معجم المصطلحات الكبير
مُراوغة حكومية
الإعلام والاتصال

«المُراوغة الحكومية» مصطلح سيّء السمعة، أصبح بالنسبة للكثير من الصحافيين مترادفا مع تحريف الحقائق، أو إغفالها، أو اختلاق الكذب الصريح، لتضليل الصحافيين ومن ثمّ تضليل الجمهور عن بعض القضايا التي لا ترغب الحكومات في الاطّلاع عليها، لا سيّما المرتبطة بالفضائح والفساد، فالمسؤول أو أي مصدر آخر للمعلومات الذي يدلي بتصريحات، ومُقدِّما في الوقت نفسه معلومات وتفسيرات ربّما يريد أن تُعطى لوجهة نظره تركيزا إضافيا، فيخدم بذلك غرضا مخفيا يسعى لتحقيقه، فالمكالمة الهاتفية من مسؤول إعلامي يحاول من خلالها تحويل اهتمام الصحافي إلى حدث هامشي لينشغل به عن آخر ربّما يحتوي على إحصائيات مخزية، أو ربّما فضيحة، ويفعل المسؤول الإعلامي ذلك حين يدرك أنّ الصحافي على وشك كشفه، لذلك يسأل الصحافيون في العادة أنفسهم: لماذا الحرص إلى هذا الحدّ على توجيه الاهتمام نحو هذا الموضوع بعينه؟ طبعا، ليس كلّ رسالة حكومية مباشرة مراوغة سافرة، ففي بعض الأحيان تكون المعلومات المقدّمة تتعلّق بحدث أكثر إثارة للاهتمام بكثير ممّا كان يتوقّع المندوب الصحافي.

من أشكال المراوغة الأخرى تسريب الأخبار السيّئة مُبكّرا، وذلك للتخفيف من وطأة الإعلان عنها لاحقا، ولتقييم تأثيرها على الرأي العام، من خلال ردود أفعال الصحافيين. في فبراير من سنة 1999م، كانت المفاوضات منعقدة بين قادة الصرب وألبان كوسوفو في ضاحية «رامبوييه» الفرنسية، بعدها مباشرة خرج مسؤولان بريطانيان وصرّحا للصحافة بفشل هذه المحادثات، لكنّهما سيحاولان إحياءها في غضون أسبوعين، وفي خلال أقلّ من شهر، مهّد هذا الإخفاق السياسي الطريق أمام حملة القصف التي شنّها حلفاء الناتو، فقد كان الهدف من تسريب نتائج المحادثات اختبار ردود أفعال الصحافيين المحتملة إزاء مؤتمر صحافي مزمع القيام به. ثمّة نوع آخر من تصريحات المسؤولين على أنّ ما حدث في العلن يختلف اختلافا بيّنا عمّا جرى خلف الأبواب المغلقة. مثلما صرّح به الرئيس الروسي «بوتين» قُبيل غزو العراق، فقد عبّر بوضوح تام عن تحفّظه إزاء استعمال القوّة ضدّ صدّام حسين. وعندما زاره «توني بلير» في موسكو سنة 2002م، في محاولة لثنيه عن معارضته، رفض الرئيس الروسي في مؤتمر صحافي مشترك التخلّي عن موقفه، كما رفض تقارير المخابرات البريطانية بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية، واصفا إيّاها بالدعاية، ثمّ نظر نحو «بلير» بحدّة معلنا أن روسيا ليست سوقا تباع فيها الولاءات أو تشترى، واستمع الصحافيون إلى كلماته في ذهول شديد، فالعلاقات بين الرجلين كانت جيّدة، لكن بدا أنّها لم تعد كذلك. بعدها خرج مسؤول في الحكومة البريطانية وقال لبعض الصحافيين أنّ «بوتين» كان أكثر لطفا خلف الأبواب المغلقة، وأضاف: «أنّ لهجته العدائية لم يستهدف بها سوى الصحافة الروسية، إنّنا في الواقع في غاية الرضا عن اللقاء، إنّهما متفاهمان تماما». إلاّ أنّ الرئيس «بوتين» انظمّ لاحقا إلى فرنسا في معارضتها لغزو العراق، وواصل انتقاداته للغزو منذ ذلك الحين.

لغة كلزية

government shuffle
مراجع

  • التغطية الإخبارية الدولية، بين الخطوط الأمامية والمواعيد النهائية. تحرير: جون أوين وهيذر بيردي. ترجمة: نيرة محمّد صبري. الناشر مؤسسة هنداوي سي آي سي، 2017م. المملكة المتّحدة.