تقع هذه الزاوية في مدينة طولقة من ولاية بسكرة بالجزائر، وقد أنشأها علي بن عمر بطلب من شيخه محمّد بن عزُّوز البرجي في حدود 1191 وكان عمره آنذاك 26 سنة، وتسمى بالزاوية العثمانية نسبة إلى جدّ علي بن عمر كما تُسمّى أيضا باسم مؤسّسها. وقد كان لهذه الزاوية أهمّية كبيرة منذ وجودها في تعليم القرآن الكريم وتحفيظه وتدريس العلوم الشرعية والفتوى واللغة العربية، والإطعام والإنفاق على الفقراء والمساكين، وهي من المهام الاجتماعية الأساسية التي قامت عليها الزوايا في الجزائر في القرون الماضية، ويتّبع شيوخها الطريقة الرحمانية في التصوّف، وينشرونها، وقد امتدّ تأثيرها إلى مناطق واسعة، وانضمّ إليها آلاف المريدين بلغ عدد أتباعها سنة 1897م زهاء 17 ألف مُرِيد، وعدد زواياها 17 زاوية. كانت الزاوية في هذه الأوقات من أغنى الزوايا بما تملكه من حدائق الزيتون في منطقة القبائل، وغابات النخيل في وادي ريغ ومنطقة الزاب، ودكاكين وحمّامات في كثير من مناطق الجزائر على شكل أوقاف، إلا أنه بعد الاحتلال قام المستعمرون الفرنسيون بإخراج هذه الأوقاف من مِلْك الزاوية وإعطائها للمعمّرين من أبناء جلدتهم، وما تزال الأسرة العثمانية تحتفظ برسوم هذه الأوقاف إلى اليوم.

ثمّ أصبحت إبّان الثورة الجزائرية التحريرية مركزا لجيش التحرير وحلقة وصل بين الشعب وقيادة الثورة، وقد كان حال الزاوية قديما أحسن ممّا آلت إليه اليوم، فلم يعد يأتيها للبحث والدراسة إلاّ بضعة أفراد ليس منهم أحد من أهل طولقة، ومن أشهر من درس فيها قديما: الشيخ الخضر بن الحسين بن علي بن عمر الذي حاز مشيخة الأزهر، وعلي بن عثمان، وابن أبي القاسم الديسي، ومحمد الحفناوي بن علي بن عمر، ومن العلماء الذين كانوا يتردّدون عليها: محمد بن الحاج، ومحمّد القاسمي، ومحمّد بن عبد الرحمن الديسي، والحفناوي بن عروس، ومحمّد المكّي بن عزّوز، وأحمد الأمين بن عزّوز البُرْجي، وعبد الحميد بن باديس.

للزاوية مكتبة تضم ما يربو عن 1500 مخطوط، بدأ بإنشائها أولا الشيخ علي بن عثمان، ثمّ توالت أيدي شيوخ الزاوية في تكثير كتبها واستجلاب نفيسها، وكان للشيخ الحاج بن علي بن عثمان اليد الطولى في ذلك، وكثيرا ما كان يستصحب أحد النسّاخ الثلاثة العاملين عنده إلى مختلف الأصقاع لينسخوا له الكتب. تحتوي المكتبة على بعض الكتب النادرة منها جَذِينة «تتمّة يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر» بخط المؤلف، وهو أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي النيسابوري رحمه الله تعالى، والتي يعود تاريخها إلى القرن الرابع الهجري، وهي أقدم ما في هذه المكتبة، لم يُقدّر لها أن تطبع بعد، كما يوجد بها مخطوط في الحديث للعقيلي يعود إلى القرن الرابع الهجري، وآخر في الحديث للقضاعي على رَقّ الغزال، والمكتبة ملك لعائلة علي بن عمر وليست وقْفا عامّا للمسلمين.

أمّا الشيوخ الذين تعاقبوا على مشيخة هذه الزاوية، فهم : (1)- مصطفى بن عزُّوز؛ (2)- علي بن عثمان أكبر أبناء الشيخ علي بن عمر؛ (3)- عمر بن علي بن عثمان؛ (4)- عبد الرحمن بن الحاج بن علي بن عثمان؛ (5)- عبد القادر بن الحاج بن علي بن عثمان، وهو شيخ الزاوية الحالي.