معجم المصطلحات الكبير
بديع الزمان سعيد النُرْسي
أشْتات مجتمعات

أحد المجدّدين الذي أكرم الله به المسلمين في تركيا إبّان حكم كمال أتاتورك، فقد كان رمز الحرب الإسلامية لحكمه، وكان المحور الذي استقطب حوله أبلاف الشبّان المسلمين للصمود في وجه التتريك الكمالي، وقد مات أتاتورك وأتباع بديع الزمان يكثرون ويزيدون ويجمعون أمرهم اليوم للإصلاح، متّخذين من قواعد التربية والصحافة والسياسة منطلقا إلى هدف عظيم. وُلد بديع الزمان بتاريخ 1293 في نُرْس وهي قرية صغيرة تابعة لقضاء هيزان (أو حيزان) تمتد على سفح المنحدرات الجنوبية لسلسلة جبال طوروش الهائلة جنوب بحيرة وان بولاية بدليس (أو بتليس) في تركيا من أبوين كرديّين، كان والده «ميرزا» ورِعا يُضرب به المثل، وكان يُطلق عليه لقب «الصوفي ميرزا» دلالة على تقواه، بينما كانت أمّه تُدعى «نورية» وهي من قرية بلكان التي تبعد عن قرية نورس ثلاث ساعات مشيا، وبعد أن أتمّ سعيد تسع سنوات بدأ يتّجه إلى طلب العلم متأثّرا بتوجيهات أخيه الأكبر الملاّ عبد الله، فتنقّل بين المدارس المختلفة المبثوثة حوله في القرى والأقضية، ولم يكد يتمّ من العمر ثمانية عشر سنة حتّى أصبح في عداد فحول العلماء، وقد أتقن في هذه الفترة الكثير من العلوم، علوم اللغة والعلوم العقلية وعلم الأصول والفقه وعلوم القرآن، وانكشفت مواهبه عن حافظة عجيبة وذكاء حادّ، فحفظ جملة من مقامات الحريري، وحفظ القاموس المحيط إلى حرف السين، وحفظ كتاب جمع الجوامع في أصول الفقه في مدّة لا تزيد عن شهر، حتّى أصبح حديث أهل العلم وطلاّبه وأصبح يُلقّب «بسعيدي مشهور» أي سعيد المشهور.

