الشخص الذي يؤدّي الأدوار الاستعبارية وعروضها، حيث يدرس النصّ كما جاء في السِّراد، ويحفظه، ثمّ يتدّرب عليه بالكلمات والحركات والإشارات والإيماءات حسب التعليمات التي يأخذها من المخرج، ويسعى جاهدا من خلال العروض لتفسير دوره وتقمّص شخصية القصّة التي أسندت إليه وذلك حسب تطوّرها خلال التدريبات، فهو الناطق والمعلن لوقائع النصّ أو الفعل الاستعباري، وفي الوقت نفسه المعني بالنصّ انطلاقا من قراءته، وهو الذي يعطي النصّ أبعادا ومدلولات بطريقة جديدة عند كلّ أداء. قد يضطر في بعض الأحيان إلى العزف، أو الغناء، أو الرقص، وأن يتخصّص في وسيلة من الوسائل التي تنتج الأعمال الاستعبارية، مثل: المسرح، أو الرَّناة، أو المَخالة، أو الإذاعة. يقول مارتن إسلن: الممثّل هو العلامة النَّصَمِية (الأيقونية) الأولى في الاستعبار، فهو إنسان حقيقي أصبح علامة لإنسان. إنّ الممثّل عند ظهوره على خشبة المسرح أو جاشة المَخالة، إنّما هو في المقام الأوّل شخص حقيقي بشحمه ولحمه وعظمه، يمثّل نفسه أوّلا، وهو ثانيا متحوّل بالصوت المنتحل، والملابس التي يرتديها، والتغمير الذي يغيّر شكله، ليصبح علامة على الشخصية الخيالية التي يلعبها أو يؤدّيها، وهذا هو الشخص المسرحي stage-figure كما أسمته مدرسة براغ، أي الصورة المادّية للشخصية. لقد حدث أن كان هناك استعبار من دون كُتّاب أو مصمّمين أو مخرجين، لكن لا يمكن أبدا أن يكون استعبار بلا ممثّلين، فالممثّل هو العنصر الأساسي الذي يدور الاستعبار كلّه حوله، حتّى مسرح العرائس أو مسرح الظلّ، أو الوَخَص أو الأشكال النموذجية في الرسوم المتحركة، هم ممثّلون، أو علامات نَصَمِية تدلّ على بشر أو حيوانات مؤنسنة لها أصوات لممثّلين من البشر.
لا شكّ أنّ واحدا من عوامل الجاذبية الأساسية التي يتمتّع بها الاستعبار أثناء العرض، هو التوتّر القائم بين الممثّل الحقيقي، والشخصية الخيالية التي يعمل كعلامة نصمية لها، إنّ الإيهام في المسرح أو المَخالة أو على جاشة المِرْناة لا يجعل المتفرّج يذهب مطلقا إلى حدّ اعتبار العلامة أمرا واقعيا، بل إنّ العدد الأكبر من الجمهور يذهب إلى المسرح أو المخالة أو يجلس أمام المِرناة مدفوعا بالرغبة في مشاهدة ممّثلين معيّنين، وليس الشخصيات الخيالية التي يلعبونها، فالممثّل الذي يقف على خشبة المسرح أو يظهر على الجاشة ليس مجرّد علامة لشخصية خيالية كما تصوّرها المؤلّف، بل هو إنسان فرد بشخصية متفرّدة، تستعصي بتفرّدها على التحديد، فالجاذبية الشخصية التي تنبعث منه، تضيف معان إلى الشخصية التي صاغها المؤلّف مبدع الخيال، والجاذبية المجرّدة التي يتمتّع بها الممثّل، هي في حدّ ذاتها مولّد قوي للمعنى، عندما تدخل إلى خشبة المسرح فتاة بارعة الجمال لتؤدّي دور «جولييت» مثلا، فإنّ مظهرها يشير إلى أنّ «هذه الفتاة الخيالية كانت بهذا الجمال، جولييت كانت تشبه هذه!»، وسوف يدور التأثير الكلّي، أو المعنى الكلّي للمسرحية حول هذه الحقيقة الأساسية. إنّ المَخالة نفسها والمسرح والرَّناة تعتمد على هذه الفكرة المتمثّلة في الجاذبية القوية التي يتمتّع بها «النجم» لتحقيق عائد اقتصادي مجزٍ. هناك عنصر آخر بالغ الأهمّية أيضا، وهو توازن الشخصيات في العرض الاستعباري، فهو واحد من المحدّدات الأساسية للمعنى النهائي، حيث لا تكفي جاذبية الممثّلين الأفراد فحسب، إنّما التفاعل بين العديد منهم، فاختيار فريق الممثّلين casting يُعتبر واحدا من القرارات الفنّية الجوهرية التي يتّخذها المخرج، والذي يشكّل أساس تفسيره للقصّة، ويحدّد تأثيرها ودلالتها النهائية.