معجم المصطلحات الكبير
رُؤْية إعْلامية إسْلامِية
الإعلام والاتصال

المقصود بالرؤية الإسلامية أو النظرية الإسلامية في الإعلام مُجرّد التصنيف الذي هو الاجتهاد في القياس والمقارنة، لأنّ الإسلام حقيقة وليست نظرية قابلة للخطأ والصواب. يشهد العالم الإسلامي اليوم اتّجاها عاما نحو العودة الشاملة إلى الأصول الإسلامية وطرح الآراء العلمانية جانبا، وهذا يُمكن أن يُدعّم وضع النَّهاجِل الإسلامية لتوجيه النشاط الإعلامي في المجتمعات الإسلامية، على الرغم من عقبات الفكر العلماني الذي اخترق هذه المجتمعات طول قرن من الزمان أو يزيد، والجهود المطلوبة من الباحثين المسلمين في مجال الإعلام تنحصر في صياغة مقولات علمية وأسس ومبادئ وقواعد توجّه بحوث الإعلام ودراساته في المجتمعات الإسلامية، وإرساء نظرية متكاملة في ميدان الإعلام مستمدّة من القرآن والسنّة النبوية المطهّرة والفكر الإسلامي السديد، مع العلم أنّه لا توجد حتّى الآن نظرية موحّدة للإعلام، على الرغم من التقدّم الكبير في البحوث التي أجريت لدراسة ظاهرة الاتصال، والتي تعتبر عملية الإعلام شِقّا منها.

لا يمكن الاعتماد في صياغة النظرية الإسلامية في الإعلام على واقع المسلمين الراهن، وذلك لتعثّر الجهود نحو صياغة النظرية السياسية الإسلامية، في وجود أنظمة علمانية وأخرى عسكرية في معظم بلدان العالم الإسلامي، زيادة على أنّ زمن المجتمع الإسلامي الصحيح قد انقضى، وأنّ واقع المسلمين اليوم ذو طابع اجتماعي وثقافي بعيد عن أسس الإسلام، وليس الإسلام مسؤولا عن تشكيل هذا الواقع المعاصر، بما فيه من تضعضع وتخلّف. والطبيعية الشمولية للإسلام لا تعني أنّ الشريعة قد حدّدت تفصيلات كلّ شيء في كلّ زمان ومكان، بحيث لم يصبح للمسلمين من الأمر شيء، فالشريعة قد حدّدت أُطُرا لا تتغيّر، وعلى أسس هذه الأطر يقوم البناء الاجتماعي أو الثقافي للمسلمين، ولهم الحقّ بعد ذلك في صياغة أي بناء يرتضونه لأنفسهم، فالنظرية الإسلامية مستقلّة عن معطيات زمان ومكان معيّنين، وهي بذلك تخالف النظريات الأخرى، كالنظرية «الليبيرالية» التي لا يمكن أن توجد بعيدا عن الواقع الذي أفرزها، أمّا النظرية الشيوعية فهي تختلف من زاوية أخرى، ذلك أنّها تفرض على الواقع أسسا وقوالب جامدة، وهي لا تفرد أي مساحة لمعطيات الواقع زمانا أو مكانا. وتعتمد الممارسات الاجتماعية لوسائل الإعلام أو غيرها على الحلال والحرام، فالإسلام لا يعوّل على الضمير الفردي أو المسؤولية الاجتماعية كأساس أخلاقي، فهذا الضمير قد ينحرف بالمؤثّرات الخارجية، والمسؤولية الاجتماعية قد تخالف مقاصد الشريعة، لأنّها تخضع للعرف الاجتماعي والتقاليد السائدة التي تكون مخالفة للشريعة في كثير من الأحيان، فالوازع الأساسي للأخلاق الإسلامية هو الثواب والعقاب.

تعتمد فلسفة عمل البَلَغ في الإسلام على نفي ما يخالف العقيدة أو يلحق الضرر بالمجتمع، أكثر ممّا تعتمد على تحديد كل ما هو صالح، كما أنّ النظرية الإسلامية لا تحدّد نمط ملكية وسائل الإعلام، ولا مصادر تمويلها، لكنّها معنية بالتأثيرات المختلفة التي قد تمارسها هذه العوامل على أداء هذه الوسائل لوظائفها في المجتمع المسلم. وتقوم النظريات الغربية على ثنائية القيد والحرّية، أمّا النظرية الإسلامية فإنّ مفهوم الحرّية يرتبط بالعبودية لله تعالى، وبالحرّية الذاتية المستقلّة، وبمسؤولية الفرد تجاه المجتمع، فالإنسان في المفهوم الإسلامي حرّ حرّية ذاتية مستقلّة وفي الوقت نفسه مسؤول أمام المجتمع، وعلى ذلك فإنّ الحرّية تصبح التزاما مسؤولا.

مصطلح قريب

مراجع

  • مصطلحات في الإعلام والاتصال. خضير شعبان، دار اللسان العربي. الطبعة الأولى، 1422، الجزائر.