بدأ سعيد النرسي حياته بالزهد والتقشّف، وسلوك سبيل الفلاسفة والحكماء، وقد اتّخذ من مبدأ: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» منهاجا لحياته يسير به نحو الورع والحيطة في جميع شؤونه، حتّى إنّه كثيرا ما كان يقتات بالأعشاب حين لا يتوفّر له القوت المطهّر من كلّ ريبة، كما كان شغوفا بطول الإقامة عند قبر الشيخ أحمد الخاني الشاعر الكردي المشهور على الرغم من الوحشة المحيطة بالقبر، ثمّ أخذ سعيد النرسي يهوى حياة السياسة حين ناهز العشرين من العمر، وبدأها في ماردين، ولمّا رأى واليها صراحته وقوّته في معارضة الأمور نفاه إلى بدليس، ولكن سرعان ما تمكّنت صداقة قويّة بينه وبين والي بدليس، جعلته يعيش معزّزا مكرّما. وفي صدر حياته هذه شعر بحاجة إلى الاستزادة من العلوم الكونية والطبيعية، فانكبّ على دراسة التاريخ والإراضة والتياسة والحِتاكة والفلسفة القديمة والحديثة وبعض اللغات الأجنبية، وقد كان نبوغه هذا سببا في أن يُطلق عليه العلماء لقب «بديع الزمان». ثمّ قصد اسطنبول سعيا وراء تأسيس مدرسة تُضاهي الجامع الأزهر باسم الزهراء، وصادف أن زار الشيخ بخيت مفتي الديار المصرية إذ كان إذ ذاك في اسطنبول، فاجتمع ببديع الزمان ودار بينهما حديث طويل، ثمّ سأله الشيخ بخيت هذا السؤال: ما تقول في حقّ هذه الحرّية العثمانية والمدنية الأوروبية؟ فأوضحت إجابة النرسي التلقائية مدى واقعيته وبعد نظره، فقد قال بالعربية: إنّ الدولة العثمانية حبلى بدولة أوروبية، وتوشك أن تلدها يوما ما، كما أنّ أوروبا حبلى بالإسلام وتوشك أن تلده يوما ما. فأثنى الشيخ على الإجابة وقال: إنّني أرى ما يقوله، ولا يُمكن لأحد أن يجيب بهذا الإيجاز وهذه البلاغة الرائعة سوى بديع الزمان. وحينما ظهرت في سنة 1908م حرّية محمّد رشاد وجمعية الاتحاد والترقّي، التي كانت تتقنّع بالدين ظاهريا وتُخفي رجس الماسونية واليهودية، بادرت مجموعة من رجالات الفكر الإسلامي إلى تأسيس جمعية إسلامية باسم «الاتحاد المحمّدي» فأنظمّ إليها بديع الزمان وسُرعان ما انضمّ إليها من شتّى أطراف الدولة العثمانية آلاف الناس، ثمّ راح بديع الزمان يُنادي بالشعارات نفسها التي ينادي بها الاتحاديون، ويُلحّ على ربط هذه الحرّية بتشريع الإسلام ومبادئه، وكان يُنادي بلهجة المُنذر قائلا: «إذا لم نلتجئ إلى الحرّية التي خطّ طريقها الإسلام فإنّ استبدادا واستعبادا عظيمين سيلحقان بنا، وسنُصبح ضحيّة للحرّية عمّا قريب. وفي حادثة 31 مارس 1909م التي أعدم فيها الاتّحاديون 15 مسلما، قُبض على بديع الزمان وأُتّهم بتأسيس جماعة سرّية، وقد دافع عن نفسه بكلام بليغ وممّا قاله: «إنّني أسعى منذ سنة ونصف إلى نشر المعارف في تلك الولايات الشرقية، وإنّ أكثر أهالي استنبول يعلمون هذه الحقيقة.. إنّني أقول لكم بكلّ صراحة: لست في أصلي إلاّ ابن أحد الحمّالين، وعلى الرغم ممّا تيسّر لي من أسباب الدنيا ورفاهيتها فإنّ شيئا من ذلك لم يستطع أن ينتزع عنّي هذه الحقيقة يوما ما!. وإنّ أجمل ما تتعلّق به نفسي من بقاع الدنيا، تلك الجبال الشاهقة الخضر التي وُلدت في سفوحها، ومع ذلك تركتها ورائي، وجئت أتنقّل بين جدران السجون والمعتقلات أملا في تحقيق الخير لأمّتي وأهلي!.. ومع هذا فقد عددتم هذه الأعمال التي ساقتني هذا المساق جريمة كبرى اقتضتني أن أقف مجرما أمام محكمة كبرى مثل هذه المحكمة» وسُرعان ما نشرت الصحف خطابه هذا في صفحات كبار تزيد عن العشر، وتجمهر آلاف المسلمين من أتباع بديع الزمان وغيرهم حول مبنى المحكمة يهتفون بملء حناجرهم: فلتعش جهنّم للظالمين.. وليعش الموت للمخرّبين. وكانت النتيجة أن حُكم عليه بالسجن لمدّة ثمّ أُخلي سبيله. ولم يدم بديع الزمان في اسطنبول كثيرا بعد ذلك، واتّجه إلى «وان». وهناك انصرف للتعليم والتوجيه والتأليف.

