل أو الجنس أو التعليم أو القيم أو الشخصية، ومجموعة من المتغيّرات الأخرى، تؤُثر في قراراتنا إزاء وسائل الإعلام التي سوف نشاهدها أو نستمع إليها، وتؤثّر في الطريقة التي بها نستجيب للنصوص التي تحملها وسائل الإعلام، وهذا لا يعني أنّ البَلَغ ليس له تأثير على الأفراد، ولكن هناك سببا وجيها للقول إنّ التأثيرات ليست عامّة وإنّ الجميع لا يتأثّرون بالطريقة نفسها. يقول «آرثر آسا بيرغر» Arthur Asa Berger: «عندما نشاهد نَهْجلا رَناتيا (برنامجا تلفزيونيا)، فإنّنا نجلب معنا إلى عملية مشاهدة النهجل قاعدتنا المعرفية المشكّلة ثقافيا والتي تمكّننا من فهم ما نشاهده، ويشمل ذلك تطبيق الرموز الجمالية التي اكتسبناها في أثناء نموّنا ونحن نشاهد الرَّناة، معرفتنا بقواعد السلوك، وفهمنا للغة المحكية ولغة الجسد، وعدد من أشياء أخرى. وهذا يعني أنّنا نقوم دوما بفكّ رموز النصوص التي نراها في الرناة».

تعليق

تُعَدُّ نظرية استجابة القارئ reader response theory من النظريات الأدبية التي ركّزت على دور القارئ في تفسير النصوص، حيث لا يُنظر إلى المعنى على أنّه كامن في النصّ وحده، بل ينشأ من خلال التفاعل بين القارئ والنصّ. وبهذا، يُصبح القارئ عنصرا فاعلا في عملية الفهم، وليس مجرّد متلقٍّ سلبي. قامت نظرية استجابة القارئ على:

  • 1- التفاعل الفعّال : لا يُنظر إلى القارئ كمستقبل سلبي للمعلومات، بل هو مشارك نشط في بناء المعنى، حيث تؤثّر خلفيته المعرفية وتجربته الشخصية في تفسيره للنص. 
  • 2- التفسيرات المتعدّدة : تسمح النظرية بتأويلات مختلفة للنصّ وَفْقا لاختلاف القرّاء وسياقاتهم الثقافية والاجتماعية؛
  • 3- النص كعملية : لا يُنظر إلى النصّ ككيان ثابت، بل كعملية تفاعلية يتطوّر معناها أثناء القراءة؛
  • 4- السياق الشخصي : تؤكّد النظريّة على أنّ العوامل الشخصية والثقافية يؤدّي دورا جوهريا في تفاعل القارئ مع النصّ.

عُرفت هذه النظرية في السبعينيات، حيث نقلت التركيز من المؤلّف والنصّ إلى القارئ، ما أحدث تحوّلا في النقد الأدبي والتعليم، إذ شجّعت على المناقشة المفتوحة والتحليل النقدي للنصوص. مع توسّع الدراسات في الإعلام والاتصال، انتقلت نظرية استجابة القارئ إلى دراسة كيفية تأثير النصوص الإعلامية في الجمهور. فكما يُفسِّر القارئ النصّ الأدبي بناءً على تجربته، يتفاعل الجمهور مع الرسائل الإعلامية بطرق متباينة، الأمر الذي دفع الباحثين إلى إعادة النظر في طبيعة الاتصال ذاتها.

  • 1- الجمهور كعنصر نشط : لم يعد يُنظر إلى الجمهور على أنّه مستهلك سلبي للرسائل الإعلامية، بل كشريك في تشكيل المعنى، إذ يتفاعل مع المحتوى الإعلامي وفقا لسياقه الخاصّ؛
  • 2- تفاعل النصّ والجمهور : لم يعد التواصل عملية خطيّة من المرسل إلى المستقبل، بل أصبح عملية احتراكية يتداخل فيها النصّ مع توقّعات الجمهور وخبراته السابقة؛
  • 3- تحليل الاستجابات الإعلامية : ساعد تطبيق نظرية استجابة القارئ على فهم كيفية تأثّر الأفراد بالمحتوى الإعلامي، بدءا من الإعلانات إلى الأخبار والمحتوى الرقمي، وكيفية تشكيل هذه التفاعلات للآراء والسلوكيات.

نظرية استجابة القارئ ظلّت قائمة في الدراسات الأدبية، لكن بعض الباحثين وسّعوها لتشمل الأبعاد الاجتماعية والثقافية، مما أدّى إلى ظهور نظرية التلقّي كفرع داخل النقد الأدبي. هذه النظرية، التي طوّرها باحثون مثل هانز روبرت ياوس (Hans Robert Jauss) وفولفغانغ آيزر (Wolfgang Iser)، ركّزت على كيفية تلقّي النصوص عبر العصور والسياقات المختلفة، وليس فقط على استجابة القارئ الفردي. لم يُستعمل مصطلح استجابة القارئ في مجال الإعلام والاتصال، بل انتقل المفهوم إلى دراسة تفاعل الجمهور مع الرسائل الإعلامية وأصبح يُعرف بنظرية التلقّي في الإعلام. هذا التطوّر يعكس كيف أنّ الفكرة الأساسية –المعنى لا يُحدَّد في النصّ نفسه، بل في تفاعل المتلقي معه– تم تبنيها لفهم كيفية تأثير المحتوى الإعلامي على الأفراد والمجتمعات على نطاق أوسع، مع مراعاة السياقات الثقافية والاجتماعية التي تؤثّر في كيفية تلقّي النصوص وتفسيرها.

  • • السياقات الاجتماعية والثقافية : لا تُدرس استجابات الأفراد فقط، بل تُحلَّل كيفية تلقّي النصوص في مجتمعات مختلفة عبر الزمن، وكيف تتغيّر التفسيرات تبعاً للتحوّلات الاجتماعية والثقافية؛
  • • التفاعل الجماعي : بينما تركّز نظرية استجابة القارئ على تجربة القارئ الفردية، تُعنى نظرية التلقّي بكيفية استجابة المجموعات والفئات المختلفة للنصوص، مما يجعلها أكثر شمولية في دراسة الإعلام.

شكّلت نظريتا استجابة القارئ والتلقّي نقطة تحوّل في الدراسات الأدبية، لكن أهميتهما امتدّت إلى مجال الإعلام والاتصال، حيث ساعدتا على فهم كيفية تفاعل الأفراد والمجتمعات مع الرسائل الإعلامية. فبينما تُركّز نظرية استجابة القارئ على التجربة الفردية، تُقدّم نظرية التلقّي رؤية أوسع تدرس تأثير السياقات الاجتماعية والثقافية في تفسير النصوص، وقد جعلهما ذلك إطارا أساسيا في تحليل الاتصال المعاصر.

مترادف

نظرِية الحُقْنة تحْت الجِلْد

نظرِية الإبْرة تحْت الجِلْد

نظرِية الرصاصة السِّحْرِية

مصطلح قريب

لغة كلزية

hypodermic needle theory of the media
magic bullet theory
hypodermic-syringe model
transmission-belt model
مراجع

  • مصطلحات في الإعلام والاتصال. خضير شعبان، دار اللسان العربي. الطبعة الأولى، 1422، الجزائر.
  • وسائل الإعلام والمجتمع، وجهة نظر نقدية، تأليف: آرثر أسا بيرغر، ترجمة: صالح خليل أبو اصبع. عالم المعرف، عدد 386، مارس 2012.