هو «لافاييت رونالد هوبارد» Lafayette Ronald Hubbard، مؤسّس الجماعة الرُّونية ونِحلتها، ولد في 13 مارس 1911م في ولاية نبراسكا، درس الهندسة مدّة عامين في جامعة جورج واشنطن، وفي الثلاثينيات من عمره بدأ بكتابة قصص الخيال العلمي ليتكسّب منها، ثمّ التحق بالبحرية الأمريكية سنة 1941م بعد إعلان الحرب الأممية الثانية عقب قصف ميناء «بيرل هاربور» الشهير، فتحصّل على رتبة ضابط، وبعد فترة أقلّ من عام قضاها هوبّارد في سواحل أستراليا تمّ إعفاؤه من الخدمة الميدانية لمخالفته أوامر قادته، وتمّ تقييم أدائه خلال هذه الفترة «بغير المرضي» ثمّ أُرسل بعدها إلى إحدى المدارس البحرية لدراسة صِنْعات معارك الغواصّات، بعدها قضى قرابة ثلاثة أعوام في ساحل ولاية أوريغون الأمريكية، كان يدّعى أنّه دمّر غوّاصتين يابانيتين، واتّضح فيما بعد عدم وجود أية غوّاصات يابانية بالمنطقة، وكان الهدف الذي يصرّ هوبّارد على قصفه دائما ليس إلا حقلا مِنداليا (مغناطيسيا) طبيعيا ومعروفا للرصيف البحري، ثم نُقل هوبّارد إثر قصفه بالخطأ لجزيرة مكسيكية إلى الخدمة غير الميدانية. ثمّ خرج من البحرية سنة 1950م بعد إصابته بالعمى الجزئي والعرج وبدأ يكرس حياته للبحث داخل الإنسان، عن القدرات التي تمكنه من التغلب على الصعاب وتحقيق أحلامه في السعادة الروحية المنشودة منذ الأزل، فنشر أحد أهم أعماله، الذي كان بمثابة الوحي الأكبر الذي بُنيت عليه لاحقًا الديانة الرونية بأكملها.
في سنة 1950م نشر هوبّارد كتابه ديانتيكس: العلم الحديث للصحة العقلية Dianetics: The Modern Science of Mental Health شرح فيه أفكارا خاصّة به لا يشاركه فيها أحد، فمبدأ الكتاب الأساسي حول عقل الإنسان، الذي يقسّمه هوبّارد إلى شقّين العقل التحليلي analytical mind والعقل الرِّجاعي reactive mind، ويرى هوبّارد أنّ كلّ المدخلات السلبية العقلية تمرّ عبر العقل التحليلي، ثمّ تُسجّل في العقل الرِّجاعي على شكل إنغرامات engrams تسبّب للإنسان الاضطراب في التفكير، ولا يمكن التخلّص منها إلاّ بالعلاج عن طريق عملية استماع أو تدقيق، يقوم بها متخصّص ليصل الشخص بعدها إلى حالة من الصفاء clear، ويتمّ ذلك من خلال جلسة استحضار الذكريات السلبية بين المُعالج والشخص أثناء توصيله بجهاز ابتكره «هوبارد» سمّاه إي-ميتر E-meter اختصارا لمصطلح electrophsycometer يشبه في طبيعة عمله جهاز كشف الكذب، ويقيس من خلاله المستمع مشاعر وتفاعلات الشخص، ويقيّم من خلال قراءات الجهاز مدى تخلّصه من «الإنغرامات» السلبية التي تشوّش صفاء روحه. حقّق الكتاب عند طرحه أوّل مرّة أرباحا كبيرة ساهمت في صعود نجم هوبّارد في المجتمع الأمريكي، وفي عام 1961م بدأت المؤسسة الرسمية الأمريكية لخدمات الدخل IRS المتخصّصة في شؤون المحاسبات الضريبية بالتحقيق في شأن «هوبّارد» بتهمة التهرب الضريبي، باعتبار أن أنشطته كلها «تجارية»، وتخضع