ولمّا قامت الحرب الأممية الأولى تطوّع فيها بديع الزمان برتبة ضابط كبير، ومسؤول ديني في فرقة «وان» ثمّ أُرسل إلى الأمام عند مدينة أرضروم، وقام النُّرْسي بكلّ واجباته العسكرية من أجل أن ينال شرف الجندية، و في الثاني من أغسطس عام 1914م عُقد اتفاق سرّي بين الحكومة العثمانية التي مثّلتها مجموعة صغيرة من القادة الأتراك الصغار وألمانيا، وقد ترتّب عن هذا الاتّفاق انضمام الدولة العثمانية إلى دول المحور ضدّ الحلفاء، وقد قاتلت الوحدات بضراوة وبسالة منقطعة النظير، ولو ظلّ النرسي في هذا المرحلة على حاله كمفتي عسكري لشارك بفعالية في القتال إلاّ أنّه من أجل رفع الروح المعنوية للمتطوّعين في الظروف الحرجة، كان قلّما ينزل إلى الخنادق، بل كان يتحرّك بفرسه في مقدّمة الصفوف الأمامية في المعارك، وقد وصفت الحكايات التي تناقلها الجنود الذين حضروا معركة «باسينلر» تحرّكات النرسي بفرسه حول الخنادق محتقرا القذائف الروسية، وقد تحدّث عنه أحد الجنود ويُسمّى «مصطفى يالجين» من فرقة النرسي في «باسينلر» قائلا: كان قائدنا هو الملا سعيد، وكانت هناك جماعات من الروس والأرمن يهاجموننا من دون توقّف، وكان الرجل يعلّمنا أمور الدين كلّ ليلة، وقد قاتلنا قتالا مريرا ضد الروس في «باسينلر» مع الملا سعيد، وقد اعتاد الرجل أن يرتدي عمامة ولكن أثناء القتال كان يرتدي ما نسمّيه «بالقلنسوة اللِّبادية» وقد جُرحتُ في «باسينلر» وانسحبت حيث وقعت إحدى الشظايا على وركي، .. وأثناء هذه الحرب الشيطانية كان الرجل يكتب كتابا، وكان تلاميذه يدوّنون ما يلقّنهم إياه، وكان أيضا فارسا بارعا، وكان الناس يرفعون الصخور الضخمة ويقذفون بها الروس. واعتاد الرجل أن يقول لنا: لا تخافوا من شيء فإيمان الرجل المسلم أقوى من أي شيء. وكان يقرأ لنا كلّ ليلة من الكتب التي ألّفها، وكنت لا أفهم من ذلك كثيرا لأنّني لم أكن متعلّما، ولكنّني كلّما رأيت الملاّ سعيد كانت شجاعتي تزداد، ومع أنّه شخص عظيم، إلاّ أنّه كان يتعامل معنا برفق شديد. والكتاب الذي تحدّث عنه هذا الجندي كان كتاب «إشارات الإعجاز» وهو أوّل مؤلّف له بالعربية وقد كان في التفسير.

وعندما شنّ الروس على مدينة بدليس هجوما عنيفا وجدوا مقاومة شديدة من العثمانيين، وكانوا على وشك الانسحاب حتى قادهم بعض الأرمن إلى جنوب بدليس، وقطعوا الطريق التي تأتي من سعرد وسيطروا على جسر العرب، ونصبوا الأسلحة الآلية عند نقاط حيوية وأطلقوا النار فقتلوا كثيرا من الناس، واستطاعوا في النهاية دخول المدينة، ولم تبق سوى سرية صغيرة أصرّت على أن تقاتل حتى النهاية، وقد كان من بينهم سعيد النُرسي، حيث وقع أسيرا في أيدي الروس، وذات يوم دخل أحد الضبّاط الروس إلى معسكر الأسرى في «قصتورما» وهو نيقولا نيقولافيتج عمّ القيصر وقائد القوّات الروسية في القوقاز، وأثناء تجوّله كان يقوم له الأسرى ما عدا بديع الزمان الذي لم يلق له بالا ولم يحرّك ساكنا، وقد انتبه لذلك القائد الروسي فعاد ليمرّ به ثانية وثالثة، والنُرسي لم يعره اهتماما، ثمّ وقف أمامه وقال له على لسان المترجم: لعلّك لا تعرفني؟، فأجاب النُرسي: بل أعرفك، إنّك ذلك الذي تُدعى نيقولا، فقال القائد: إذن فأنت تستهين بعظمة روسيا؟ فقال: معذرة فأنا لم أفعل غير ما تأمرني به عقيدتي، فسأله القائد: وما الذي تأمرك به عقيدتك؟. فأجاب النُرْسي: إنّني عالم من علماء المسلمين وقلبي يملؤه الإيمان، ومن ثمّ فالمؤمن أفضل من الكافر، ولو قمت لك لكان في ذلك إهانة لمعتقداتي، ولذلك لم أقم. وكان من نتيجة ذلك أن أُقيمت له محكمة عسكرية وحُكم عليه بالموت، وحينما جاءت وحدة لتنفيذ الحكم، فوجئ بالقائد نفسه يتقدّم إليه قائلا: إنّي أجلّ فيك هذا الدين الذي أعزّك إلى هذا الحدّ، وعفا عنه. وبعد ذلك نُقل إلى سيبيريا وبقي هناك فترة طويلة يُعاني البرد القارس، وفي خضمّ الفوضى التي أحدثتها الثورة البلشفية تمكّن النرسي من الهرب في ربيع 1918م، ووصل إلى استانبول بعد جُهد عن طريق ألمانيا ثمّ فيينّا ثمّ بلغاريا.

