معجم المصطلحات الكبير
اِتِّفاقِية الأُمم المُتّحِدة لِمُكافحة الفساد
الفساد

إنّ جميع الدول تُدرك خطر الفساد ومدى تأثيره على التنمية البشرية والتطوّر الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وتهديده الدائم لاستقرار المجتمعات وأمنها، وتعطيل الأحكام وتقويض الأخلاق، وقد تبلور هذا الإدراك على شكل مجموعة من القوانين الدولية التي تناولت موضوع الفساد من خلال بيان خطره وسبل الوقاية منه بفعّالية من دون المساس بالسيادة الوطنية وضمن أطر التعاون والتكامل الدوليين، وأبرز هذه الأطر هي «اتّفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد»، وقد جاءت نتيجة الخوف من استشراء الفساد وبلوغه حدّا مقلقا لكثير من الدول، ونتيجة الجهود الحثيثة التي قادتها الأمم المتّحدة ووكالاتها من أجل الوصول إلى إطار جامع يمكن من خلاله مكافحة الفساد بصورة فعّالة. سبق هذه الاتفاقية عدد من الوثائق التي صدرت عن الأمم المتّحدة، منها قرار الجمعية العامّة الذي اعتمد المدوّنة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العموميين، والقرار الذي اعتمد «اتّفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الجريمة المنظّمة عبر الوطنية»، والقراران الصادران بشأن منع ومكافحة الممارسات الفاسدة، وتحويل الأموال المتأتّية من مصدر غير مشروع، وإعادة تلك الأموال.

في ديسمبر سنة 2000م قرّرت الجمعية العامّة للأمم المتّحدة إعداد اتفاقية دولية لمكافحة الفساد، تكون مستقلّة عن «اتّفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الجريمة المنظّمة عبر الوطنية»، بحيث يتمّ التفاوض حولها ووضعها في فيينا (النمسا) عبر لجنة مخصّصة لذلك. وقد شُكِّلت لجنة لصياغة الاتفاقية، رفعت تقريرا عن أعمالها إلى الجمعية العامّة في أكتوبر سنة 2003م، موصية باعتماد نصّ الاتفاقية. في 31 أكتوبر سنة 2003م اعتمدت الجمعية العامّة «اتّفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد»، وفتحت باب التوقيع عليها في مؤتمر التوقيع السياسي الرفيع المستوى في ميريدا (المكسيك) بين 09 إلى 11 ديسمبر 2005م، ودخلت حيّز النفاذ في 14-12-2005م، وكان عدد الأطراف فيها 104 دولة. تتألّف هذه الاتّفاقية من مقدّمة وإحدى وسبعين مادّة مقسّمة على ثمانية فصول، تناول الفصل الثاني منها، التدابير الوقائية الواجب تبنّيها للوقاية من الفساد، تشجيع التعاون الدولي، ترسيخ القيم المضادّة للفساد، تشجيع النزاهة والشَّفافة والمُساءلة وقيام هيئات متخصّصة لمكافحة الفساد. خصّصت الاتفاقية مادّة كاملة ومفصّلة لتدابير منع غَسْل الأموال، والخطوات الواجب اتّخاذها في هذا المجال. وتناول الفصل الثالث تجريم أشكال الفساد كرشوة الموظّفين العامّين والاختلاس وغسل العائدات الإجرامية، وإعاقة سير العدالة، وضمّ أيضا أمورا إجرائية عديدة كالملاحقة والمقاضاة والجزاءات والتجميد والحجز والمصادرة، وحماية الشهود والخبراء والضحايا، وحماية المبلّغين، والتعاون بين كافّة السلطات المعنية بمكافحة الفساد. أمّا الفصل الرابع فقد تناول التعاون الدولي وتسليم المجرمين ونقل الأشخاص المحكوم عليهم، والأحكام التي تتعلّق بالمساعدة القانونية المتبادلة، والتعاون في مجال إنفاذ القانون وغيرها من مستلزمات التعاون الدولي الفعّال في هذا الشأن.

من خلال ما سبق ذكره، يمكن إبراز أهمية هذه الاتّفاقية فيما يلي (الفارس، 2008م):

  • 1- تمّ إنجاز الاتفاقية بصورة توافقية بعد جهود مكثّفة، ومفاوضات حثيثة شارك فيها زهاء 128 دولة ومجموعة كبيرة من وكالات الأمم المتّحدة، ومنظّمات حكومية دولية، ومنظّمات غير حكومية.
  • 2- تأتي الاتّفاقية لتكمل سَتَلَة من القرارات والاتّفاقيات الدولية التي سبقتها، وتشجّع الجهود الوطنية والدولية لمكافحة الفساد.
  • 3- تمثّل الاتّفاقية تخطيطا شاملا لمكافحة الفساد، تعتمد على مجموعة من التدابير التشريعية وغير التشريعية، وتنشئ لنفسها مِيفاقا (آلية) لمراقبة التنفيذ من خلال مؤتمر الدول الأطراف، وتستهدف تحقيق التعاون القضائي على كافّة الأصعدة لمكافحة الفساد.
  • 4- تمثّل الاتّفاقية تطوّرا هامّا في تاريخ الإنسانية، من حيث التوصّل إلى توافق دولي حول عدد من المفاهيم التي يتحكم العمل بها في مكافحة الفساد.
  • 5- تجسّد الرؤية الدولية لماهية التدابير والإجراءات الواجب اتّخاذها لمكافحة الفساد.
  • 6- اتّسامها بإجراءات للتجريم والعقاب لا سيما في القطاع الخاصّ.
  • 7- من أهمّ ما تضمّنته الديباجة، تأكيدها على أنّ منع الفساد والقضاء عليه مسؤولية تقع على كاهل كلّ الدول، مع تظافر جهود المجتمع الأهلي والمنظّمات غير الحكومية ومنظّمات المجتمع المدني.

لغة كلزية

United Nations convention against corruption
لغة فرنسية

convention des Nations Unies contre la corruption
مراجع

  • تجريم الفساد في اتفاقية الأمم المتّحدة، دراسة تأصيلية مقارنة، رسالة مقدّمة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الحَذاقِية في قسم العدالة الجنائية، تخصّص التشريع الجنائي الإسلامي، من لدن الطالب: أحمد بن عبد الله بن سعود الفارس (2008م). الرياض، المملكة العربية السعودية.