معجم المصطلحات الكبير
جُون بُول سارْتر
الفكر

جون بول سارتر، فيلسوف، وروائي، وكاتب مسرحي، وكاتب مقالات، وشخصية مركزية في النقاشات السياسية، والفلسفية، والأدبية، في النصف الثاني من القرن العشرين، جون بول سارتر هو المنظر الفرنسي للوجودية. مثير للجدل بسبب مواقفه السياسية، ورفقته للحزب الشيوعي إلى أقصى اليسار البروليتاري والماوي maoïste، بالإضافة إلى منصبه خلال الحرب الأممية الثانية، ما يزال سارتر أحد المفكرين القلائل المؤثرين. يتميز عمله الغزير بالرغبة في مواجهة الإنسان بحدود حريته. ولد سارتر في باريس، في الحادي والعشرين من يونيو سنة 1905م، ثمّ بعد وقت قصير توفّي أبوه، وذهبت الأمّ وطفلها ليعيشا مع أبويها في «مُدون» بالألزاس (كان الإقليم وقتئذٍ تابعا لألمانيا)، جدّ سارتر لأمّه، تشارلز شفايتزر، كان ابن عمّ الفائز بجائزة نوبل للسلام، ألبرت شفايتزر، وفي سنة 1911م انتقلت الأمّ والطفل ثانية، ولكن حينئذ إلى باريس، حيث التحق هو بإحدى مدارس الليسيه، وفي سنة 1917م تزوّجت أم سارتر ثانية، ليكون المستقرّ في مدينة «لاروشيل» الفرنسية، حيث وجد الصبي من العسير عليه التلاؤم. عاد إلى باريس في سنة 1920م، ليقضي (في العام الدراسي 1921، 1922م) السنة النهائية من مرحلة الباكالوريا، ويدخل -بعد اجتياز هذه المرحلة- المعهد العالي للتربية école normale supérieure التابع للسوربون، ويخفق سارتر في نيل إجازة التدريس في المرّة الأولى، ولكن يحوزها في السنة التالية (1929م) بأعلى الدرجات، وترتيب «الثاني» مسابقة تلك السنة نفسها، حازته سيمون دي بوفوار، التي كان قد التقى بها في سنته الأخيرة في الدراسة. بعد أداء الخدمة العسكرية، اشتغل بتدريس مادّة الفلسفة في إحدى مدارس الليسيه بمدينة «لي هافر» الفرنسية، بدءًا من سنة 1931م حتّى سنة 1936م، وكانت هذه الفترة بصفة عامة تعسة من حياة سارتر، لأنّ ما استجدّ من أحوالها عندئذ، باعد بينه وبين سيمون دي بوفوار.

غادر فرنسا ليمضي سنة للدراسة في برلين، ثمّ عاد ليشتغل بالتدريس لفترة وجيزة في مدينة «لاون» في فرنسا، ثمّ في إحدى مدارس الليسيه بالعاصمة باريس. في سنة 1939م جُنِّد، وفي ثاني أعوام الحرب (1940م) وقع في الأسر، ليطلق سراحه في العام التالي. زاول سارتر التدريس بضع سنين أخرى، في إحدى مدار الليسيه. سائر حياة سارتر، تعوزها علامات الطريق المعتادة؛ التي تَسِم النمط «البورجوازي» (أي التقليدي) لحياة الناس في هذه الأيّام: الدرجات العلمية المزيدة، المناصب، الزيجات، إلخ. إلاّ إذا اعتُدّ تبنّيه لآرليت الكايم، في سنة 1965. ولئن وجدت على طريق حياته أي علامات، لكانت هي نفسها الأحداث العالمية (حرب الجزائر، حرب الفيتنام، الحرب الباردة). طيلة تلك المدّة كانت لسارتر كتابات... ارتباطات، ولم تكن بالقليلة؛ قصص حبّ عارضة، تعايشت (وإن بصعوبة في بعض الأحيان) مع قصّة الحبّ الأساسي في حياته، ذلك الذي ربط بينه وبين سيمون دي بوفوار، كما كانت له رحلات. حرّر سارتر دوريات وصحفا، وشارك في حركات سياسية وفي احتجاجات سياسية. كانت له جلسات في المقاهي الباريسية، اشتجر فيها الحديث بينه وبين غيره من الأعلام؛ الروّاد في الفنون والأدب والفلسفة والسياسة. رفض سارتر ألوانا من التكريم، من بينها جائزة نوبل في الأدب، عقد مؤتمرات صحافية، وأجريت معه حورات صحافية ورَناتية، ألقى محاضرات في جميع أنحاء العالم. أوّلا وآخرا: كتب!