وبعد انتهاء الحرب الأممية الأولى استولى الكليز على اسطنبول سنة 1918م ودمّروا المدافع في مضيقها، طرح في تلك الأيام رئيس أساقفة الكنيسة «الأنكليكانية» ستة أسئلة على المشيخة الإسلامية، وكان الغرض منها البدء بسلسلة مؤامرات على الإسلام وزرع بذور الفرقة، وطُلب من النرسي بصفته عضوا في دار الحكمة أن يقوم بإعداد أجوبة عن تلك الأسئلة بستمئة كلمة حسب طلب الكليز، ومضى النرسي مستشعرا الإهانة التي لا تُغتفر من جانب الكليز، فسطّر بعض الكلمات البليغة التي كانت إهانات أكثر منها أجوبة، مستهدفا الدفاع عن بيضة الإسلام، فكان جوابه: إنّ هذه الأسئلة لا يُجاب عليها بستمئة كلمة، ولا بست كلمات، ولا بكلمة واحدة، بل ببصقة واحدة على أفواه السائلين. فحُكم عليه بالموت، ثمّ عُدِل عن ذلك خوفا من ثورة الأناضول. وكتب فيما بعد: لأنّه عندما داست تلك الدولة بأقدامها مضيقنا وأخذت بخناقنا كما ترون ينبغي البصاق في وجه رئيس أساقفتهم إزاء أسئلته التي سألها بكل غرور، ولهذا قلت: ابصقوا في وجوه الظلمة التافهة. ثمّ كتب عن هذه الحادثة في كتابه الرموز: ألقاك أمرؤ ما في الوحل وحاول قتلك، وعلى الرغم من ضغطه بقدمه على رقبتك، فإنّه يسألك باستهزاء إلى أي المذاهب تنتمي، والإجابة الدامغة لهذا السؤال هي أن تستاء وتصمت، وتبصق في وجهه، فليس هو بموضع خطابي وإنّما جوابي لمن يُلقي السمع وينشد الحق:

- ما دين محمد؟ الإجابة: القرآن.

- ماذا قدّم للحياة والفكر؟ الإجابة: الوحدانية في الفكر والوسطية.

- ما هو العلاج لمشكلات الإنسان؟ الإجابة: تحريم الربا وفرض الزكاة.

- كيف ينظر الدين للاضطرابات البشرية؟ الإجابة: السعي هو الأساس، وألاّ تتكدّس ثروة الإنسان بيد الظالمين، ولا يكنزوها، وشاهدي قوله تعالى: وأنْ ليْس لِلإْنْسانِ إلاّ ما سعى. النجم 39. والذين يكْنِزُون الذهب والفِضّة ولا يُنْفِقُونها في سبِيلِ اللهِ فبشِّرْهُمْ بعذابٍ ألِيم. التوبة 34.

وحينما تمّ عصيان الأناضول، كان مصطفى كمال على رأس الحركة، اِستدعى بديع الزمان إلى أنقرة لتكريمه في احتفال كبير، ولكنّه فوجئ حينما وصل إليها بخيبة أمل كبيرة، إذ شعر بالاتجاه نحو معاداة الشريعة الإسلامية، وحينئذ قاطع احتفال تكريمه، وسرعان ما اختفى من بينهم، ثمّ أرسل رسالة مطوّلة إلى أعضاء المجلس النيابي الذي كان مصطفى كمال رئيسا له، ضمّنها نصائح لهم، وجعل علوانها: اعلموا أيها المبعوثون أنّكم مبعوثون ليوم عظيم، وكلمة مبعوث تُستعمل في اللغة التركية بمعنى النائب، وكان من تأثير هذه الرسالة التي تولّى إلقاءها «كاظم قرة بكر» أن استقام على التديّن وإقامة الصلاة ستّون نائبا، غير أنّ هذا أثار حفيظة مصطفى كمال، فاستدعاه إلى ديوان المجلس النيابي وقال له: لا ريب أنّنا في حاجة إلى تقدير مثلك، لقد دعوناك إلى هنا للاستفادة من آرائك المهمّة، ولكنّ أوّل عمل قمت به لنا هو الحديث عن الصلاة، لقد كان أوّل جهودكم هنا هو بثّ الفرقة في أهل هذا المجلس. فأجابه بديع الزمان مشيرا إليه بإصبعه في حدّة: باشا.. باشا.. إنّ أعظم حقيقة تتجلّى بعد الإسلام إنّما هي الصلاة، إنّ الذي لا يصلّي خائن، وحكم الخائن مردود.