للاقتطاع الضريبي هنا قرر «هوبّارد» استغلال خبراته السابقة في العمل البحري، وفرّ إلى البحار دون وجهة محدّدة وبرفقته مجموعة من أتباعه المخلصين، وهناك أنشأ الكيان الرسمي للكنيسة الرونية ومنظمة تابعة لها أسماها «منظمة البحر» sea org ووضع لها مجموعة من القواعد المنظِّمة لتكون بمثابة الذراع اليمنى للكنيسة، تضمّنت هذه القواعد عقد التزام وتعهّد بالولاء لخدمة الرونية مدة دَلْف trillion سنة أثناء تلك الحياة، وهو تقليد ما زال سائدا إلى اليوم في الرونية، وفي الحيوات القادمة باعتبار أبدية الروح والتناسخ، وأقرّ عدّة قوانين صارمة تقضي بمعاقبة الأفراد المخالفين والعُصاة بإلقائهم في البحر، وبعد قضاء فترة طويلة جاب فيها العديد من الموانئ حول العالم كان قد تمّ الحكم عليه في قضية التهرب الضريبي، وصار غير مرحّب به في العديد من الموانئ في العالم بصفته مطلوبا للعدالة.
بحلول عام 1970م لم يستطع «هوبّارد» البقاء بعيدا عن وطنه، وهذا ما اعتبره «معركته» ضد مؤسسات الدولة المالية، فتسلل عائدا إلى أمريكا عبر أحد شواطئ ولاية «فلوريدا» دون أن يتم القبض عليه، وعاش مختبئا متهربا من سلطة الضرائب طيلة حياته، وأدار الكنيسة في الظل من خلال شبكة من معاونيه وزوجته الثالثة «ماري سو هوبّارد»، وهنا قرر هوبّارد العمل بأحد أهم المبادئ التي وضعها وهو مبدأ «اللعبة العادلة» fair game والذي يتلخص في «الهجوم» بشراسة على كل من يحاول أن يهاجم الكنيسة، وعدم انتظار «الدفاع». في 24 يناير 1986، توفي هوبّارد إثر سكتة دماغية مفاجئة عن عمر ناهز 74 عاما، حينها كانت قد وصلت ديانته إلى قمّة صراعاتها مع المجتمع الأمريكي، والمؤسّسات الحكومية. ومن دون أية توصيات بالخلافة تقلّد زمام الأمور الرجل الأول بعد «هوبّارد»، وهو رئيس الكنيسة الرونية الحالي «ديفيد ميسكافدج» David Miscavige الذي قضى عمره كله تقريبا في خدمة سيّده ودينه الذي يؤمن به، وبدأ في الاستعداد لاستكمال الحرب التي بدأها رئيسه بكل قوة، وبدأ في تجنيد قواه لخوض الصراع ضد مؤسسة الضرائب الأمريكية لحسم الجدل، واستطاع أن يربح المعركة ويسجّل اعتراف الولايات المتّحدة بالديانة الرونية، وأن يتمّ إعلان حقوق الملكية الفكرية لجميع محتوى الديانة وجميع أعمال هوبّارد الكتابية، والتي لا يجوز تناولها في أي مكان، أو عبر أي منصّة إعلامية تحت أي ظرف من دون موافقة الكنيسة، ومن ثم صارت هي المسؤول الرسمي عن تعليم محتوى الديانة والتبشير بها، وكذلك حقّها في عدم الإفصاح عن أي دخل مادّي أو رسوم أو تبرعات ترد إلى الكنيسة من قبل الأعضاء أو التابعين، وفي المحفل الرسمي السنوي للكنيسة الرونية عام 1993م، وقف «ديفيد ميسكافدج» أمام آلاف الحاضرين من أعضاء الكنيسة الرونية، وقال كلمته الشهيرة: «لقد ربحنا الحرب» وأدّى التحية العسكرية لصورة المؤسس الأوّل «ل. رون هوبارد»، وقال: «سيدي، لقد تَمّ».