كان موت سارتر في الخامس عشر من إبريل سنة 1980م، كان هو نفسه حدثا عالميا. جنازته التي كان مقرّرا تشييعها يوم الجمعة، أرجئ تشييعها إلى السبت، لإتاحة حضور المزيد من الناس، ياله من حضور! أكثر من خمسين ألفا منهم، والسيّارة المقفلة التي أقلّت سيمون دي بوفوار إلى مقبرة مونبارناس، داهمها الفضوليون والهتّارون (الباباراتزي). بعدها كانت الشوارع مقفرة من السيّارات. كانت جنازة سارتر أشبه بتلك التي لشخصيات، كشخصية جون كيندي، أو الأميرة ديانا، ولا تشبه بأي حال من الأحوال جنازة أي من الكتّاب أو رجال الفكر. احتلّ نبأ موت سارتر الصفحات الأولى من الجرائد في جميع أنحاء العالم.

كان سارتر كاتبا استثنائيا، فقد لاحظ أندرو ليك أنّ أعماله في أواخر حياته كانت تفترش من أي رفّ للكتب حيّزا طوله قاسين، وبإضافة ما صدر من أعماله بعض انقضاء حياته، يزيد الامتداد إلى قاسين ونصف. كَتَبَ سارتر في الفلسفة وفي المسرح وفي الرواية والقصص القصيرة، كتب سيرته الذاتية بنفسه، وكذلك من المقالات ما شغل من المجلّدات عشرة، ما بين تلك التي موضوعاتها نظرية الأدب، والنقد الأدبي، والفنّ التشكيلي، إلخ، وغيرها التي موضوعها السياسة، بل حتّى المراثي، وهي مجلّدات تلك السَّتَلة التي عُلْوانها مواقف situations، ثمّ ما نشره في المجلاّت والصحف، بل له إنجازات لأسرِدة أقلدة (سيناريوهات أفلام)، من بينها ذلك الذي كان بتكليف من المخرج الأمريكي جون هيوستون، والذي لم يصدر على الورق في حياة سارتر، بل بعد انقضائها بسنين أربعة: في سنة 1984م، وبعلوان سِراد فرويد scénario Freud. كان قليد فرويد قد أنتج سنة 1962م، لكنّ سارتر طلب رفع اسمه من بين علاوين القليد، بسبب ما تعرّض له السِّراد الذي كتبه من اختصار، ممّا لا يكاد يدهش أحدا متّى عرفنا أنّه لو لم يُختصر، لاستغرقت مدّة عرض القليد على الجاشة ثماني ساعات. في بعض الفترات من حياته، سوّد سارتر كمّا ضخما من صفاحات المفكّرات، وما دوّنه في مفكّراته عن الحرب، نشر سنة 1983م، ممّا يعني كذلك أنّه لم يصدر في حياة مدوّنه، بل بعد انقضائها، كتب العديد من الخطابات، بعضها نشر في سنة 1983م أيضا، بعلوان «رسائل إلى القندس وبعضها الآخر»، حيث نعت «القندس» كان الاسم الذي اختاره سارتر لسيمون دي بوفوار، رفيقة عمره بأكمله. عندما لم يكن سارتر يكتب، كان يتكلّم؛ غالبا في إطار حوارات وجدت بدورها طريقها إلى الورق، لتختتم بمجموعة منها، كانت أكثرها إثارة للجدل هي تلك الحوارات التي أجريت معه في الأسابيع الأخيرة من حياته، بقلم بني ليفي.

مترادف

جان بول سارتر

مصطلح قريب

لغة فرنسية

Jean-Paul Sartre
مراجع

  • سارتر. كاثرين ج. موريس، ترجمة : أحمد علي بدوي. المركز القومي للترجمة، الطبعة الأولى، 2011م. القاهرة، مصر.

جون بول سارتر في 22 أكتوبر 1970م بباريس.