الإسانة العِرْقانية إحدى فروع الإسانة، تعتمد على دراسة المجتمعات الحيّة والنظر فيها، وفي سلوكها البشري من أجل تحليل الحياة في المجتمعات القديمة، واستنتاج السلوك البشري السابق بشكل أفضل من خلال الأنماط المادّية المكتشفة في المآسن، على نحو ما ذهب إليه العِرْقانيون في دراساتهم لسكّان النُّعام وإفريقيا البدائيون. أي أنّ الإسانة العرقانية، هي الدراسة التي يقوم بها الإسانيون حول العلاقات بين تنوع القطع الأثرية وسلوك الناس وتنظيمهم. يُنفّذ العمل الشِّقْصي (الميداني) بين المجتمعات الحديثة، لاستكشاف هذا الارتباط بهدف تعزيز الاستدلال الأثري. تكمن بداياته في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما عَرّف الإسانيون هذا العلم على أنّه امتداد للعرقياء ethnology في الماضي البعيد. منذ نحو عام 1915م، لم يعدّ مثل هذا البحث شائعا حتى الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي، عندما كانت هناك عودة إلى العمل الشقصي الإساني العرقاني الذي تسارع بعد ظهور الإسانة الجديدة في عام 1960م.

يُجرى العمل الشِّقْصي الإساني العرقاني في جميع أنحاء العالم، في أماكن تتردّد بين مستوطنات الصيد والجمع وبين المجتمعات على مستوى الدولة، ويتناول مجموعة واسعة من بقايا الموادّ وفئات القطع الأثرية، مع تسليط الضوء على العمل الذي يركز على التخلص من النفايات، مثلما فعل لويس ممفورد Lewis Mumford بين سكّان الإسكيمو الأصليين، وهي جماعة تعتمد على الصيد وجمع النباتات في ألاسكا، وفي الستينيات من القرن العشرين الميلادي حاول لويس بينفورد Lewis R. Binford (1978) تفسير التشابه بين مأسن بينسفيت بفرنسا والإسكيمو، فكلاهما يعتمد على الصيد وجمع النباتات، عاش في الفترة بين 1969 إلى غاية 1973م بين الإسكيمو من شعب نوناميوت Nunamiut في شمال وسط ألاسكا، ودرس طريقة سقوط مخلّفات العظام، ثم التخلّص منها، ففي أكواخ الصيد الموسمي في أنوكتيف بألاسكا رأى الصيّادين يكسّرون العظام للحصول على النخاع، فتتساقط شظايا العظام المكسورة تحت أرجلهم، ويتخلّصون من الأجزاء العظمية الكبيرة خارج الكوخ، فتكوّنت من جرّاء ذلك مناطق تجمّعت فيها العظام كمنطقة فضلات، واستطاع حساب عدد الأشخاص حول الموقد من طريقة الجلوس حوله، ومخلّفات العظام، والمسافات بينها. وعندما قارن ذلك بمخلّفات موقع بينسفيت والذي سُكن آخر العصر الجليدي، أي منذ نحو 15000 سنة، استطاع التوصّل إلى الكثير من المعلومات، بعضها متطابق مع ما وجده في ألاسكا، وبعضها الآخر مختلف عن ذلك.