ولد «لودفيك زامنهوف» في بياويستوك في بولندا ابنا لمدرّس لغة فرنسية وألمانية يوم 15 ديسمبر من سنة 1859م، وهو طبيب عيون من يهود اليديشية. أخذ عن أبيه مارك زامنهوف Mark Zamenhof الروسية لغته الأولى وأخذ عن أمّه روزاليا Rozalia اليديشية، فكّر أن يكتب نحوا للغة اليديشية ولكن بدأت تسيطر عليه فكرة كتابة لغة عالمية، كما فكّر أيضا في تأسيس ديانة عالمية تُسمّى الهليلية نسبة إلى الحاخام اليهودي هليل، وقد كان أيضا من بين أوائل أعضاء جماعة أحبّاء صهيون، وفي سنة 1887م نشر زامنهوف مخطّطا للغته الدولية «ينوا ليبرو» باللغة الروسية تحت اسم مستعار هو الدكتور اِسْبِرَنْتو (بمعنى الدكتور المؤمِّل أي الذي عنده أمل). وقد أصبحت كلمة اسبرنتو اسم اللغة التي وضعها. وهي لغة يستند نحوها إلى التركيب النحوي في اللغات الأوروبية. ولكن نحو الإسبرنتو يسير، إذ يتكوّن من 16 قاعدة ويخلو من أي شذوذ، وقواعد اشتقاق الكلمات سهلة، إذ يمكن توليد كلّ الكلمات المطلوبة من عدد صغير من الكلمات الأساسية البالغ 990 كلمة وحسب (بالقياس إلى نحو 20 ألف كلمة في كلّ لغة) ومن ثمّ فمفرداتها كثيرة إلى التلاني أي إلى ما لا نهاية، وقد فكّر زامنهوف أن يجعل الاسبرنتو لغة المستوطن الصهيوني، إلاّ أنّ «أليعازر بن يهودا» كان قد بدأ عملية بعث العبرية.

عُقد أوّل مؤتمر للاسبرنتو في فرنسا أيّام 5 حتى 12 أوت من سنة 1905 وقد حضره زامنهوف، وشكّل هذا المؤتمر أسعد أيّام حياته فقد اعتقد أنّ هذه اللغة يمكن أن تكتسح شرائح عريضة من المجتمعات الدولية، وستتكلّم بها شعوب كثيرة مختلفة الأعراق، ثمّ عقدت تسعة مؤتمرات أخرى حضرها زامنهوف مع زوجته كلارا klara، إلاّ أنّ المؤتمر الثاني في سنة 1914 كان قد ألغي بسبب الحرب الأممية الأولى. في خلال انتشار هذه اللغة، تلقى زامنهوف العديد من الانتقادات عليها، في بداية الأمر كان يردّ على هذه الانتقادات في جريدة الاسبرنتيستو La Esperantisto ثمّ أدرك أنّ ما يعجب البعض في هذه اللغة قد لا يعجب البعض الآخر، فاتّخذ قرارا بعدم تغيير الاسبرنتو وشاركه في ذلك أغلبية الاسبرنتيين، وعلى الرغم من أنّه كانت هناك عدّة محاولات لتطوير لغات عالمية، فإنّ الإسبرنتو ما تزال هي أشهر هذه اللغات، ويبدو أنّ زامنهوف كان يدور في إطار فكر عصر الاستنارة الذي يعادي كلّ الخصوصيات حتّى يظهر الإنسان الطبيعي، ومن ثمّ فقد طوّر لغة عالمية محايدة هي الاسبرنتو وديانة عالمية هي الهليلية، ليساعد ذلك على ظهور إنسان عام محايد لا يتمتّع بأية خصوصية قومية أو دينية. يحتفل في يوم 15 ديسمبر من كلّ عام في الثقافة الإسبرنتية «بيوم زامنهوف» وهو يوم ميلاده، ويقيم الإسبرنتيون العديد من التجمّعات والنشاطات حول العالم احتفالا بهذا العيد. وقد تُوفّي زامنهوف في يوم 14 أفريل من سنة 1917م ودفن في المقبرة اليهودية بوارسو.