خطّ الثلث أو الثلث بحذف المضاف خطّ قديم، مقوّر ومروّس ومنوّر (أي مُفتّح العيون)، ويُعتبر أوضح خطوط العربية على الإطلاق وأجلّها، وهو نهاية الخطّ المنسوب، أبرز أشكاله الفنّية الخُمَل التي تتمثّل في تداخل الحروف وتشابكها بطريقة فنية بديعة، تُكتب نقاطه منفصلة عن الحروف ومتمايزة عن بعضها بعضا عكس خط الرقعة، وغالبا ما تكون مربّعة تنحو نحو الاستطالة قليلا وأحيانا دائرية، والخط الثلثي يلحقه الشكل والتسبير، وهو من أجلّ الخطوط العربية وأصعبها، ويليه النسخ ثمّ الفارسي، وضع قواعده ابن مقلة، وجوّده ابن البوّاب وأبدع فروعه، وبلغ شأوا عظيما في عهد ياقوت، ووصل درجة الكمال في المحضرة الخطية التركية على يد الخطّاط الكبير مصطفى راقم، وتبعه بعد ذلك العديد من الخطّاطين منهم سامي أفندي. كان يُكتب قديما بقطّة كبيرة، ثمّ طُوِّر إلى الثلثين، ثمّ صار إلى النصف، ثمّ إلى الثلث الذي سُمّي به، وهو خطّ أميل إلى التقوير منه إلى البسط بخلاف المُحقّق، والترويس فيه لازم، ولا يجوز فيه الطمس بحال، وقطّة قلمه محرّفة لأنّه يحتاج إلى تشعيرات لا تتأتّى إلاّ بحرف القلم، ويُروّس فيه من الحروف، الألف المفردة والجيم وأختاها، والطاء وأختها والكاف المجموعة، واللام المفردة والسنّ المُبْتدأة والهاء، وهو على نوعين، الثلث الثقيل، والثلث الخفيف (وربما قيل فيهما ثقيل الثلث وخفيف الثلث)، وطريقتهما واحدة لا اختلاف بينهما إلاّ في رقّة القلم وغلظه، وقال ابن الصايغ: الفرق بين الثلث الخفيف والثلث الثقيل، أنّ الثقيل تكون منتصباته ومبسوطاته قدر سبع نقاط، والثلث الخفيف يكون مقدار ذلك خمس نقاط، فإن نقص عن ذلك سُمّي القلم اللؤلؤي. وقد حلّ الخطّ الثلثي مع الخط النسخي محلّ الكوفي في كتابة المصاحف منذ العصر الأيوبي في مصر والشام، وثمّ أصبح لكتابة الخُمَل.

سُمّي بالثلث لأنّ عرض القلم الذي يُكتب به، يُساوي ثلث عرض قلم الطومار الذي اُستخرج منه، وقيل إنّ الخطوط كلّها تأخذ من المستقيمة والمستديرة نسبا مختلفة، فإن كان فيه من الخطوط المستقيمة الثلث سُمّي قلم الثلث، وإن كان فيه من الخطوط المستقيمة الثلثان سمّي قلم الثلثين.