ومع ذلك فقد كان يرجو أنّ يخرج من ظلام الحكومة الكمالية نور يقلب سعيها إلى خدمة الإسلام، وكان ينتهز الفرصة تلو الأخرى لنصح مصطفى كمال وتحذيره من الانحراف عن جادّة الإسلام، بيد أنّ كمال لم يكن يوافق على شيء من آرائه ولكنّه أراد أن يستجلب قلبه لمكانته من الناس فجعله رئيسا للوعّاظ في شرق الأناضول كلّه وعضوا في رئاسة جامعة «دار الحكمة» ومنحه بيتا فخما يسكن فيه وجعله من المقرّبين، غير أنّ بديع الزمان لم يوافق على قبول شيء منه، ولم يلبث أن فارق أنقرة إلى وان، ثمّ انزوى هناك عن الحكّام والناس عام 1921م، وكان هذا التاريخ هو الحدّ الفاصل بين مرحلتين مختلفتين من حياة بديع الزمان، وكان يطلق بعد ذلك على هذه المدّة قبل هذا التاريخ من حياته اسم «سعيد القديم» ويُطلق على نفسه فيما بعد ذلك اسم «سعيد الجديد».

بدأ بديع الزمان حياته الجديدة بالابتعاد عن السياسة والحكّام، وراح في الوقت نفسه يبعث صيحات التوجيه والإرشاد بين الشباب المثقّف على الخصوص متضمّنة في رسائله التي عُرفت فيما بعد برسائل النور وعُرف أنصارها بجماعة النور. وقد كان المسار المخطّط لتركيا الخاص بالتوجه نحو الغرب قد تمّ الانتهاء منه مع حلول ربيع 1926م، وبدأ التتريك بالتخلّص أوّلا من الحروف العربية لتحلّ محلّها الحروف اللاتينية، وتمّ إحلال التركية محل اللغة العربية، إذ اُعتبر الإبقاء على اللغة العربية مخالفا لمبدأ القومية، وهو أحد المبادئ الستة، ومن ثمّة فمنذ عام 1926م تم منع رفع آذان الصلاة بالكلمات العربية المجيدة، وهو رمز الإسلام وسمة من سماته العظيمة، وحلتّ مكانها صيغة تركية، وكان هذا ممّا أثار استياء شعبيا واسعا أكثر من أي إجراء علماني آخر، وظلّ معمولا به إلى أن أبطلت الحكومة الديمقراطية العمل به في يونيو 1950م كواحد من أولى خطواتها التشريعية، وقد أسكت النظام القهري الذي مارسه حزب الشعب الجمهوري كلّ معارضة، حيث أخذ الأئمة والعلماء النصيب الأوفر من هذا القهر، وقد كانت رسائل بديع الزمان أوّل عقبة اعترضت طريق مصطفى كمال في صبغ المجتمع بالصبغة الغربية وعلمنته علمنة كاملة، فصدرت الأوامر من مصطفى كمال بسوق بديع الزمان إلى «بارلا»

مراجع

  • شكران واحدة. الإسلام في تركيا الحديثة، بديع الزمان النورسي. ترجمة: محمّد فاضل، 2007. طبعة خاصّة.
  • من الفكر والقلب: فصول من النقد في العلوم والاجتماع والأدب. محمد سعيد رمضان البوطي. دار الفقيه، أبوظبي، الإمارات.

سعيد بديع الزمان النُّرْسي (1293-1379).